وفي الوقت الذي غاب فيه المرشحان الآخران (ماهرعبد الحفيظ حجار وحسان عبد الله النوري) عن مسرح الدعاية الانتخابية، ركزت حملة الأسد على إقامة الحفلات والمسيرات ورفع اللافتات في كل مكان. وتولت فروع حزب "البعث" والأفرع الأمنية هناك مهمة إدارة الحملة، معتمدة على مؤسسات ودوائر الدولة والنقابات المهنية لتنفيذ نشاطاتهم.
تقول فتاة سورية تُدعى شهد، إن "خيمة الشًبيحة" هي واحدة من الخيمات الانتخابية التي أقيمت داخل الحرم الجامعي للترويج للانتخابات. تروي شهد كيف أن "الاحتفالات تبدأ صباحاً مع بدء الدوام، يتجمع داخل الخيمة المؤيدون و"الشبيحة" من حملة السلاح ويبدأون بالرقص والدبكة، بينما تصدح الأغاني في جميع ساحات الجامعة خلال ساعات النهار. ولا يجرؤ أحد على الاعتراض نظراً لما تسببه من تشويش على المحاضرات. ومعظم المحتفلين ليسوا من طلاب الجامعة".
وتتابع شهد، "نصغي أحياناً إلى كلمات الأغاني لفهم معانيها، فهي غالباً غير مألوفة لنا، ومعظمها يحمل معاني طائفية خاصة بالطائفة الشيعية، وبعضها الآخر يتضمن كلمات الكراهية والشتم للفصائل المقاتلة في المعارضة كجبهة النصرة وغيرها".
كذلك، تقيم النقابات المهنية حفلات خاصة بها، تدعو من خلالها الحاضرين للمشاركة في تقديم الولاء للأسد، والتصويت له في الانتخابات.
ويقول المواطن عبد الرحمن، وهو طبيب: "وصلني خلال الأسبوع الماضي العديد من الرسائل من نقابة الأطباء للمشاركة في حفل خاص بالنقابة، وعند حضوري تفاجأت بأنه حفل خطابي للدعوة لانتخاب الأسد". ويضيف "يفترض أن تكون النقابات تجمعات مستقلة عن الحكومات لكنها تتعامل كأي من مؤسسات الدولة الأخرى".
أما بالنسبة لللافتات الداعمة للأسد، فإنها تحمل تواقيع جهات تجارية ومؤسساتية مختلفة. وفيما يبدو سباقاً لإثبات الولاء، حملت عشرات اللافتات تواقيع عشائر عرفت بتصديها للحراك الثوري منذ البداية، كـ (آل بري). وتقول إحدى اللافتات المعلقة في ساحة الجامعة، "كتيبة الامام الباقر عليه السلام تبايع الأسد"، وتحمل توقيع عشيرة البكارة، بينما تضمنت أخرى عبارة "الأسد حامي البلد"، وهي بتوقيع عابد خوجة أحد الصناعيين في حلب.
يقول عدنان، وهو تاجر "وصلنا توجيه من غرفة صناعة حلب بوجوب تقديم لافتة لدعم الأسد في الحملة الانتخابية، والغريب أنهم أشاروا بأنها فرصة لرد الجميل".
يذكر أن غرفة صناعة حلب، وهي مؤسسة تصل بين الحكومة وأصحاب رؤوس الأموال والصناعيين، كانت قد صرّحت سابقاً في بيان رسمي، "أن المشاركة في الانتخابات هي رد بوجه من سرق ودمر وشرد العمال لأننا رفضنا الفتنة وتمسكنا بالوطن والشرف". وأضاف البيان، "ندعو للمشاركة لنقول بأننا ضحايا الإرهاب وإن مدينتنا دمرت لأن فيها رجالاً شرفاء".
أما عن يوم الانتخابات، فيتحدث مدير إحدى المؤسسات الحكومية في حلب، وقد رفض الكشف عن اسمه قائلاً "يتسلم الموظفون في مؤسستي رواتبهم من المعتمد داخل المؤسسة، وقد اعتدنا صرف الرواتب في التاسع والعشرين من كل شهر". ويضيف: "لكن وصلني كتاب رسمي لتأجيل قبض الرواتب إلى ما بعد الانتخابات، وإعطاء الموظفين فرصة ساعتين للذهاب إلى مراكز الاقتراع، ثم العودة بعد ذلك إلى المؤسسة، كما طلبوا مني رفع كتاب بأسماء جميع المتخلفين عن أداء هذا الواجب الوطني".
في حين ينتظر البعض يوم الانتخابات الرئاسية، لا يعير هذه الانتخابات أي أهمية البعض الآخر. يقول أحمد: "أفضل أن أبقى في بيتي في هذا اليوم، فلا أريد أن يجبرني أحد على الذهاب للإدلاء بصوتي، كما لا أريد أن أتعرض للمساءلة من قبل الحواجز".
من جهته، يقول سامر: "أعتقد أن المشاركة بحد ذاتها خيانة، فهي تحمل اعترافاً بشرعية النظام والانتخابات، وعلى الجميع مقاطعتها حتى لا يتسنى لهم معاقبة أحد".
بدوره، يقول أحد أعضاء الهيئة الإدارية في جامعة حلب، ويدعى محمد: "قامت وزارة التعليم العالي بتقديم موعد امتحانات جامعة حلب 18 يوماً ليتزامن مع يوم الانتخابات". ويضيف: "أمرنا عميد الكلية بوضع برنامج امتحاني يتناسب مع قدوم أكبر عدد من الطلاب إلى الجامعة التي تضم عدة مراكز انتخابية". ويشير محمد إلى أن "جميع الطلاب خائفون من سقوط قذائف الهاون على المراكز أثناء وجودهم، ونتوقع امتناع الكثيرين عن تقديم الامتحانات خلال هذا اليوم".
ويعتبر محمد أن "المراكز الانتخابية في الجامعة تعد الأخطر فقد حددت جميع المراكز الأخرى في المدينة في مبان قوية تحسباً لقذائف المعارضة المسلحة، كالمتحف وصالة الأسد ومبنى البنك العقاري".