الانتخابات الإسرائيلية تعطّل الملفات الفلسطينية

27 يناير 2015
الحكومة لا تستطيع دفع رواتب 160 ألف موظف(أنا فيرينسويتش/getty)
+ الخط -
تسبب الحراك السياسي الإسرائيلي، متمثلاً في انتخابات الكنيست المرتقبة في مارس/آذار، بحالة من الجمود السياسي الفلسطيني، إذ باتت ملفات حيوية هامة، شأن إطلاق حكومة الاحتلال سراح عائدات الضرائب المسروقة لدفع رواتب موظفي السلطة، وتفعيل الدعم العربي عبر شبكة الأمان الفلسطينية، وتقديم مشروع إنهاء الاحتلال لمجلس الأمن، رهينة بانتهاء الانتخابات الإسرائيلية.
ورأى الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، في حديث لـ "العربي الجديد"، أنّ القيادة الفلسطينية تعيش وهماً بإعادة إحياء عملية السلام واستئناف المفاوضات. وقال إنّ حالة الجمود السياسي الفلسطيني هذه مردها إلى أن "السلطة تحاول إحياء أوسلو جديدة، ولا تريد أن تعرف أن أوسلو تم تدميرها من قبل إسرائيل".
واعتبر أنّ "الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لن يكونا قادرين على الضغط على إسرائيل بعد انتهاء الانتخابات، والانتظار سيكون مضيعة للوقت. لذا، يجب على السلطة أن تقوم بتقوية صفوفها الداخلية وتوحيدها وتغيير منهجها، فالرهان عليها وليس على الانتخابات الإسرائيلية".

ورجح مسؤولون فلسطينيون أن إطلاق إسرائيل لعائدات الضرائب المسروقة والبالغة قيمتها نحو 120 مليون دولار شهرياً، بات مرهوناً بانتهاء الانتخابات الإسرائيلية، لأنّ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، يستخدم عائدات الضرائب كورقة ضغط انتخابية، ما يعني أنّه يتعيّن على حكومة الوفاق الفلسطيني أن تتدبر أمرها لصرف جزء من رواتب 160 ألف موظف حكومي في الضفة والقطاع، للشهر المقبل على التوالي.

غير أنّ الوضع الأصعب، وهو الذي يتجنّب المسؤولون الفلسطينيون الخوض فيه، هو حالة المماطلة التي ترقى إلى مستوى الرفض الصامت من قبل جامعة الدولة العربية لتفعيل شبكة الأمان العربية، والتي طالب الفلسطينيون بتفعيلها مراراً. وكانت المرّة الأخيرة، عندما دعت فلسطين مجلس الوزراء العرب للاجتماع في جامعة الدول العربية في القاهرة يوم 15 من الشهر الحالي، إذ أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، دقة الموقف الذي تمرّ به حكومة الوفاق الوطني، بعد رفض إسرائيل تحويل عائدات الضرائب التي تجبيها نيابة عن الفلسطينيين، والتي تشكل أكثر من 60 في المائة من الموازنة الفلسطينية.

وقال مسؤول رفيع فضل عدم نشر اسمه لـ "العربي الجديد" "يجب أن نعترف أن هناك رفضاً صامتاً، وحالة من التعاطي البارد، من قبل مجلس وزراء الخارجية العرب مع موضوع تفعيل شبكة الأمان العربية". وأضاف "رغم تطمينات الرئيس أبو مازن في خطابه أمامهم قبل أسبوعين، فإن أي حل لن يكون إلا عبر المفاوضات ومطالبته الإدارة الأميركية بمقترحات، غير أن ذلك لم يشجع العرب على مد يد العون ماليًا، وتفعيل شبكة الأمان العربية لإنقاذ حكومة الوفاق الوطني، بعد العقوبات التي فرضتها حكومة الاحتلال على الفلسطينيين بسبب التحاقهم بالمحكمة الجنائية الدولية".

واستبعد المصدر نفسه أن يتم دفع مبلغ 100 مليون دولار، وهو المبلغ الذي تم إقراراه من قبل جامعة الدول العربية في قممها السابقة، مرجحاً أنّ "أي مبلغ لن يتم إرساله، إلا بعد انتهاء الانتخابات الإسرائيلية في مارس/آذار المقبل". وقال "حتى الآن الدولة الوحيدة الملتزمة بإرسال الأموال هي السعودية، لكن ما ترسله ليس كافياً لإنهاء أزمة الحكومة".
ويرى الكاتب والمحلل أحمد رفيق عوض، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن الإدارة الأميركية تريد معاقبة السلطة، وتقول لها صراحة إنه لن يكون هناك أموال منها أو من العرب في المرحلة الحالية، فضلاً عن تعطيلها أي جهود في إطار التسوية وعملية السلام".
ويتابع أنّ "الإدارة الأميركية جمدت كل شيء بانتظار الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وستبقى جميع الملفات السياسية الفلسطينية تراوح مكانها إلى حين انتهاء الانتخابات الإسرائيلية".

وفي السياق نفسه، رجّح  وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أن تستمر إسرائيل بحجز أموال الضرائب بطريقة غير شرعية حتى انتهاء الانتخابات الإسرائيلية.
وقال للإذاعة الرسمية الفلسطينية: "تقييماتنا تتشابه مع التقييم الأوروبي، أنّ إسرائيل ستستمر في حجز أموالنا بطريقة غير شرعية حتى الانتخابات الإسرائيلية وما بعدها، وبالتالي علينا أن نبحث عن حلول". واعتبر أن "تفعيل شبكة الأمان العربية أحد الحلول المهمة جداً، وقد نجد أنفسنا نتحدث بكل وضوح وجدّية مع الدول العربية حول تنفيذ التزاماتهم حول هذه الشبكة، غير أننا ننتظر الفرصة المناسبة".
واستدانت حكومة الوفاق الوطني من البنوك الفلسطينية، لتوفير ما قيمته 60 في المائة من إجمالي الرواتب لموظفيها، وتبحث حالياً إمكانية حلول جديدة في ظل حديث عن عدم نية البنوك تقديم قروض جديدة لحكومة الوفاق الفلسطينية.
غير أنّ عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"محمد اشتية قال إن إسرائيل تقوم عادة بهذه العقوبة بعد كل خطوة سياسية فلسطينية. ورجّح في حديث لـ "العربي الجديد" "ألا تستمر العقوبة الإسرائيلية أكثر من شهر إلى شهرين، ثم تقوم بالإفراج عن أموال الضرائب، لأنها غير معنية بتغيير الأمر الواقع، وتدرك أن وظيفة السلطة تتلخص بتقديم الخدمات ودفع الرواتب".
ويخطط أعضاء مركزية "فتح" وفي مقدّمتهم محمود العالول، لفعاليات شعبية وتظاهرات حاشدة يوم غد الإثنين لدعم القيادة الفلسطينية ومطالبة إسرائيل بالإفراج عن عائدات الضرائب المسروقة، في خطوة يرى المراقبون أن السلطة تسعى من خلالها إلى احتواء الشارع وتوجيه غضبه بشأن تأخر الرواتب نحو حكومة الاحتلال وليس السلطة.
وتجبي إسرائيل الضرائب نيابة عن السلطة الفلسطينية، حسب اتفاق باريس الاقتصادي، وتتقاضي عمولة قيمتها 3 في المائة من إجمالي الضرائب، بحيث بلغت نسبة عمولتها أو ما قامت بسمسرته من عائدات الضرائب عن العام الماضي نحو 60 مليون دولار، في حين يعيش الفلسطينيون وحكومتهم حالة من العوز والعجز المالي الكبير.

ووصلت حالة الجمود وانتظار ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات الإسرائيلية، إلى تقديم المشروع العربي الفلسطيني لإنهاء الاحتلال إلى مجلس الأمن، إذ أكد مصدر رفيع فضل عدم نشر اسمه، لـ "العربي الجديد" أن "اللجنة الوزارية التي جرى تكليفها بملف مشروع إنهاء الاحتلال لن تقوم بأي نشاط فعلي إلا بعد الانتخابات الإسرائيلية". في حين قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد المجدلاني: "لقد حددت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مضمون القرار الذي سيتم تقديمه لمجلس الأمن، إذ تم تحديد القضايا الجوهرية والسقف الفلسطيني واضح جدا بهذا الإطار".
وحول موعد تقديم مشروع القرار، أكد أن "الموعد سيكون من مهمة لجنة المتابعة العربية".
المساهمون