03 سبتمبر 2020
+ الخط -

يحظى الاقتصاد باهتمام واسع في كل دورات الانتخابات الرئاسية الأميركية، خاصة القضايا المتعلقة بفرص العمل والوظائف والتضخم وأسعار السلع الرئيسية، خاصة البنزين والسولار، والإعفاءات الضريبية وزيادة الأجور، وكذا تحركات مؤشرات الأسهم الأميركية ما بين اللونين الأخضر والأحمر، والمزايا التي يحصل عليها رجال الأعمال وكبار المستثمرين، خاصة العاملين في القطاعات الممولة للحملات الانتخابية مثل النفط والسلاح والأدوية.

لكن الاقتصاد يحظى باهتمام أكبر في الانتخابات المقرر إجراؤها في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، سواء من قبل الناخب أو من قبل المرشحين، وأبرزهم دونالد ترامب وجو بايدن، وذلك لأسباب فرضتها أعباء فيروس كورونا الكارثية والتي ألحقت خسائر فادحة بالاقتصاد وفرص العمل ودخل المواطنين، ودفعت إدارة ترامب ومجلس الاحتياط الفيدرالي " البنك المركزي" إلى ضخ ما يزيد عن 5 تريليونات دولار كحزم إنقاد في الأسواق للحيلولة دون انهيار الاقتصاد ودفع الشركات إلى التمسك بالعمالة، وتوفير السيولة النقدية لملايين من الأسر المتضررة. 

الناخب الأميركي بات أشد قلقاً قبيل الانتخابات المقبلة على مستقبل اقتصاد بلاده الذي يتسم بالغموض، وقبلها على مستقبله الوظيفي، فهو قلق من تصاعد معدلات البطالة والفقر وضياع ملايين فرص العمل في حال استمرار خطر تفشي وباء كورونا.

وقلق أيضاً من استمرار الركود الشديد بعدما دخل الاقتصاد رسميا حالة انكماش حادة لم يشهدها منذ الكساد العظيم في العام 1929.

وقلق من استمرار إغلاق الاقتصاد وتوقف معظم الأنشطة، ومن استمرار تدهور قطاعات رئيسية، مثل السفر والطيران والسياحة والطاقة في حال ظهور موجة ثانية من وباء كورونا، لما تمثله تلك القطاعات من أهمية للاقتصاد والمواطن وسوق العمل وإيرادات النقد الأجنبي.

والناخب قلق من توقف الحكومة عن الاستمرار في ضخ تريليونات الدولارات في الأسواق في محاولة لوقف تهاويها، وذلك مع زيادة أرقام الدين العام بمعدلات سريعة رغم وعود ترامب بخفضها بمعدلات قياسية. 

والأميركي قلق من اتساع رقعة إفلاس المؤسسات، بما فيها شركات الطيران والطاقة الكبرى، وبالتالي زيادة معدلات البطالة.
وقلق كذلك من استمرار إغلاق المحال التجارية والمتاجر واختفاء سلع رئيسية وحدوث أزمة غذائية، وقلقه الأهم من صعوبة العثور على سيولة نقدية تغطي نفقاته وتكاليف معيشته وسكنه وعلاجه ومصاريف أولاده في المدارس.

يمتد قلق الناخب إلى برامج المرشحين أنفسهم التي تغازل احتياجاتهم ومشاكلهم الطارئة، فترامب الذي حقق نجاحات اقتصادية كبيرة في السنوات الثلاث الأولى من دورته الرئاسية الحالية، خاصة على مستوى تنشيط فرص العمل وتحسين الأجور، وإحداث قفزات في مؤشرات الأسهم الأميركية في "وول ستريت"، وانتزاع مزايا ضخمة من الصين والشركاء التجاريين خلال حربه التجارية الشرسة ضدهم، وجذب استثمارات تقدر بمئات المليارات من الدولارات، خاصة من دول الخليج، يعد في حال إعادة انتخابه لدورة ثانية بمواصلة تلك الطفرة، وبناء أكبر اقتصاد في التاريخ، وتوفير 10 ملايين فرصة عمل خلال الأشهر العشرة الأولى التي تلي إعادة انتخابه.

كما وعد ترامب بالعمل على التعافي السريع للاقتصاد وعودة كل الأنشطة الانتاجية، التي تضررت بشدة من أزمة كورونا، وتحويل أميركا إلى قوة إنتاج عظمى في العالم خلال السنوات الأربع المقبلة بعدما رفع شعار "أميركا أولاً" في الانتخابات السابقة، وحماية التكنولوجيا الأميركية من المنافسة خاصة الصينية والأوروبية، وهذه كلها وعود قد تجعل المواطن يميل لإعادة انتخاب ترامب الذي حقق نجاحات في دورته الأولى رغم اخفاقاته في الحد من تأثيرات وباء كورونا.

ولأن ترامب يعرف أن قضية الضرائب تهم قطاعا كبيرا من الناخبين، فقد وعد بخفض ضريبة الأرباح لزيادة الاستثمار والإنتاج والتوظيف، ولمّح إلى خفض ضريبة الدخل على ذوي الدخل المتوسط.

ببساطة يسعى ترامب إلى الحفاظ على اللقب الذي اكتسبه في دورته الأولى وهو أنه "الرئيس الذي يوفر أكبر عدد من الوظائف".

أما جو بايدن، فلا يختلف برنامجه الاقتصادي كثيرا عن برنامج دونالد ترامب، فقد لعب على قصة الحد من البطالة وتوفير فرص عمل لـ5 ملايين شخص، وتمديد برنامج تأمين البطالة للذين فقدوا وظائفهم خلال أزمة كورونا، وتقديم المزيد من الدعم للعائلات والشركات الصغيرة.

ولعب بايدن أيضا على دعم الطبقة الوسطى وتنشيط الإنتاج المحلي من خلال الوعد بضخ 700 مليار دولار، وإنشاء صندوق بقيمة 400 مليار دولار خلال 4 سنوات، لشراء السلع والخدمات الأميركية الصنع من قبل الحكومة.

الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة "حبلى" بالمفاجآت، وقضايا الاقتصاد قد تلعب الدور الأكبر في تحديد اتجاهات واختيارات الناخب هذه المرة.

المساهمون