بعد قيام الثورة المصرية، تراجعت كافة المؤشرات الاقتصادية في مصر، وكان القطاع السياحي أبرز القطاعات التي أصابها الشلل بسبب غياب الاستقرار الأمني.
وبحسب بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تراجع عدد السياح في مصر إلى 9.5 ملايين في العام 2011، الأمر الذي دفع مجموعة من شركات السياحة إلى توقيف رحلاتها نحو مصر، وإغلاق العديد من المنتجعات السياحية العالمية. إزاء هذا الواقع، بدأت الحكومة المصرية بوضع خطط استراتيجية لإعادة تفعيل القطاع السياحي، ولكن هل تعتبر هذه الخطط كافية؟
ويقول وكيل أول وزارة السياحة في مصر مجدي سليم، لـ"العربي الجديد"، إن وزارة السياحة المصرية دشنت أخيراً استراتيجيات لمحاولة إحياء القطاع السياحي، وتجاوز حالة الركود التي يعاني منها، كاشفاً في هذا الصدد، قيام الوزارة بتكثيف تواصلها مع القطاعات المشرفة على مجال السياحة في ست دول أوروبية، وهي: روسيا، إنجلترا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، وبولندا، كما بدأت الوزارة العمل لوضع خطط مع الدول العربية المجاورة، حيث تم افتتاح مكتب سياحي في دولة الإمارات العربية المتحدة، لجذب الخليجيين، يقوم بالترويج للسياحة المصرية.
بالإضافة إلى العمل على خلق شركات مشتركة بين مجموعة من الدول العربية لاستقطاب سياح من السعودية وليبيا، الدولتان اللتان تشكلان عصب السياحة، حيث استحوذتا لسنوات ما بين 18 و20% من مجموع السياح الوافدين إلى مصر سنوياً.
اقرأ أيضا: الأسواق الحرة المصرية تعوّل على نمو السياحة
ويضيف سليم: "لا تزال مصر بالرغم من الأوضاع المضطربة بيئة جاذبة للسياحة"، منوهاً بوجود واجهتين بحريتين، "البحرين الأحمر والمتوسط، وما لهما من مميّزات سياحية تقوّي تنافسية مصر عالمياً وعربياً، بل توفر بيئة البحر الأحمر الاستفادة من الاستجمام الشاطئي طيلة 9 أشهر من السنة. بالإضافة إلى سياحة الغوص لاستكشاف الآثار الغارقة قبالة شواطئ البحر الأبيض المتوسط". ويشير إلى أن مصر تعوّل على الرفع من مساهمة السياحة المصرية الداخلية على أن تبلغ في المدى القريب نسبة 40% من حجم مداخيل القطاع السياحي المصري.
يمثل قطاع السياحة 11.3% من اقتصاد مصر، ويدر 19.3% من إيراداتها بالعملة الصعبة، وبحسب وزارة السياحة المصرية تراجعت الإيرادات بنسبة 43% في الربع الأول من العام الحالي، بسبب الأوضاع السياسية والأمنية. لكن، وفق المحلل الاقتصادي وائل نحاس، فإن قطاع السياحة المصري فقد الريادة عربياً، ولم تعد مصر تتميّز بمكانتها السياحية بالمنطقة. ويشير نحاس إلى أن كل من يعول على السياسات المتبعة حالياً، والعروض السياحية المقدمة، والخطط التي تتحدث عن إعادة الحياة للقطاع، لن ينجح في ذلك، نظراً لبروز أقطاب سياحية قوية لها إمكانات تنافسية تفوق مصر بكثير. ويوضح نحاس في تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن مصر كانت تشتهر بالسياحة الشاطئية، والتي كانت المصدر الأول لدخل القطاع، لكن مع بروز عروض سياحية قوية في دول مثل الإمارات العربية المتحدة، توجه زبائن مصر التقليديون نحوها، نظراً لما تقدمه من خدمات وعروض سياحة تتجدد على مدار السنة.
اقرأ أيضا: ارتفاع المخاطر ينعش شركات التأمين في مصر
ويقول نحاس "تعتمد مصر على ثلاثة أنواع من السياح يحركون القطاع. حيث يشكل المصريون وخاصة الأغنياء، الفئة الأولى، وهذه الفئة أصبحت تمتلك شاليهات داخل كبريات التجمعات السياحية، فخسرت بذلك الفنادق نسبة كبيرة من زبائنها. أما الفئة الثانية من السياح، فهم العرب وخاصة الخليجيين، والذين أصبحوا يجدون داخل دولهم طبقاً سياحياً يغنيهم عن التوجه نحو دول أخرى، خاصة خلال العطل وسط السنة. ثم الأجانب، وهذه الفئة لا تقدم قيمة مضافة مرتفعة، نظراً لبحث الوكالة التي تشرف عليهم، عن أرخص العروض، بالإضافة إلى نسبة إنفاقهم الضئيلة خلال فترة إقامتهم بمصر".
إلى ذلك، يؤكد نحاس أن وصول عدد السياح اليوم في مصر إلى عتبة 12 مليون سائح، بات صعباً، فمصر كانت تستحوذ قبل الثورة على 1% من حجم السياحة العالمية، لكن الرقم تراجع إلى نسب جد ضئيلة.
ويشدد نحاس على أن المشكلة التي يعانيها قطاع السياحة تكمن في غياب تجديد المنتجات السياحية، مشيراً إلى أن نظام حسني مبارك أهمل بشكل كبير سياحة الآثار والحضارة، وتوجه نحو السياحة الترفيهية، ما خلق قطبي "شرم الشيخ" و"الغردقة"، كوجهتين سياحيتين تعرضان منتجات سياحية شاطئية. لكن هذه الأخيرة لم تعد وجهة مطلوبة، لذا وجب التفكير في تجديد العروض السياحية لتقوية التنافسية العالمية لمصر. ويعتبر نحاس أن ذلك يتحقق عبر طرح عروض "السياحة الطبية"، والاستفادة من الأطر المصرية التي يمكن، حسب وجهة نظره، أن تقدم الإضافة النوعية للقطاع السياحي المصري.
وتشير بيانات منظمة السياحة العالمية إلى أن صناعة السياحة في مصر تقدّر قيمتها بنحو 13 مليار دولار، حيث جذبت 14.7 مليون سائح في عام 2010، فهل نقرأ هذا الرقم مستقبلاً؟
اقرأ أيضا: خصخصة الشركات الحكومية في مصر "إدارياً": خطوات متعثرة
وبحسب بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تراجع عدد السياح في مصر إلى 9.5 ملايين في العام 2011، الأمر الذي دفع مجموعة من شركات السياحة إلى توقيف رحلاتها نحو مصر، وإغلاق العديد من المنتجعات السياحية العالمية. إزاء هذا الواقع، بدأت الحكومة المصرية بوضع خطط استراتيجية لإعادة تفعيل القطاع السياحي، ولكن هل تعتبر هذه الخطط كافية؟
ويقول وكيل أول وزارة السياحة في مصر مجدي سليم، لـ"العربي الجديد"، إن وزارة السياحة المصرية دشنت أخيراً استراتيجيات لمحاولة إحياء القطاع السياحي، وتجاوز حالة الركود التي يعاني منها، كاشفاً في هذا الصدد، قيام الوزارة بتكثيف تواصلها مع القطاعات المشرفة على مجال السياحة في ست دول أوروبية، وهي: روسيا، إنجلترا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، وبولندا، كما بدأت الوزارة العمل لوضع خطط مع الدول العربية المجاورة، حيث تم افتتاح مكتب سياحي في دولة الإمارات العربية المتحدة، لجذب الخليجيين، يقوم بالترويج للسياحة المصرية.
بالإضافة إلى العمل على خلق شركات مشتركة بين مجموعة من الدول العربية لاستقطاب سياح من السعودية وليبيا، الدولتان اللتان تشكلان عصب السياحة، حيث استحوذتا لسنوات ما بين 18 و20% من مجموع السياح الوافدين إلى مصر سنوياً.
اقرأ أيضا: الأسواق الحرة المصرية تعوّل على نمو السياحة
ويضيف سليم: "لا تزال مصر بالرغم من الأوضاع المضطربة بيئة جاذبة للسياحة"، منوهاً بوجود واجهتين بحريتين، "البحرين الأحمر والمتوسط، وما لهما من مميّزات سياحية تقوّي تنافسية مصر عالمياً وعربياً، بل توفر بيئة البحر الأحمر الاستفادة من الاستجمام الشاطئي طيلة 9 أشهر من السنة. بالإضافة إلى سياحة الغوص لاستكشاف الآثار الغارقة قبالة شواطئ البحر الأبيض المتوسط". ويشير إلى أن مصر تعوّل على الرفع من مساهمة السياحة المصرية الداخلية على أن تبلغ في المدى القريب نسبة 40% من حجم مداخيل القطاع السياحي المصري.
يمثل قطاع السياحة 11.3% من اقتصاد مصر، ويدر 19.3% من إيراداتها بالعملة الصعبة، وبحسب وزارة السياحة المصرية تراجعت الإيرادات بنسبة 43% في الربع الأول من العام الحالي، بسبب الأوضاع السياسية والأمنية. لكن، وفق المحلل الاقتصادي وائل نحاس، فإن قطاع السياحة المصري فقد الريادة عربياً، ولم تعد مصر تتميّز بمكانتها السياحية بالمنطقة. ويشير نحاس إلى أن كل من يعول على السياسات المتبعة حالياً، والعروض السياحية المقدمة، والخطط التي تتحدث عن إعادة الحياة للقطاع، لن ينجح في ذلك، نظراً لبروز أقطاب سياحية قوية لها إمكانات تنافسية تفوق مصر بكثير. ويوضح نحاس في تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن مصر كانت تشتهر بالسياحة الشاطئية، والتي كانت المصدر الأول لدخل القطاع، لكن مع بروز عروض سياحية قوية في دول مثل الإمارات العربية المتحدة، توجه زبائن مصر التقليديون نحوها، نظراً لما تقدمه من خدمات وعروض سياحة تتجدد على مدار السنة.
اقرأ أيضا: ارتفاع المخاطر ينعش شركات التأمين في مصر
ويقول نحاس "تعتمد مصر على ثلاثة أنواع من السياح يحركون القطاع. حيث يشكل المصريون وخاصة الأغنياء، الفئة الأولى، وهذه الفئة أصبحت تمتلك شاليهات داخل كبريات التجمعات السياحية، فخسرت بذلك الفنادق نسبة كبيرة من زبائنها. أما الفئة الثانية من السياح، فهم العرب وخاصة الخليجيين، والذين أصبحوا يجدون داخل دولهم طبقاً سياحياً يغنيهم عن التوجه نحو دول أخرى، خاصة خلال العطل وسط السنة. ثم الأجانب، وهذه الفئة لا تقدم قيمة مضافة مرتفعة، نظراً لبحث الوكالة التي تشرف عليهم، عن أرخص العروض، بالإضافة إلى نسبة إنفاقهم الضئيلة خلال فترة إقامتهم بمصر".
إلى ذلك، يؤكد نحاس أن وصول عدد السياح اليوم في مصر إلى عتبة 12 مليون سائح، بات صعباً، فمصر كانت تستحوذ قبل الثورة على 1% من حجم السياحة العالمية، لكن الرقم تراجع إلى نسب جد ضئيلة.
ويشدد نحاس على أن المشكلة التي يعانيها قطاع السياحة تكمن في غياب تجديد المنتجات السياحية، مشيراً إلى أن نظام حسني مبارك أهمل بشكل كبير سياحة الآثار والحضارة، وتوجه نحو السياحة الترفيهية، ما خلق قطبي "شرم الشيخ" و"الغردقة"، كوجهتين سياحيتين تعرضان منتجات سياحية شاطئية. لكن هذه الأخيرة لم تعد وجهة مطلوبة، لذا وجب التفكير في تجديد العروض السياحية لتقوية التنافسية العالمية لمصر. ويعتبر نحاس أن ذلك يتحقق عبر طرح عروض "السياحة الطبية"، والاستفادة من الأطر المصرية التي يمكن، حسب وجهة نظره، أن تقدم الإضافة النوعية للقطاع السياحي المصري.
وتشير بيانات منظمة السياحة العالمية إلى أن صناعة السياحة في مصر تقدّر قيمتها بنحو 13 مليار دولار، حيث جذبت 14.7 مليون سائح في عام 2010، فهل نقرأ هذا الرقم مستقبلاً؟
اقرأ أيضا: خصخصة الشركات الحكومية في مصر "إدارياً": خطوات متعثرة
بين الاستراتيجيا والأمن
يقول الخبير الاقتصادي وائل نحاس إن مصر خسرت مردودها السياحي المهم خلال الفترة ما بين شهر أكتوبر/ تشرين الأول إلى رأس السنة من كل عام، وهي الفترة التي كانت تشهد إقبالاً سياحياً أجنبياً قوياً. وذلك، بسبب الأوضاع السياسية التي عصفت بالبلاد من جهة، وغياب التخطيط من جهة أخرى. ويشير إلى أن ربط تدهور السياحة بالظروف الأمنية فقط، لا يتعدى كونه سياسة فاشلة، أو مجرد "شمّاعة" لإخفاء فشل المشرفين على تدبير القطاع.