لم تفكر كثيراً قبل أن تلجأ إلى الانتحار. كان قرارها سريعاً بعدما اكتشفت أن الرجل الذي أحبّته ووعدها بالزواج لديه عائلة. حادثة الانتحار هذه شهدتها مدينة الرباط يوم الثلاثاء الماضي. وقبل أسبوع، وتحديداً في مدينة سطات، أنهت مراهقة (16 عاماً) حياتها، بعدما تناولت سمّ الفئران. حادثتان تشيان ربما بتحوّل الانتحار إلى ظاهرة في المغرب، الأمر الذي تؤكده الأرقام بعدما سجّل الدرك الملكي أكثر من 400 محاولة انتحار خلال العام الماضي.
وتشير هذه الأرقام أيضاً إلى أن 85 في المئة من الذين يقبلون على الانتحار يختارون شنق أنفسهم، فيما يلجأ 8 في المئة إلى تناول مواد سامة. كذلك، فإن 1 إلى 6 في المئة ينتحرون من خلال رمي أنفسهم من المرتفعات أو استعمال الأسلحة البيضاء.
اكتئاب وانفصام
وقال طبيب الأمراض النفسية والعصبية، محسن بنيشو، لـ"العربي الجديد" إن "98 في المئة من حالات الانتحار مردها إلى أمراض نفسية، كالاكتئاب والانفصام التي يميل المصابون بها إلى انهاء حياتهم بهدف التخلص من المشاكل". ولفت إلى أن "الإدمان على المخدرات يعد سببا مباشراً للإصابة بأعراض تؤدي إلى التفكير بالانتحار".
وأشار بنيشو إلى أن الحل "يكمن في معالجة هذه الأمراض، والمشاكل الاجتماعية، وتحسين أوضاع الشباب".
بدوره، قال المرشد الأسري، حسن رقيق، لـ"العربي الجديد"، إن "الصراعات الداخلية المتفاقمة، والاضطرابات النفسية، وبعض المشاكل الاجتماعية والعاطفية، والأوضاع المعيشية الصعبة، تدفع ببعض الأشخاص إلى الانتحار، وخصوصاً حين تطغى الرغبة في الموت على غريزة البقاء".
وشدد رقيق على "ضرورة إنشاء مراكز وظيفتها الاستماع والإنصات لمشاكل الشباب ومعاناتهم، وخصوصاً تلك النفسية، وإعداد برنامج للتصدي للبطالة وتأمين عمل يتناسب وكفاءات الشباب العلمية ومهاراتهم الحياتية".
قانونياً، يوضح المحامي في هيئة البيضاء أحمد حموش لـ"العربي الجديد" أن "القانون الجنائي المغربي لا يعاقب على الانتحار الفردي"، مشيراً إلى أن "المشرع الجنائي أفرد نصاً وحيداً هو الفصل 407 من القانون الجنائي، الذي يقضي بالسجن من سنة إلى خمس سنوات لكل من ساعد شخصاً على الانتحار أو زوده بالسلاح، أو السم وغيرها من الأدوات التي تستخدم لهذا الغرض".