الانتفاضة اليتيمة... تخبط ومراوغة

27 نوفمبر 2015
هي انتفاضة يتيمة ليس هناك من يتبنّاها (فرانس برس)
+ الخط -
يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي التخبط في سبل مواجهة الانتفاضة وقمعها، خاصة بعدما اتضح له أنها بلا رأس يقودها، ولا بنى تحتية ترفدها بالمقاومين. وتكشف التوصيات التي كان رفعها جيش الاحتلال للحكومة الإسرائيلية، وقيل أمس على لسان رئيس الطاقم الأمني السياسي في ديوان رئاسة الوزراء، عاموس جلعاد، إنها قُدمت قبل اندلاع الانتفاضة الجديدة، عمق الفجوة بين الجهاز الأمني الإسرائيلي، وبين أهداف القيادة السياسية الإسرائيلية ممثلة بحكومة نتنياهو. فمع أن نتنياهو يدرك أن الجيش يقدم توصياته وتقديراته وفقاً لما يستشفه من تطورات مستقبلية، إلا أنه، أي نتنياهو، يصرّ على وجوب تطويع الجيش وعملياته وتقديراته، لحسابات نتنياهو السياسية ولخدمة مشروعه السياسي المتمثل أساساً بالتهرب من أي جولة مفاوضات أو اتفاقيات ملزمة لإسرائيل.

فنتنياهو لا يصر على "إدارة الصراع" إنما يعمل وفق منطق زرع "حقائق استيطانية" جديدة وباستمرار لتغيير الواقع الجغرافي في الأرض الفلسطينية تمهيداً لتغيير معالم وحدود الحل السياسي المستقبلي، من دون أن يبدي أي ذعر من "القنبلة الديمغرافية" التي يبثها اليسار الصهيوني أو من خطر "تحول إسرائيل لدولة أبرتهايد" ونهاية آفاق حل الدولتين.

يراوغ نتنياهو في ما تبقى من وقت لإدارة أوباما وعشية انتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة، من خلال إطلاق التصريحات المؤكدة التزامه بحل الدولتين، من جهة وبين "الحق في البناء في المستوطنات" من جهة أخرى، مع طرح مقايضة البناء في المستوطنات مقابل تسهيلات لا تتعدى منطق تحسين ظروف المعيشة الذي سيطر على العقلية الإسرائيلية قبل الانتفاضة الأولى. ويبني نتنياهو مراوغته هذه على حقيقة تخبط آخر ولكن في الطرف الفلسطيني، فالسلطة الفلسطينية تهدد بوقف التنسيق الأمني والتوجه للمؤسسات الدولية بطلب الحماية تارة، وتطالب بالعودة إلى المفاوضات تارة أخرى والتهديد بتفكيك السلطة "وإعادة المفاتيح" من دون أن تأخذ موقفاً واضحاً ومحدداً من مجريات الانتفاضة الفلسطينية. حالة التخبط الفلسطيني النابع ربما من حالة العجز الفلسطينية العامة، دفعت بالصحافية اليسارية عميرا هيس إلى وصف الانتفاضة الحالية بأنها "انتفاضة يتيمة"، لا تجد من يتبناها لا في السلطة ولا في صفوف فصائل المعارضة الفلسطينية.
المساهمون