مع تصاعد عمليات هدم المنازل وتهجير سكان القدس الأصليين، وهم الفلسطينيون المقدسيون، كشف الائتلاف الأهلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في القدس المحتلة عن معطيات هي الأحدث في ما يتعلق بهذا التصعيد المصنف في إطار سياسة التطهير العرقي الممارسة بحقهم، خصوصاً في سلوان، والعيساوية، وجبل المكبر، والطور، وبيت حنينا.
يقول المتحدث باسم الائتلاف، زكريا عودة، لـ"العربي الجديد"، إنّ سلطات الاحتلال هدمت، كسياسة منهجية متبعة، منذ بداية العام الجاري حتى 20 أغسطس/ آب الماضي، ما مجموعه 119 منشأة، من بينها 76 منزلاً، 57 منها عن طريق الهدم الذاتي (يضطر المقدسيون لهدم منازلهم بأنفسهم إذ صدر قرار بذلك من بلدية الاحتلال، كي لا يهدمها الاحتلال ويكبدهم رسوماً مالية كبيرة جداً) مع تهجير 267 شخصاً، فيما تأثر بالهدم 575 شخصاً. يضيف: "سجلت سلطات الاحتلال أعلى نسبة هدم في مدينة القدس في العام 2019، إذ شملت هدم 169 منشأة، منها 42 منزلاً هدمت ذاتياً، مع تهجير 328 شخصاً منهم 182 طفلاً".
يقول عودة إنّ سياسة هدم المنازل سياسة قديمة - جديدة، وذريعتها عدم حصول السكان المقدسيين على تراخيص، وهي نتيجة لسياسة بلدية الاحتلال في القدس التي لا تمنحهم تراخيص إذ تضع العديد من العوائق والمتطلبات، وبالتالي فإنّ خلاصة ذلك هي أنّ سلطات الاحتلال تعمل على تطبيق قوانين عنصرية تحول دون حصول المقدسيين على تلك التراخيص. يضيف: "من التحديات والعوائق التي تواجه المقدسيين النقص في الأراضي، فسلطات الاحتلال تستغل 88 في المائة من أراضي القدس الشرقية، فلا تترك سوى 12 في المائة فقط للمقدسيين، بالإضافة إلى المدة الطويلة التي تستغرقها عملية الحصول على تراخيص، كما كلفتها المالية المرتفعة التي تصل إلى عشرات آلاف الدولارات، وكذلك متطلبات وشروط إثبات ملكية الأرض من خلال الطابو وتطبيق قانون أملاك الغائبين على المتقدمين لطلب الحصول على تراخيص".
يذكر أنّه خلال 53 عاماً من احتلال القدس (1967) تمارس سلطات الاحتلال سياسات تخطيط حضري عنصري تهدف إلى طرد الفلسطينيين المقدسيين وزيادة عدد المستوطنات والمستوطنين في الأرض الفلسطينية المحتلة بهدف خلق أغلبية يهودية مقابل أقلية فلسطينية عربية.
في المقابل، يعيش الفلسطينيون في القدس المحتلة، بين خيارين؛ إما التهجير وفقدان حقهم في العيش في مدينتهم، أو البناء من دون ترخيص نتيجة القيود المفروضة على الحصول على تراخيص البناء، علماً أنّ في مدينة القدس 22 ألف منزل تقريباً، بنيت من دون ترخيص يقيم فيها نحو ثلث سكان المدينة، أي 90 ألفاً، ما يعني أنّ مصيرها الهدم مع تهجير أهلها لاحقاً. أما عن الهدم الذاتي، فيشير عودة إلى أنّ مدينة القدس تشهد مؤخراً ازدياداً ملحوظاً في هذه السياسة، وذلك تفادياً لدفع مبالغ عالية، وهي تكاليف الهدم لبلدية الاحتلال في القدس، وهذا بدوره ينعكس سلباً على الوضع النفسي للمقدسيين، خصوصاً الأطفال الذين يشهدون على هدم أهاليهم لمنازلهم بأنفسهم. وهو فعل يخفف عن بلدية الاحتلال عملية الهدم، ويقلل من مسؤوليتها القانونية محلياً ودولياً.
يقول عودة، إنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي، في كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، تعمل منذ 72 عاماً على تطبيق سياسات عنصرية تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية والجغرافية من خلال السيطرة على الأرض وطرد وتهجير الفلسطينيين. وقد ترجمت هذه السياسة بمصادرة الأراضي، وبناء المستوطنات، والتخطيط الحضري الاستعماري، وتقييد البناء، وهدم المنازل بحجة عدم الترخيص، والهدم العقابي، وإغلاق المدن والبلدات، وتقييد حرية الحركة من خلال بناء جدار الفصل العنصري والحواجز العسكرية، وسحب الإقامة، وأسرلة التعليم.
ويؤكد عودة أنّ سياسة هدم المنازل هي جزء من سياسة الترانسفير التي تمارس بحق الشعب الفلسطيني في مدينة القدس والتي تخالف وتنتهك الأعراف والقوانين والاتفاقيات الدولية وبشكل خاص اتفاقية جنيف الرابعة، وهدفها ترحيل المقدسيين من أرضهم وتحويلهم إلى لاجئين، كما فعل الاحتلال عامي 1948 و1967 وغيرها من المناسبات، في معظم أراضي فلسطين التاريخية التي قام عليها كيانه.
تهجير 3177 مقدسياً
سياسة هدم منازل الفلسطينيين التي تتبعها قوات الاحتلال الإسرائيلي هي من الأسس الاستيطانية للكيان المحتل. وقد قامت إسرائيل بين عامي 2004 و2019 بهدم 968 منزلاً، مع تهجير 3177 شخصاً منهم 1704 أطفال، بالإضافة إلى سياسة الهدم العقابي التي يعاقب من خلالها الاحتلال المتهمين بنشاطات ضد أهداف إسرائيلية.