الاتفاق التركي الأوروبي حول اللاجئين.. أمام امتحان التنفيذ

04 ابريل 2016
اليونان بدأت اليوم بإعادة اللاجئين إلى تركيا(Getty)
+ الخط -
يبدو الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا معقدا نسبياً، كونه لا يملك الخلفية المنطقية، وهو الذي قضى بوقف تدفق اللاجئين من تركيا إلى اليونان مقابل حصول أنقرة على مبالغ مالية ومكاسب سياسية، على أن تعمل دول الاتحاد من جهتها على إعادة توطين آلاف اللاجئين الموجودين في تركيا، وذلك ضمن رحلات منظمة وبطريقة شرعية، والتي من المرجح أن يكون هناك اتفاق على توزيعها بين دول الاتحاد وفي مقدمتهم ألمانيا، فرنسا، هولندا، فنلندا، والبرتغال.

ويبقى الحذر من طريقة تعامل السلطات اليونانية والتركية مع آلاف المرحلين، الذين احتجزوا داخل النقاط الساخنة في اليونان، إذ قد يؤدي رفض اللاجئين العودة إلى تركيا، إلى مواجهات مع السلطات المعنية، انطلاقاً من أنهم هربوا من القتل والرعب في بلادهم، وتكبدوا العناء وخطر الموت في البحر وصرفوا الأموال للوصول إلى بر الأمان.

وبدأ خفر السواحل اليوناني ووكالة حماية الحدود الخارجية في الاتحاد الأوروبي "فرونتكس"، اليوم الإثنين وحتى يوم الأربعاء، بإعادة ما يقارب 750 من طالبي اللجوء الذين وصلوا بطريقة غير شرعية إلى جزر بحر إيجه إلى تركيا.

الخوف من العنف

وأمام هذا الواقع، بات الخوف من العنف مبرراً، مع تحول المخيمات إلى سجون حقيقية في اليونان، والمعلومات التي تشير إلى تعامل "غير إنساني" في تركيا، بحسب ما أشارت إليه بعض من المنظمات الدولية، لافتةً إلى أن زعماء الاتحاد الأوروبي تجاهلوا عن عمد حقيقة أساسية، وهي أن تركيا ليست بلداً آمناً للاجئين السوريين.

وتشير التقارير إلى أن لجنة من الاتحاد الأوروبي تريد اقتراح نظام توزيع جديد لاستقبال طالبي اللجوء في الدول الأعضاء للاتحاد الأوروبي، وتقديم ورقة استراتيجية تتضمن خيارين لإعادة النظر في نظام دبلن القائم، والتي من الممكن أن تشمل تجديد النظام الأساسي، ومنها مثلاً توزيع طالبي اللجوء على أساس قدرات وطاقات الدول الأعضاء، أمّا الخيار الثاني فتحدث عن الاحتجاز في نظام دبلن مع قدرة التصحيح التلقائي.

وكانت متحدثة باسم "فرونتكس"، قالت لصحيفة "دي فيلت"، أمس الأحد، إن عدد العاملين الذين وعد الاتحاد الأوروبي بوصولهم إلى اليونان قبل بدء تنفيذ الخطة ليس كافياً، مع العلم أن "فرونتكس" كانت قد طالبت بـ1500 ضابط شرطة و50 خبيراً للتعامل مع الأزمة، في وقت لم يصل إلا حوالي 700 من المسؤولين و44 خبيراً، وهو ما سيؤخر إجراءات الترحيل والتدقيق في الطلبات مع وجود العقبات التقنية واللوجستية.

ومن الناحية القانونية، فإنّ الاتحاد الأوروبي يطالب اليونان بإعلان تركيا بلداً آمناً، وهو ما سيسمح لأثينا بإبعاد المهاجرين غير الشرعيين، الأمر الذي لا يزال موضع رفض من قبلها، مبررةً هذا الموقف بأن الدول التي تطبق اتفاق جنيف للاجئين هي دول آمنة، وبالتالي ليس هناك من ضرورة لتعديل القوانين، وهو ما ترفضه المفوضية الأوروبية لأن تركيا تطبق هذا البند بشكل جزئي، أي أنه ليس هناك من إمكانية لتطبيق مبادئ اللجوء المعمول بها في الدول المصنفة بالآمنة، كون اللاجئ يفقد الحماية عندما يغادر البلد المضيف الأول.

إضافة إلى ذلك هناك تخوف من عدم قدرة الأطراف المعنية على الالتزام بالاتفاق، منها عدم قدرة الشرطة التركية على السيطرة على المهربين ومنعهم من نقل اللاجئين إلى السواحل اليونانية، كون ذلك سيتطلب منها إعادة انتشار لأجهزتها الأمنية التي تكافح هي أيضاً لمحاربة العمليات الإرهابية التي تضرب تركيا حالياً.

ويبقى الترقب في كيفية تنفيذ دول الاتحاد الأوروبي لتوزيع اللاجئين، وهي التي كانت قد رفضت خطة توزيعهم، التي تم التوافق عليها بين دول الاتحاد في خريف العام الماضي، مع العلم أن رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، اعتبر في حديث لصحيفة "بيلد"، أمس، أنّه يتوقع انفراج في معالجة أزمة اللاجئين، مشيراً إلى أن كل الدول الأعضاء وافقت على هذا المخطط، مضيفاً أنه في العام 2016 لن نشعر بالضغط ذاته، الذي كان موجوداً العام الماضي.

وتواجه بعض دول الاتحاد ضغط الرأي العام، مع صعود اليمين الشعبوي المناهض للهجرة وإمكانية استخدامه الشارع لمواجهة الاتفاق.

في المقابل، يتخوف الجانب التركي من أن يدير الطرف الأوروبي ظهره لأنقرة بذريعة عدم استيفائها للشروط، والاكتفاء بتقديم المساعدة المالية، من دون أن تلتزم بالمعاييرالمتعلقة بدخول تركيا الاتحاد الأوروبي.

ولا يخفي بعض المراقبين أن هناك عدداً من الأسباب التي تدعو إلى التفاؤل مع حصول تطورات إيجابية في أزمة اللاجئين، ومنها وقف إطلاق النار الساري حالياً في سورية والحديث عن قرار دولي بإيجاد مخرج للأزمة المستفحلة منذ أكثر من خمس سنوات، علاوة على ذلك فإن خطر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بدأ يضعف تدريجياً، وهذا ما يمكن أن يشكل عامل اطمئنان للمهاجرين، ويدفعهم للتفكير بالعودة القريبة إلى بلدانهم، خاصة أنّ الوضع في بلدان اللجوء ليس أفضل بكثير، هذا إضافة إلى سياسة الدعم التي أقرت في مؤتمر المانحين أخيراً، والتي قضت بتقديم المزيد من أموال الإغاثة لدول جوار سورية، ومنها الأردن ولبنان بهدف تحسين أوضاع اللاجئين الموجودين في مخيمات اللجوء.



المساهمون