الانغلاق الأميركي... 14.9% من الواردات مشمولة بالرسوم

24 فبراير 2019
صادرات الصين الأكثر تأثراً بالحمائية (فرانس برس)
+ الخط -


بعدما كانت المدافع الأكبر عن حرية التجارة، والداعم الأول لإلغاء كافة أنواع الحماية التجارية، فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية استثنائية على وارداتها، الأمر الذي تسبب في خضوع 14.9 في المائة من إجمالي تلك الواردات من العالم الخارجي لشكل من أشكال الحماية التجارية، وفقاً لدراسة صدرت مؤخراً في العاصمة الأميركية واشنطن. 

وتتزامن الدراسة مع الجولة الرابعة من المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث من المنتظر أن يعود الوفد الأميركي من بكين غدا الإثنين، استباقاً لعقد قمة تجمع الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والصيني شي جين بينغ، في موعد مبدئي أعلن عنه ترامب، الشهر المقبل في فلوريدا.

وأظهرت الدراسة، الصادرة عن معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، أحد أهم مراكز الأبحاث الاقتصادية في العالم، أن أغلب أشكال الحماية الموجودة حالياً كانت بسبب التعريفات التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال العام الماضي 2018.

ويأتي ذلك، بالرغم من وجود البعض الآخر من التعريفات مما تم فرضه في عهد إدارات سابقة، حيث يرجع بعضها إلى عام 1977، الأمر الذي حال دون الوصول إلى مقدار التأثير الذي تسببت فيه تعريفات ترامب بصورة دقيقة.



وبدأت الولايات المتحدة والصين جولة جديدة من المفاوضات التجارية، في محاولة للاتفاق قبل حلول الأول من مارس/ آذار، وهو الموعد الذي حدده ترامب لزيادة التعريفات الجمركية على ما قيمته 200 مليار دولار من المنتجات الصينية الواردة إلى الولايات المتحدة، من 10 في المائة إلى 25 في المائة، في حالة عدم التوصل إلى اتفاق يسمح بتخفيض العجز التجاري الأميركي مع الصين، ويوفر الحماية لبراءات الاختراع الخاصة بالشركات الأميركية. 

ولمّح ترامب إلى إمكانية مد المهلة الممنوحة للمتفاوضين إلى ما بعد الأول من مارس/ آذار، لإعطائهم مزيداً من الوقت، كما أعلن ترامب أخيراً أن القرارات الكبرى من الممكن اتخاذها عندما يلتقي بالرئيس الصيني، وأن تلك القرارات قد تمتد إلى ما هو أبعد من التجارة لتشمل شركتي التكنولوجيا الصينيتين هواوي وزد.تي.إي كورب.
وفرض ترامب خمس مجموعات من التعريفات الجمركية الاستثنائية في عام 2018، غطت مجتمعة ما يقرب من 303.7 مليارات دولار، أو 12.6 في المائة من إجمالي السلع التي استوردتها الولايات المتحدة في عام 2017، وتمت إضافة هذه التعريفات إلى التعريفة الجمركية العادية المفروضة على الواردات، والتي تم الاتفاق عليها خلال المفاوضات التي تتم بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين. 

وأوضحت دراسة معهد بيترسون أن بعض المنتجات فُرض عليه تعريفات العام الماضي فقط بنسب وصلت في بعض الأحيان إلى 55 في المائة، وذلك لتعرضها لأكثر من نوعٍ من تلك التعريفات.
وشرحت الدراسة، التي شارك في إعدادها كل من الأميركي تشاد باون، زميل المعهد المتخصص في قوانين التجارة الدولية ومفاوضاتها، والذي سبق له العمل بالبيت الأبيض في مجلس المستشارين الاقتصاديين، والصينية إيفا ييوان زانغ، الباحثة بالمعهد، أن أكبر دولة تعرضت منتجاتها للتعريفات الجمركية الأميركية الاستثنائية كانت الصين، التي فرض ترامب تعريفات إضافية على 50.5 في المائة من مشتريات بلاده منها، تمثل 11.1 في المائة من إجمالي واردات الولايات المتحدة. 

وبعد الصين، جاءت كندا والاتحاد الأوروبي والمكسيك وكوريا الجنوبية، ولكن بنسب أقل كثيراً من النسب التي مثلتها صادرات الصين للولايات المتحدة، كما شملت تعريفات ترامب الاستثنائية أكثر من عشرة في المائة من صادرات كل من روسيا وتركيا والبرازيل للولايات المتحدة.

ومن ناحيةٍ أخرى، أشارت الدراسة إلى أن التعريفات التي يفرضها ترامب ليست بالضرورة في صالح الولايات المتحدة. إذ إن الحرب التجارية تسببت في رد الصين بفرض تعريفات مماثلة على صادرات الولايات المتحدة إليها، الأمر الذي أدى إلى خسائر جسيمة لآلاف المزارعين الأميركيين بعد توقف صادرات بعض السلع، كون الصين أحد أهم الأسواق للسلع الأميركية.

وأكدت الدراسة أن فرض التعريفات، وبصورة خاصة على السلع الوسيطة ومستلزمات التصنيع، يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج بالنسبة للشركات الأميركية، على عكس ما يحدث لشركات دول العالم الأخرى، التي تتجه جميعها لتخفيض التعريفات المفروضة على تلك السلع، "وهو ما يجعل السلع النهائية الأميركية مرتفعة التكلفة مقارنةً بمثيلاتها المنتجة في الدول الأخرى".


وحذرت الدراسة أيضاً من العواقب الوخيمة من استمرار الولايات المتحدة في فرض التعريفات الحمائية على وارداتها من الدول الأخرى. وأشارت إلى تصريح منظمة التجارة العالمية مؤخراً لكوريا الجنوبية بفرض تعريفات انتقامية على ما قيمته 85 مليون دولار من وارداتها من الولايات المتحدة، بعدما فرضت الأخيرة تعريفات استثنائية على وارداتها من الغسالات الكهربائية. 

يأتي ذلك في ظل استمرار الجولة الرابعة من المفاوضات بين الدولتين، منذ أن اتفقت واشنطن وبكين على هدنة في حربهما التجارية.

وعقد مفاوضون أميركيون وصينيون محادثات امتدت لأكثر من سبع ساعات أمس السبت لحل الخلافات التجارية، والتقوا اليوم الأحد، ومن المقرر أن يغادر الوفد الصيني عائدا إلى بكين الاثنين وذلك حسبما قال شخص مطلع على خط سير الوفد لوكالة "رويترز".

وقال ترامب يوم الجمعة إن هناك "فرصة جيدة للغاية" لإبرام اتفاق وإنه عازم على تمديد موعد نهائي لفرض رسوم جمركية يحل في الأول من مارس/ آذار والالتقاء قريبا بالرئيس الصيني شي جين بينغ. ويؤكد مسؤولون أميركيون منذ فترة طويلة أن اليوان الصيني دون قيمته الحقيقية، وأن هذا يعطي ميزة تجارية للصين ويعوض جزءاً من الرسوم الجمركية الأميركية.

كما تعهدت الصين بشراء كميات إضافية من فول الصويا الأميركي قدرها عشرة ملايين طن متري.
وقال مصدر لـ" رويترز" مطلع على المباحثات إن الجانبين ضيّقا هوة الخلافات بينهما بشأن حقوق الملكية الفكرية، والوصول إلى الأسواق، وتقليص عجز تجاري أميركي مع الصين يبلغ نحو 400 مليار دولار. لكن ما زالت هناك خلافات أكبر بشأن فرص معاملة الصين للشركات المملوكة للدولة والدعم ونقل التكنولوجيا القسري والسرقة الإلكترونية.

ولا يوجد اتفاق على آلية التطبيق أيضا. فالولايات المتحدة تريد آلية قوية لضمان تنفيذ تعهدات صينية بالإصلاح، بينما تصر بكين على ما تسميها بأنها عملية "عادلة وموضوعية". وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته لـ "رويترز" إن "التطبيق أحجية صعبة... أنت بحاجة إلى محكمين موضوعيين لاتخاذ قرار".
المساهمون