فقد التاجر مازن المشهراوي تصريح التنقل الذي كان الاحتلال الإسرائيلي يمنحه إياه، للمرور عبر معبر بيت حانون/ إيرز شمال قطاع غزة نحو أسواق الضفة والخارج عام 2015.
منذ ذلك الوقت، لا يزال التاجر الفلسطيني ممنوعاً من التنقل، ما اضطره إلى إغلاق محالّه لتجارة وبيع قطع غيار السيارات.
وحرّم الاحتلال عشرات التجار خلال السنوات الأخيرة من الحصول على تصاريح تنقل تمكّنهم من تسيير تجارتهم المختلفة، لأسباب قد تكون في غالبيتها غير معلومة لدى التاجر نفسه، لكن اليقين لديهم هي أنها تندرج تحت سياسة واضحة تمضي باتجاه خنق اقتصاد غزة.
وعمد الاحتلال إلى فرض قيود وإجراءات عقابية على سكان القطاع طوال السنوات الأخيرة، للضغط عليهم ضمن مسلسل الحصار الذي يتواصل للعام الثاني عشر على التوالي.
يقول المشهراوي لـ"العربي الجديد"، إن ممارسات الاحتلال أجبرته على إيجاد مجالٍ آخر للعمل به، ومحاولة توفير دخلٍ يومي يعتاش عليه هو وأسرته وفي بعض الأحيان لا يجد.
بدوره يُقدر رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين في غزة، علي الحايك، عدد من يعانون من أزمة تصاريح التنقل من تجّار غزة بـ 2700 تاجر، أسماؤهم تندرج تحت مسميات منها تحت المنع أو قيد البحث لدى الجانب الإسرائيلي، إذ لا توجد آلية واضحة لدى الأخير بهذا الخصوص.
ويرى الحايك في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن مشكلة إعاقة الحركة بين المحافظات الشمالية والجنوبية والعالم الخارجي سببت أزمة لدى التجّار ورجال الأعمال، ولدى القطاع الخاص بأكمله في غزة.
ويعدّ القطاع الخاص مستهدفاً من الحصار، ومن الحروب الثلاث التي شُنّت على غزة وأدت لتدميره، وفق الحايك، مؤكداً أن هناك حالة من الإهمال لهذا القطاع من جميع النواحي، سواءٌ من منح التصاريح للتجار أو رفع الحصار أو حرية الحركة والتصدير والمعابر، مروراً بتعويضه عن الخسائر التي تكبدها وأدت لانهيار تدريجي باقتصاد غزة.
ويقدر عدد المصانع التي أغلقت أبوابها بشكل طوعي خلال الأعوام الأخيرة بنحو 450 مصنعاً، بينما يرجح أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من الإغلاق على صعيد المؤسسات والمصانع وتسريح الأيدي العاملة منها، وفق خبراء اقتصاد.
ووفقاً لتقرير أصدرته اللجنة الشعبية لكسر حصار غزة أخيراً، فإن نسبة البطالة بين الشباب تصل إلى 65% في وقتٍ بلغت الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة في غزة 300 مليون دولار خلال 2018.
وكان تقرير للبنك الدولي صادر في نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، قد كشف عن شحٍّ كبير في السيولة النقدية لدى الفلسطينيين في غزة، وحدوث انهيار اقتصادي متصاعد، ما يمهد لخطرٍ فادح في تلبية الحاجات الأساسية للسكان.
وذكر البنك أن فرداً واحداً من أصل اثنين في قطاع غزة يعاني من الفقر، كما أن المساعدات المتوفرة حالياً للقطاع عاجزة عن توفير النموّ.
ويقول مسؤول العلاقات العامة في غرفة تجارة وصناعة غزة، ماهر الطباع، إن أعداد التجار ورجال الأعمال الذين أُدرجت أسماؤهم ضمن الممنوعين من الحصول على تصاريح تنقّل إلى الأراضي المحتلة والضفة الغربية، قد ازدادت مع تشديد الاحتلال حصاره لغزة في السنوات الأخيرة.
ويرى الطباع أن تصاريح التنقل التي يحاول تجار غزة الحصول عليها، تعدّ ضرورية لتمكينهم من السفر والحصول على المنتجات التي يريدونها، وعقد صفقات تجارية وحتى حضور معارض في هذا الشأن بالخارج.
ووصف العام الماضي 2018 بالأسوأ اقتصادياً في غزة، بفعل الحصار الإسرائيلي المستمر منذ عام 2006، وفرض السلطة الفلسطينية عقوبات على القطاع منذ أكثر من عام ونصف، إلا أن المؤشرات الحالية تنبئ بتزايد المعاناة، ولا سيما مع إعلان مؤسسات إغاثية عالمية تقليص تمويلها.
ووفق رئيس اللجنة الشعبية لكسر الحصار جمال الخضري في تصريحات لـ"العربي الجديد"، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، فإن 85% من سكان غزة باتوا يعيشون تحت خط الفقر، مشيراً إلى توقف أغلب المصانع بشكل كامل وجزئي، وهذا كله قد أثّر على القدرة الشرائية في غزة، وأحدث فيها ركوداً في كل القطاعات.