الاحتلال يحتجز أموال الضرائب الفلسطينية بسبب مخصصات الأسرى المالية

17 فبراير 2019
نتنياهو توعّد الأسبوع الماضي بمصادرة أموال الضرائب (Getty)
+ الخط -
قررت حكومة الاحتلال الإسرائيلية، اليوم الأحد، احتجاز مبلغ 138 مليون دولار من تحويلات الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية، بسبب ما تقدمه السلطة من مخصصات مالية لعائلات الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. 

وجاء في بيان أصدره مكتب رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أن المبلغ يساوي ما دفعته السلطة الفلسطينية العام الماضي "لإرهابيين مسجونين لدى إسرائيل ولعائلاتهم، وللسجناء المفرج عنهم".

في المقابل، عقّب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني على القرار الإسرائيلي بالقول إن "القيادة الفلسطينية لن تتسلّم أي أموال من الجانب الإسرائيلي كردّ أولي"، وفقًا ما نقلت عنه وكالة "الأناضول".

بدوره، اعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، أن إقدام إسرائيل على الخصم من أموال المقاصة الفلسطينية، يهدد قدرة الحكومة الفلسطينية بالالتزام بدفع رواتب وأجور الموظفين في مواعيدها المقررة، فيما لقي القرار الإسرائيلي إدانات واسعة.

وقال الحمد الله في تصريح له عبر صفحته في موقع "فسبوك"، مساء اليوم الأحد، إن "إقدام إسرائيل على الخصم من أموال المقاصة الفلسطينية التي هي إيرادات ومقدرات شعبنا وملك للخزينة العامة بحسب الاتفاقيات الموقعة، يأتي في سياق العقوبات الجماعية التي تمارسها، وفي حرب مفتوحة تشنها على الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية بهدف المزيد من التضييق عليه ولابتزازه، وضمن مخطط لتدمير السلطة الوطنية وسلبها قدرتها على الاستمرار في تقديم الخدمات والوفاء بالتزاماتها تجاه موطنيها".

وأضاف الحمد الله أن "اقتطاع أموال المقاصة، إنما يضع الاقتصاد الفلسطيني في دائرة الخطر، ويهدد قدرتنا على الالتزام بدفع رواتب وأجور الموظفين في مواعيدها المقرة، ويعطل دوران العجلة الاقتصادية".

وأكد عدم المقايضة بالحقوق والمواقف الراسخة بالمال. وقال: "إننا مستعدون لكافة السيناريوهات في حال أقدمت الحكومة الإسرائيلية فعلياً على تنفيذ تهديداتها"، مؤكداً أن القانون الخاص بخصم مخصصات الأسرى والجرحى من أموال المقاصة، الذي صادق عليه الكنيست في يونيو/ حزيران الماضي، والذي أقره الكابينت الإسرائيلي، مساء اليوم، "إنما يأتي استمراراً لسن إسرائيل للقوانين العنصرية الداعمة للاحتلال، وتقويضاً لحل الدولتين ولأية فرصة حقيقية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، وهو انتهاك لميثاق جنيف الرابع وللمعاهدات الدولية، ويتعارض مع الاتفاقية المرحلية الموقعة في أيلول 1995 بين إسرائيل ومنظمة التحرير"، "وعليه فإن التعدي على هذه الأموال وحجبها يعد سرقة للمال العام الفلسطيني وجريمة ذات طابعٍ دوليّ".

وشدد الحمد الله على موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، باعتبار "أن الأموال التي نقدمها لعائلات الأسرى والشهداء هي مسؤولية علينا وليست هبة أو منحة، وإنما جزء لا يتجزأ من العقد الاجتماعي بين الدولة ومواطنيها، ومكون في منظومة التكافل والحماية الاجتماعية، خاصةً مع تزايد التصعيد الإسرائيلي الخطير ونهب الأراضي والتوسع الاستيطاني والاستمرار في حصار غزة وسلب مقومات الحياة منها"، وأضاف "لن نكون إلّا مع الأسرى ومع عائلاتهم، وخلفهم في معركتهم العادلة حتى إطلاق سراحهم جميعاً دون قيد أو شرط. هذا موقفنا ولن نتراجع عنه".

كذلك أكّد "ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل جدي إزاء هذه التهديدات وإلزام إسرائيل بوقف تعاملها مع أموالنا كأداةٍ عقابيةٍ، فيما دعا الحمد الله إلى إحياء وتفعيل شبكة الأمان المالية العربية، لتمكين الشعب الفلسطيني وقيادته من التصدي لمثل هذه الإجراءات العقابية، وتجنيب الشعب الفلسطيني المزيد من المعاناة والظلم".

في هذه الأثناء، قال رئيس "نادي الأسير" قدورة فارس في بيان إن "قرار (الكابينت) الإسرائيلي قرصنة مستحقات الأسرى والشهداء يهدف إلى النيل من نضالات الشعب الفلسطيني وتضحياته، وعلى المجتمع الدولي تحمّل تبعات القرار".

وأضاف فارس أن "سياسات الاحتلال الإسرائيلي هذه ليست بالجديدة، فمن سرق الأرض وقتل وجرح الآلاف من أبناء شعبنا، يلجأ اليوم إلى سرقة المال، في ظل استمرار حالة الصمت الدولية حيال ذلك.

وتابع فارس أن "محاولة إسرائيل هذه تندرج في إطار عمليات الضغط لربط النضال الفلسطيني بالإرهاب وخلط الأوراق مع ما يسمى بالحرب على الإرهاب، ليشمل هذا التوجه الشهداء والأسرى الفلسطينيين الذين ناضلوا من أجل حقهم بالحرية والاستقلال.

وأشار إلى أن رعاية ذوي الشهداء والأسرى كانت وما زالت حقاً كفلته الحركة الوطنية كجزء من الأعراف والقوانين التي أقرتها، مشدداً على أن الحركة الوطنية لم ولن تغير سياساتها اتجاه الأسرى ورعاية أُسرهم، ولن ترضخ لأي ضغوط من أي جهة كانت، وستواصل القيام بمسؤولياتها مهما كانت التحديات.

من جانبه، دان رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية قدري أبو بكر في تصريح له في بيان للهيئة القرار الإسرائيلي، مؤكداً أن "السلطات الإسرائيلية تمارس إرهاباً اقتصادياً منظماً ضد الفلسطينيين، وإن ما أقدمت عليه اليوم من احتجاز لأموال المقاصة، لا يشبه إلا سلوكيات القراصنة والسارقين وقطاع الطرق".

ورأى أبو بكر أنه "ينبغي على المجتمع الدولي وقف جرائم الاحتلال ومحاسبته على جرائمه المتواصلة بحقنا، وسيطرته على مواردنا"، لافتا إلى أن أموال الضرائب "هي أموال فلسطينية بحتة وملك للخزينة العامة وللشعب، وأن الخصم من هذه العائدات ما هو إلا استمرار للقرصنة الإسرائيلية على مليارات الأموال الفلسطينية، في مخالفة واضحة وخرق فاضح لالتزامات إسرائيل وفق الاتفاقيات الموقعة، وخاصة بروتوكول باريس الاقتصادي".

وكان نتنياهو قد توعّد الأسبوع الماضي باقتطاع جزء من عائدات الضرائب التي يتم تحويلها إلى السلطة الفلسطينية، استجابة لخصومه السياسيين اليمينيين، وذلك في وقت يسعى فيه للفوز بولاية جديدة في الانتخابات المقبلة.


في المقابل، أكد وزير الشؤون المدنية الفلسطينية حسين الشيخ، في حينه، أنه نقل بطلب من الرئيس محمود عباس رسالة رسمية إلى إسرائيل، تؤكد "رفض تسلّم أموال الضرائب إذا قامت إسرائيل بخصم فلس واحد منها".

وتجمع إسرائيل نحو 127 مليون دولار في الشهر على شكل رسوم جمركية مفروضة على البضائع المتجهة إلى الأسواق الفلسطينية، التي تمر عبر الموانئ الإسرائيلية، قبل أن تحوّلها إلى السلطة الفلسطينية.

وكان "الكنيست" الإسرائيلي قد أقر في يوليو/ تموز الماضي قانوناً لحسم قيمة ما تدفعه السلطة الفلسطينية من مخصصات شهرية لذوي المعتقلين والشهداء من الأموال المستحقة للسلطة الفلسطينية. 

وبموجب بروتوكول باريس الاقتصادي، الموقّع بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاحتلال عام 1994، تقوم إسرائيل بجمع الضرائب على البضائع التي تمر عبر معابرها إلى الأراضي الفلسطينية، وتحوّلها شهرياً الى السلطة الفلسطينية. 

(فرانس برس، الأناضول، العربي الجديد)