هواجس ومخاوف كثيرة تعايشها عائلات طلبة المدارس هذا العام، وخصوصاً الثانوية العامة، مع قدوم شهر رمضان في ذروة الامتحانات النهائية.
السيدة "أم صهيب نداف"، توضح لـ"العربي الجديد"، بعضا من المشاعر والظروف التي بدأت عائلتها تعيشها قائلة: "شهر رمضان ليس كغيره من الشهور، تصاحبه أمور كثيرة من عادات وتقاليد وواجبات منزلية، وهذا يعني إضافة مزيد من العبء والإرباك للأم في متابعة دراسة أبنائها".
تجربة، تعتبرها أم صهيب، الأولى من نوعها التي تمر عليها، فأبناؤها الملتحقون بالمدرسة في مستويات عدة، جعلوها تعيد التفكير في كيفية تنظيم وقتها، بخاصة مع استقبال رمضان وتقاليده من جمعات عائلية وإفطارات قد تنظمها.
تقول: "من الطبيعي جدا أن تعيش الأم حالة خوف على دراسة أبنائها في الأيام العادية، وتزداد هذه المخاوف في شهر رمضان، فساعات السهر تزداد ليلا، والأبناء يحتاجون لتعويضها نهارا، وما بين ذلك يقع على عاتق الأم القدرة في ترتيب أوقات أبنائها، أو على الأقل توفير الظروف التي تهيء لهم الجو الدراسي".
ما تحدثت به أم صهيب، يتكامل مع ما يرويه الطالب رزق أبو مهاوش، في حديثنا له وهو يستعد لخوض تجربة امتحانات الثانوية العامة.
تبدو علامات الحيرة على وجه الطالب رزق وهو يتحدث لـ"العربي الجديد"، ولا سيما أن أول تجربة له يخوضها في رمضان هذا العام، فلم يعتد على تقديم الامتحانات في شهر رمضان سابقا، كما يقول.
ويوضح رزق بالقول: "هناك تداخل في الظرف النفسي لي كطالب فرغم تحضيراتي المسبقة للامتحان قبل رمضان، إلا أن الدراسة النهائية قبل الدخول لقاعة الامتحان لها تأثير مختلف".
وعن كيفية ضبط أوقات الدراسة في رمضان، يوضح بالقول: "وضعت برنامجا أوزع فيه وقتي ما بين الدراسة والراحة، فمثلا أنام أربع ساعات خلال الليل، آخذ فيها قسطاً من الراحة، وبعد الفجر والسحور أبدأ الدراسة وأبقى حتى ساعات الظهر، ثم آخذ ساعتين من النوم، وأعود للدراسة من جديد".
رزق الذي يعتبر من المتفوقين في دفعته، يشير إلى أن حالة الإرهاق الشديد تنعكس على قدرة التركيز، والدراسة المتواصلة تقلل قدرة الاستيعاب وتعمل على تشتيت الأفكار، وبالتالي يبقى حريصا على فترات استراحة ما بين ساعات الدراسة.
اقــرأ أيضاً
"ادرس أقل تنجح أكثر"
"ادرس أقل تنجح أكثر"، قاعدة جعلت منها الخبيرة والمحاضرة الجامعية أسماء الشرباتي عنواناً لكتابها، حاولت من خلاله تعزيز مفهوم مبدأ تقسيم الوقت والاستفادة من القدرات الذهنية لدى الأبناء بشكل سليم خلال الدراسة للامتحانات.
الشرباتي، المحاضرة في عدد من الجامعات الفلسطينية ومدربة في مهارات التدريس، تحدثت لـ"العربي الجديد"، حول أبرز النقاط التي يتطلب التنبه لها في تدريس الأبناء خلال شهر رمضان، معتمدة في ذلك ليس على عدد ساعات الدراسة، وإنما على نوعية الساعات.
وعلى خلاف ما يتم تداوله بين طلبة المدارس، توضح الشرباتي أن "دراسة النهار أفضل بكثير من دراسة السهر في الليل، وهذه قاعدة يتوجب استغلالها بشكل جيد في رمضان، ولا سيما أن ما يصاحب الشهر من سهر يجعل بعضهم يؤجل دراسته لساعات الليل وهو ما يوقعه بالإرباك التركيزي".
تقول الشرباتي: "بعضهم يروج لمقولة أن تركيز الطالب قد يقل خلال فترة الصيام، وبالتالي يمكن أن يعوض ذلك بالدراسة ليلا، إلا أن هذا المبدأ غير صحيح، فعلميا التركيز يكون عندما تقل الشحنات السكرية للدماغ أي في فترات عدم الأكل وبالتالي علميا يزداد التركيز خلال النهار أكثر من الليل عند الصائم". وتضيف "لتحقيق ذلك لا بد من أن يكون هناك توازن غذائي لدى الطالب، فالمحافظة على وجبة السحور يومياً تمنحه القدرة والطاقة على الدراسة خلال ساعات النهار بشكل مريح، وبالتالي يبقى الجسم محافظا على طاقته ولا يتم استهلاكها في الصيام كما لو أن الطالب بدأ يومه من غير سحور".
اقــرأ أيضاً
جلسات كثيرة بوقت أقل
المبدأ الثاني الذي تركز عليه أسماء الشرباتي، في ما يتعلق بالدراسة خلال الصيام، هو "جلسات دراسة كثيرة بوقت أقل مع استراحات قصيرة بين الجلسات"، وتوضح ذلك من خلال وضع الطالب جدولا له، بحيث يدرس نحو ساعة متواصلة ومن ثم استراحة لربع ساعة، وهكذا.
وتقول الشرباتي، بعض الطلبة يطيل ساعات الدراسة المتواصلة، وهذا بحد ذاته يخلق حالة من الإرهاق وعدم التركيز ويحتاج مقابلها استراحة طويلة، وقد يفقد القدرة على مواصلة الدراسة.
كما أن الشرباتي تركز على أهمية نوم الطالب ساعات اعتيادية خلال الليل، فنوم النهار لا يغني عن النوم في ساعات الليل، وهذا من الناحية العلمية تم إثباته إذ إن ساعات النوم بالليل تساعد الدماغ على التنقية من السموم.
وتضيف "المعلومات التي يدرسها الطالب يتم تخزينها بالدماغ في ذاكره قصيرة أو مؤقتة، النوم في الليل يعزز حفظ هذه المعلومات بشكل أفضل، ويمكن للطالب أن يتذكرها بشكل أسرع وأقوى خلال تأديته الامتحان.
لكن هذا المبدأ، الذي يختلف مع قناعات الأهالي والتقاليد التي اعتادوا عليها، والتي في محصلتها قد تؤثر بشكل عكسي على التحصيل العلمي لأبنائهم، هذا ما يتطرق له الأستاذ مخلص سمارة.
ويشير سمارة، الذي يعمل مدرسا في أحد المدارس الفلسطينية، إلى أن قناعات الأهل تقول إن ابنهم يتوجب أن يجلس لفترات طويلة خلال الدراسة، وبالتالي يتم إخلاء المنزل، أو تخصيص غرفة له وإغلاقها عليه، أو منع الزيارات، أو حتى استقبال الضيوف، وهو ما يجعل البيت يعيش ما يشبه حالات الطوارئ.
ويضيف سمارة "هذه القناعات لها بعد يتعلق بثقافتنا كمجتمعات عربية، وهي تسلب من الأبناء قضيتين مهمتين، الأولى القدرة على تقسيم الوقت والاستفادة منه بما يحقق له الهدف، والأمر الثاني إرباك الحياة اليومية لكافة أفراد العائلة، التي قد ترفع من حالة التفاؤل لما قد يحصل عليه ابنها لكنها عند ظهور النتيجة تمر بحالة إحباط.
ويركز سمارة على أهمية "تعزيز الروح النفسية للطالب، خاصة أن شهر رمضان يرتبط ذهنيا بالخير والعطاء، وهذا الأمر يمكن أن يكون محفزا له في خوض هذه التجربة بمزيد من الأمل، لا أن تكون تجربة محملة بالكثير من المخاوف".
ويطالب سمارة في نهاية حديثه بضرورة عدم "الربط الذهني ما بين الامتحانات ومهارات التدريس وبين الظروف المحيطة التي تمر على الطلاب، وهذا الأمر مهم في تعزيز ثقافة تهيئة النفس في كل الظروف، بعيدا عن القلق والخوف من أي مناسبات أو ظروف قد تمر عليه.
اقــرأ أيضاً
تقول: "من الطبيعي جدا أن تعيش الأم حالة خوف على دراسة أبنائها في الأيام العادية، وتزداد هذه المخاوف في شهر رمضان، فساعات السهر تزداد ليلا، والأبناء يحتاجون لتعويضها نهارا، وما بين ذلك يقع على عاتق الأم القدرة في ترتيب أوقات أبنائها، أو على الأقل توفير الظروف التي تهيء لهم الجو الدراسي".
ما تحدثت به أم صهيب، يتكامل مع ما يرويه الطالب رزق أبو مهاوش، في حديثنا له وهو يستعد لخوض تجربة امتحانات الثانوية العامة.
تبدو علامات الحيرة على وجه الطالب رزق وهو يتحدث لـ"العربي الجديد"، ولا سيما أن أول تجربة له يخوضها في رمضان هذا العام، فلم يعتد على تقديم الامتحانات في شهر رمضان سابقا، كما يقول.
ويوضح رزق بالقول: "هناك تداخل في الظرف النفسي لي كطالب فرغم تحضيراتي المسبقة للامتحان قبل رمضان، إلا أن الدراسة النهائية قبل الدخول لقاعة الامتحان لها تأثير مختلف".
وعن كيفية ضبط أوقات الدراسة في رمضان، يوضح بالقول: "وضعت برنامجا أوزع فيه وقتي ما بين الدراسة والراحة، فمثلا أنام أربع ساعات خلال الليل، آخذ فيها قسطاً من الراحة، وبعد الفجر والسحور أبدأ الدراسة وأبقى حتى ساعات الظهر، ثم آخذ ساعتين من النوم، وأعود للدراسة من جديد".
رزق الذي يعتبر من المتفوقين في دفعته، يشير إلى أن حالة الإرهاق الشديد تنعكس على قدرة التركيز، والدراسة المتواصلة تقلل قدرة الاستيعاب وتعمل على تشتيت الأفكار، وبالتالي يبقى حريصا على فترات استراحة ما بين ساعات الدراسة.
"ادرس أقل تنجح أكثر"
"ادرس أقل تنجح أكثر"، قاعدة جعلت منها الخبيرة والمحاضرة الجامعية أسماء الشرباتي عنواناً لكتابها، حاولت من خلاله تعزيز مفهوم مبدأ تقسيم الوقت والاستفادة من القدرات الذهنية لدى الأبناء بشكل سليم خلال الدراسة للامتحانات.
الشرباتي، المحاضرة في عدد من الجامعات الفلسطينية ومدربة في مهارات التدريس، تحدثت لـ"العربي الجديد"، حول أبرز النقاط التي يتطلب التنبه لها في تدريس الأبناء خلال شهر رمضان، معتمدة في ذلك ليس على عدد ساعات الدراسة، وإنما على نوعية الساعات.
وعلى خلاف ما يتم تداوله بين طلبة المدارس، توضح الشرباتي أن "دراسة النهار أفضل بكثير من دراسة السهر في الليل، وهذه قاعدة يتوجب استغلالها بشكل جيد في رمضان، ولا سيما أن ما يصاحب الشهر من سهر يجعل بعضهم يؤجل دراسته لساعات الليل وهو ما يوقعه بالإرباك التركيزي".
تقول الشرباتي: "بعضهم يروج لمقولة أن تركيز الطالب قد يقل خلال فترة الصيام، وبالتالي يمكن أن يعوض ذلك بالدراسة ليلا، إلا أن هذا المبدأ غير صحيح، فعلميا التركيز يكون عندما تقل الشحنات السكرية للدماغ أي في فترات عدم الأكل وبالتالي علميا يزداد التركيز خلال النهار أكثر من الليل عند الصائم". وتضيف "لتحقيق ذلك لا بد من أن يكون هناك توازن غذائي لدى الطالب، فالمحافظة على وجبة السحور يومياً تمنحه القدرة والطاقة على الدراسة خلال ساعات النهار بشكل مريح، وبالتالي يبقى الجسم محافظا على طاقته ولا يتم استهلاكها في الصيام كما لو أن الطالب بدأ يومه من غير سحور".
جلسات كثيرة بوقت أقل
المبدأ الثاني الذي تركز عليه أسماء الشرباتي، في ما يتعلق بالدراسة خلال الصيام، هو "جلسات دراسة كثيرة بوقت أقل مع استراحات قصيرة بين الجلسات"، وتوضح ذلك من خلال وضع الطالب جدولا له، بحيث يدرس نحو ساعة متواصلة ومن ثم استراحة لربع ساعة، وهكذا.
وتقول الشرباتي، بعض الطلبة يطيل ساعات الدراسة المتواصلة، وهذا بحد ذاته يخلق حالة من الإرهاق وعدم التركيز ويحتاج مقابلها استراحة طويلة، وقد يفقد القدرة على مواصلة الدراسة.
كما أن الشرباتي تركز على أهمية نوم الطالب ساعات اعتيادية خلال الليل، فنوم النهار لا يغني عن النوم في ساعات الليل، وهذا من الناحية العلمية تم إثباته إذ إن ساعات النوم بالليل تساعد الدماغ على التنقية من السموم.
وتضيف "المعلومات التي يدرسها الطالب يتم تخزينها بالدماغ في ذاكره قصيرة أو مؤقتة، النوم في الليل يعزز حفظ هذه المعلومات بشكل أفضل، ويمكن للطالب أن يتذكرها بشكل أسرع وأقوى خلال تأديته الامتحان.
لكن هذا المبدأ، الذي يختلف مع قناعات الأهالي والتقاليد التي اعتادوا عليها، والتي في محصلتها قد تؤثر بشكل عكسي على التحصيل العلمي لأبنائهم، هذا ما يتطرق له الأستاذ مخلص سمارة.
ويشير سمارة، الذي يعمل مدرسا في أحد المدارس الفلسطينية، إلى أن قناعات الأهل تقول إن ابنهم يتوجب أن يجلس لفترات طويلة خلال الدراسة، وبالتالي يتم إخلاء المنزل، أو تخصيص غرفة له وإغلاقها عليه، أو منع الزيارات، أو حتى استقبال الضيوف، وهو ما يجعل البيت يعيش ما يشبه حالات الطوارئ.
ويضيف سمارة "هذه القناعات لها بعد يتعلق بثقافتنا كمجتمعات عربية، وهي تسلب من الأبناء قضيتين مهمتين، الأولى القدرة على تقسيم الوقت والاستفادة منه بما يحقق له الهدف، والأمر الثاني إرباك الحياة اليومية لكافة أفراد العائلة، التي قد ترفع من حالة التفاؤل لما قد يحصل عليه ابنها لكنها عند ظهور النتيجة تمر بحالة إحباط.
ويركز سمارة على أهمية "تعزيز الروح النفسية للطالب، خاصة أن شهر رمضان يرتبط ذهنيا بالخير والعطاء، وهذا الأمر يمكن أن يكون محفزا له في خوض هذه التجربة بمزيد من الأمل، لا أن تكون تجربة محملة بالكثير من المخاوف".
ويطالب سمارة في نهاية حديثه بضرورة عدم "الربط الذهني ما بين الامتحانات ومهارات التدريس وبين الظروف المحيطة التي تمر على الطلاب، وهذا الأمر مهم في تعزيز ثقافة تهيئة النفس في كل الظروف، بعيدا عن القلق والخوف من أي مناسبات أو ظروف قد تمر عليه.