13 يونيو 2020
الاحتفاء بالمرأة من دون السورية والفلسطينية!
المرأة العربية غير المدرجة في شعارات كتبت عنها، تمجيداً ورئاء واحتفاء بخصالها، شُجاعة كأم أو مناضلة في المجتمع ومتفوقة في مجالات عدة، أو التي وجدت أمّاً لأسير وزوجة لشهيد ومعتقل، أو أختاً وابنة لكل هؤلاء، هي التي يهرب منها ومن معاناتها من أتقن "فن" تأطيرها في يوم من أيام آذار كل عام، كتقليد حضاري وإنساني يتكرر فيه الحديث عن دورها في الحياة، أو استعمال المناسبة مادة دعائية مثلها مثل الشعارات الرسمية والحزبية والفصائلية التي تشير للمرأة وغيرها..
وبما أن يوم الاحتفاء بالمرأة، تحول لأكثر الأيام تعبيراً عن الجبن والخنوع والتهرب من مواجهة حقائق فرضتها أحداث الأعوام الماضية بما يخص سيرة من يستحق التضامن معها في مناسبة كتلك، فإن المرأة السورية تحديدا والفلسطينية في سورية لا المحشورة في بيانات "البطولة" تبقى العنوان الأبرز والغائب المستمر عن جدول التضامن لمن حمل لواء تذكر هذا اليوم، المرأة التي تهان وتذل كل لحظة، شأنها شأن نسلها المشتت المقتول والمعذب والمحطم من أجل كرامة ورغيف خبز وقطرة حليب وحرية وطن، فَصل بينهم نخب وأنظمة أطلقت عليه "حضن أو حاضنة الإرهاب"..
نساء فلسطين أو سورية، هن صورة مغايرة لسخافة من يدعي الوقوف بجانبهن، و"مختلفون" عن المرأة التي يراد الاحتفاء بيومها بمزيد من العملقة المؤدية لدونية معاناة أبناء الرحم الواحد، فقضية معاناة المرأة في سورية، سورية أم فلسطينية، لم تعد قضية ملحة وضرورية مع أنها ارتبطت بوشائج وثيقة بالمد النضالي "لحركة تحرر وطني" في أيام عزها ومجدها، وخصوصاً من تصدى للدفاع عن حريتها وأهمية دورها على مدار عقود، لكنها متخيلة فقط في البيانات والأماني الفارغة لتشويش الواقع، مطلوب نساء غير مفجوعات بفلذات الأكباد والأحباب، ولا مقتولات ومغتصبات من جيش البلاد وعصاباته حتى لا ينزعن جمالية المناسبة..
من غير اللائق "نخبوياً" أن تذكر في يوم المرأة، أحوالها في مخيمات النزوح، أو تتجرأ هي للسؤال عن الزوج أو الحبيب والولد في فروع "فلسطين والجوية وزنازين" الأسد ، ومن غير اللائق أن يتحلى نخب حركة تحرر بشجاعة السؤال عن نسل المرأة ومصابه بنكبته السورية، أسئلة لا تنسجم ومغطس العار الذي غرق فيه الباحثون عن امرأة في بوستر نضالي لرفعه في صدارة المناسبة وعن شعار وكلمات تزين بيانات جبانة ومرتعدة من واقع المرأة..
هي ليست بوستر نضالياً ولا امرأة مقاتلة ولا مناسبة موسمية، وأم أسير في معتقلات العدو وأم شهيد قضى في معركته لتحرير الأرض ومواجهة العدو فقط، هي رحم الوطن كله، انسابت منه تضحياته كلها وعذاباته وهي تدفع بمشهد تزاحمها على معابر الإذلال وحدود التهجير في المدن والقرى والأزقة إلى صدارة مشهد الفاجعة بها وبكل الأحبة، يليق بالمرأة داخل سورية ومخيمات النزوح الكبرى، الذي تحول مثلها "لأيقونة" احتفالية دون الدلالة على القاتل والمجرم والمغتصب والمحاصِر لبقية مدن سورية، المرأة الغائبة عن الاحتفاء بيومها وتذكر فاجعتها التي تهرب منها "نخب" وبيانات حركات التحرر وأحزابها هي تلك المرأة التي لملمت أشلاء ابنها جراء قصف روسي على ريف حلب وتلك التي تتجرع حسرة فلذات الأكباد في "فرع فلسطين" الأسدي وتلك المختفية خلف قضبان زنازين العار الأسدي..
لم يبق من يوم المرأة، سوى العزوف عن متابعة قضاياها في سورية، في مخيم اليرموك والنيرب ودرعا وحندرات وخان الشيح، وفي حماة وحمص ودرعا والرقة والقامشلي، وحلب وإدلب وأريافها وفي كل تجمع لا تعترف به بيانات الاشادة بإرثها الأخلاقي والإنساني والنضالي الذي عبد ومهد في صبره وحزنه لمن يدعي أنه يحتفي بها..
للمرأة الفلسطينية والسورية في الشتات والمنافي، خزان تزويدنا بكل معاني الثبات والحنان والاستمرار فيض من المشاعر ونبض القلوب، للمرأة المتحررة من الرؤى الحزبية والفذلكات التحليلية الضيقة كل التقدير والاحترام.. وكثير من العار لمن يدعي نسبه لأم وامرأة وأخت وزوجة ورفيقة بمسافة بعيدة عن شقيقات الرحم والمعاناة، دونهما لا قيمة لأوطان فما بالنا بمناسبات تملقها!