يواصل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) سلسلة انهياراته السريعة في أحياء ومناطق مدينة الموصل وضواحيها، في تطوّر قد يفضي إلى اختصار توقعات نهاية المعركة قبل نهاية شهر مارس/آذار المقبل، خلافاً لتوقعات الحكومة العراقية والقادة الغربيين في التحالف الدولي، التي سبق أن أعلنت عن احتمال نهاية المعركة قبل فصل الصيف المقبل.
في هذا السياق، نجحت القوات العراقية، أمس الخميس، في استعادة السيطرة على مدينة تلكيف، في ضواحي الموصل، المعروفة بـ"الرئة الشمالية لها". وهو ما يعني كثيراً بالنسبة للقوات العراقية وكذلك "داعش". ووفقاً لمصادر عسكرية عراقية، فإن سيطرة القوات العراقية على مدينة تلكيف البالغة مساحتها نحو 23 كيلومتراً، تمّت خلال ثماني ساعات فقط، بمقاومة ضعيفة للغاية، من عناصر "داعش"، الذين انسحبوا منها باتجاه المحور الجنوبي الشرقي لنهر دجلة بشكل متفرق. في هذا الصدد، ذكر قائد الحملة العسكرية العراقية لاستعادة الموصل، الجنرال عبد الأمير رشيد، في بيانه، أن "القوات العراقية وبإسناد من طيران التحالف الدولي، تمكنت من تحرير قضاء تلكيف بشكل كامل ورفع العلم العراقي فوق مبانيه".
في غضون ذلك، كشفت مصادر عسكرية عراقية لـ"العربي الجديد"، أن "مساحة سيطرة مقاتلي التنظيم على المدينة تقلصت خلال اليومين الماضيين إلى نحو 45 في المائة من مجمل مساحة مدينة الموصل وضواحيها".
وأضافت أنه "لم يتبقّ سوى الساحل الأيمن الذي سيشكّل هو الآخر تحدياً أمام القوات العراقية، بسبب طبيعته المعقّدة عمرانياً وعشائرياً، بالإضافة إلى مسألة التضاريس وعبور نهر دجلة عبر الجسور العائمة التي استقدمتها القوات الأميركية، أمس الخميس، إلى مشارف المدينة للبدء بالمرحلة الثالثة من الخطة".
بدوره، أفاد قائد رفيع في جهاز مكافحة الإرهاب، لـ"العربي الجديد"، أن "القوات العراقية سيطرت على الحي العربي وفندق نينوى أوبري، وحي الرشيدية، في أحدث تطورات المعارك". كما أوضح اللواء سامي العارضي لـ"العربي الجديد"، أن "عمليات السيطرة على المناطق المتبقية في منطقة الغابات المحاذية لنهر دجلة مستمرة".
وبحسب مصادر عسكرية في الموصل، فقد "تحوّلت المناطق القريبة من ضفة نهر دجلة إلى ساحة معركة بين من تبقّى من عناصر داعش في الساحل الشرقي لمدينة الموصل وبين القوات الأمنية العراقية، في الوقت الذي شنّ فيه عناصر التنظيم قصفاً مكثفاً بقذائف الهاون من الضفة الغربية لمدينة الموصل، استهدفت فيها مناطق النبي يونس والفيصلية والمجموعة الثقافية، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف قوات مكافحة الإرهاب بينهم ضابطان إضافة إلى المدنيين".
وقد شهدت مدينة الموصل، خلال اليومين الماضيين، موجة نزوح كبيرة بعد اضطرار آلاف العائلات إلى ترك منازلها في مناطق الكندي والعربي والكفاءات الثانية والفيصلية بسبب المعارك الدائرة هناك وعمليات القصف المكثف التي تنفذها طائرات التحالف الدولي. وأكد مسؤولون محليون في المدينة لـ"العربي الجديد" أن "مئات العائلات ما زالت محاصرة في المناطق التي تخوض فيها القوات العراقية معارك عنيفة ضد داعش".
وأفاد نازحون من الموصل لـ"العربي الجديد"، أن "أغلب العائلات أُجبرت على البقاء في منازلها، بعد رفض عناصر تنظيم داعش مغادرتهم مناطقهم باتجاه المناطق التي تسيطر عليها القوات العراقية شرق مدينة الموصل". ونوّه أحد النازحين إلى أن "عائلته أُجبرت على المكوث في قبو المنزل أياماً عدة بعد أن تعرّضت المنطقة التي يسكنها لوابل من قذائف المدفعية، التي كانت تطلقها القوات العراقية على منطقة الكندي التي نزح منها".