أظهر تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" اليوم الأربعاء، مدى إمعان الاحتلال الإسرائيلي في منع البناء الفلسطيني بالمنطقة "سي" في الضفة الغربية المحتلة، مقابل إصدار مئات أوامر الهدم للبيوت التي شيدها فلسطينيون في المنطقة الخاضعة للسيادة الأمنية والمدنية لدولة الاحتلال بموجب اتفاقيات أوسلو.
ووفقاً لتقرير "هآرتس" فقد قدمت "الإدارة المدنية"، وهي الذراع التنفيذية لدولة الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة، معطيات رسمية عن عامي 2018 و2019 يتضح منها أنها وافقت على منح 21 ترخيصا للبناء من أصل 1485 طلبا، أي أنها رفضت 98.6 بالمائة من هذه الطلبات. وبينت المعطيات أن دولة الاحتلال أصدرت 2147 أمر هدم لبيوت فلسطينية أقيمت في أراضي المنطقة "سي"، تم تنفيذ 90 أمرا منها.
ولفتت الصحيفة إلى أنها حصلت على هذه المعطيات بفضل التماس قدمته جمعية "بمكوم" الحقوقية على أساس قانون حرية المعلومات، حيث أقرت "الإدارة المدنية" أنه تم في الفترة المذكورة إصدار 56 ترخيص بناء، منها 35 طلبا لم تقدم من قبل الفلسطينيين أنفسهم، وإنما كجزء من مخططات الاحتلال لترحيل عرب الجهالين من تجمعهم السكني على أراضي العيزرية وأبو ديس شرقي القدس المحتلة في المنطقة، المعروفة بالمنطقة "إي 1"، والتي يحاول الاحتلال البناء فيها لضمان تواصل مع مستوطنتي "معاليه أدوميم" و"كفار أدوميم"، من جهة، وقطع التواصل الجغرافي بين شمالي الضفة الغربية وجنوبها.
وأضافت الصحيفة أنه يستدل من المعطيات التي حصلت عليها جمعية "بمكوم"، أنه منذ عام 2000 ولغاية اليوم قدم الفلسطينيون 6532 طلبا للحصول على ترخيص للبناء تم إقرار 210 طلبات فقط أي ما يعادل 3.2 بالمائة.
ولفت التقرير إلى أن رفْض منح الفلسطينيين تراخيص للبناء قد تعاظم بشكل أساسي بعد اتفاق أوسلو وتقسيمه منطق الضفة لمناطق "أي" و"بي" و"سي"، مع تحديد أن الصلاحيات الأمنية والمدنية للسلطة الفلسطينية تكون فقط على مناطق "أي". أما المناطق "بي" فتكون الصلاحيات المدنية فقط للسلطة الفلسطينية والأمنية لدولة الاحتلال، فيما أبقيت الصلاحيات المدنية والأمنية كاملة في المناطق "سي" بأيدي الاحتلال.
وبحسب التقرير، فإن دولة الاحتلال، وقبل أن يستفحل مشروعها الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة، في أواسط السبعينات كانت تقر بشكل عام الغالبية العظمى من طلبات الترخيص للبناء. ووفقا مثلا لمعطيات "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق" فقد أقر عام 1972 الاحتلال الإسرائيلي 2134 طلبا للبناء من أصل 2199 تم تقديمها أي بواقع 97 بالمائة.
وفي عام 1963 تم إقرار 96 بالمائة من مجمل هذه الطلبات، لكن في العام الثاني للانتفاضة الأولى في 1988 وفي عهد حكومة الوحدة الوطنية بين حزب "العمل" و"الليكود" تراجعت نسبة الموافقة على طلبات التراخيص والبناء الفلسطيني إلى 32 بالمائة من مجمل هذه الطلبات.
ويشير تقرير جمعية "بمكوم" إلى أنه من أصل 240 قرية فلسطينية تقع بالمنطقة "سي" بحسب اتفاقيات أوسلو، فإنه توجد خرائط هيكلية مجازة فقط لـ27 قرية منها أي ما يوازي عمليا 0.5 بالمائة من أراضي المنطقة "سي"، فيما يصل حجم المساحات المقررة للبناء للمستوطنات الإسرائيلية في المنطقة سي إلى 26 بالمائة من الأراضي، وفق ما أفاد به المسؤول عن مراقبة البناء والاستيطان في المنطقة "سي" في الجمعية، آلون كوهين.
وتشكل أراضي المنطقة "سي" الاحتياطي الأكبر، ومن وجهة نظر الاحتلال الإسرائيلي لتكثيف الاستيطان فيها بما يمنع نهائيا إقامة دولة فلسطينية، وشهدت الانتخابات الإسرائيلية العامة في إبريل/ نيسان وسبتمبر/ أيلول من العام المضي مزايدات بين أحزاب اليمين في إسرائيل بهذا الخصوص وأعلن وزير الأمن الحالي، وزعيم حزب "يمينا"، نفتالي بينت، أن حزبه سيعمل على ضم المنطقة "سي" كليا لدولة الاحتلال، بالركون إلى أن أعداد الفلسطينيين في هذه المنطقة قليل ولا تتجاوز بحسب زعمه المائة ألف فلسطيني، وأن ضمهم لن يؤثر في ميزان التهديد الديموغرافي لدولة الاحتلال.
وأمس أعلن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، خلال إطلاق حملة "الليكود" الدعائية، أن حكومته ستعمل قريبا على ضم غور الأردن وشمالي البحر الميت وكافة الكتل الاستيطانية وباقي المستوطنات وفرض القانون الإسرائيلي عليها.