يسلط إعلان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، مساء الإثنين، أن بلاده لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة "مخالفة للقانون الدولي"، الضوء تجاه واقع الاستيطان في الضفة الغربية، إذ كثفت إسرائيل من استيطانها بالضفة، لتصبح المستوطنات تفوق المئتي مستوطنة يقطنها أكثر من 620 ألف مستوطن، ويلاحظ أن أكثر من نصف تلك المستوطنات هي بؤر استيطانية أقيمت من دون مصادقة حكومية.
ووفق معطيات لمركز المعلومات لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم" (وهو منظمة إسرائيلية)، فإنه منذ عام 1967 وحتى نهاية 2017، أقيمت في أنحاء الضفة الغربية أكثر من 200 مستوطنة، منها 131 مستوطنة اعترفت بها وزارة الداخلية الإسرائيلية كبلدات، ومنها أيضا نحو 110 مستوطنات أقيمت من دون مصادقة رسمية "بؤر استيطانية"، ولكن بدعم ومساعدة وزارات حكومية، وعدد من الجيوب الاستيطانية في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، فيما رصد وجود 11 حياً استيطانياً في القدس الشرقية أقيمت على أراض في الضفة الغربية ضمّتها إسرائيل إلى منطقة نفوذ القدس، وكذلك عدد من الجيوب الاستيطانية في قلب الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية.
وبلغ عدد المستوطنين الذين يسكنون في تلك المستوطنات أكثر من 620 ألف مستوطن، منهم أكثر من 413 ألف مستوطن في مستوطنات الضفة الغربية، باستثناء شرق القدس، وأكثر من 209 آلاف مستوطن في أراضي الضفة الغربية التي ضُمّت إلى بلدية القدس.
وقال "بتسيلم" إن "المستوطنات هي العامل الأكثر تأثيرا على واقع الحياة في الضفة الغربية وإسقاطاتها على حقوق الإنسان الفلسطيني، وهي مدمّرة وتطاول ما هو أبعد بكثير من مئات آلاف الدونمات التي سُلبت منهم لأجل إقامتها".
وأشار المركز إلى أن تلك المصادرات للأراضي شملت المراعي والأراضي الزراعية التي صودرت أراضٍ منها لأجل شقّ مئات الكيلومترات من الشوارع الالتفافية المخصّصة للمستوطنين؛ والحواجز والوسائل الأخرى لتقييد حركة الفلسطينيين فقط، وأقيمت تبعًا لمواقع المستوطنات؛ وكذلك إغلاق مجال وصول الفلسطينيين إلى كثير من أراضيهم الزراعية تلك الواقعة داخل نطاق المستوطنات أو خارجها؛ وترسيم المسار الملتوي للجدار الفاصل، والذي يمسّ على نحوٍ خطير بحقوق الفلسطينيين القاطنين في محاذاته، داخل أراضي الضفة الغربية، والهدف الأساسي لإسرائيل من ذلك أن تبقي إلى الغرب من الجدار ما أمكن من المستوطنات والأراضي التي تعدّها لتوسيع المستوطنات.
ويمتدّ عمران المستوطنات حاليا على مساحة 538.127 دونماً، وتشكّل نحو 10% من مساحة الضفة الغربية، يضاف إليها 1.650.376 دونما هي مساحة مناطق نفوذ المجالس الإقليمية للمستوطنات، وتشمل براري شاسعة لا تدخل في منطقة عمران أيّ من المستوطنات.
وتبلغ مساحة الأراضي الواقعة تحت سيطرة المستوطنات مباشرة نحو 40% من مجمل مساحة الضفة الغربية، وتشكّل 63% من مساحة مناطق C.
وأشار "بتسيلم" إلى أن امتناع إسرائيل عن الضمّ الرسميّ (سوى ضمّ القدس الشرقية)، لكنها تعامل المستوطنات كجزء من مناطق تملك فيها السيادة الفعليّة وتعمل على محو شبه تامّ للخط الأخضر بالنسبة إلى مواطنيها الإسرائيليين، في مقابل تركّز السكّان الفلسطينيين في 165 جزيرة أرخبيليّة منفصلة ومتحلّلة (مناطق A و-C).
في غضون ذلك، يؤكد مركز المعلومات الوطني الفلسطيني أن إسرائيل أقامت ما بين الأعوام 1996 والعام 2016 العديد من المواقع الاستيطانية في الضفة الغربية التي أصبحت تعرف فيما بعد بـ"البؤر االستيطانية"، وأن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ادعت أنها لن توفر لتلك المستوطنات غطاء قانونيا، لكنها وفرت لها غطاء أمنيا.
وأضحت ظاهرة البؤر الاستيطانية تضاهي المستوطنات القائمة؛ حيث يسيطر المستوطنون على مساحات شاسعة من المناطق العشوائية في الضفة، ويعملون على تقطيع المناطق الفلسطينية لتعزيز سياسة الفصل الإسرائيلية، وهو يخالف ما تمت الإشارة إليه في خريطة الطريق، بخصوص إزالة تلك البؤر لإقامة دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي يتمتع بالسيادة.
وحتى أواخر عام 2016، تمكنت إسرائيل من إقامة 121 بؤرة استيطانية في محافظات الضفة الغربية، وبلغت المساحة الكلية التي تحتلها تلك البؤر 5805 دونمات من أراضي الضفة الغربية، فيما بلغ عدد المستوطنين الذين يسكنونها حتى عام 2012 حوالي 7934 مستوطنا.
وتبدو الأطماع الإسرائيلية في الضفة الغربية واضحة من خلال الأطماع بالأغوار الفلسطينية شرقي الضفة، وهو ما بدا في تعهد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في سبتمبر/أيلول الماضي، بالسيطرة على الأغوار الفلسطينية ومنطقة شمال البحر الميت الواقعة شرقي الضفة الغربية، حال فوزه بالانتخابات الإسرائيلية.
وتشكل الأغوار الفلسطينية ما بين 27-28% من مساحة الضفة الغربية، حيث تبلغ مساحة منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت 1.6 مليون دونم.
ومنذ أن احتلت إسرائيل الضفة الغربية عام 1967 وحتى الآن، فقد أقامت دولة الاحتلال 36 مسـتوطنة في الأغوار الفلسطينية، على حوالي 27 ألف دونم صالحة للزراعة ويعيش فيها ما يقارب 9500 مستوطن، وفق حقائق ومعطيات لدراسة أعدتها الباحثة تحرير صوافطة العام الماضي.
في المقابل، بلغ عدد السكان الأصليين من الفلسطينيين في الأغوار عام 2012 حوالي 70 ألف فلسطيني يعيشون في 29 بلدة على مساحة 10 آلاف دونـم تقريباً، وهناك حوالي 15 ألف فلسطيني يعيشون في عشرات التجمعات البدوية الصغيرة.
وتشكل الأغوار الفلسطينية حوالي 28% مـن مسـاحة الضـفة الغربية، لكن 88% من أراضي الأغوار تصنف مناطق "ج" الخاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي.