الاتحاد المغاربي... هل حان الوقت؟

21 فبراير 2018
+ الخط -
على عكس تصريحات، المسؤولين السياسيين الجزائريين، يستخدم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لغة أكثر دبلوماسية تصالحية تجاه المغرب والملك محمد السادس، وما جاء في آخر برقية بعث بها إلى الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ29 لتأسيس المغرب العربي من حرص الرئيس على توظيف لغة عاطفية مستخدما عبارة أخي المبجل وهي لغة لها دلالة سياسية ودبلوماسية تفهم أن هناك إرادة ونية للتقارب والتعاون بين الجارتين.

فعكس الخطاب الذي جاء على لسان الوزير الأول أحمد اويحي ووزير الخارجية عبد القادر مساهل، اللذين أطلقا تصريحات تتهم المغرب بإغراق الأراضي الجزائرية بالمخدرات، وهي تصريحات صدامية قد تعكس حسب الملاحظين وجود ازدواجية على مستوى الخطاب الرسمي. ما يفسر رؤى مختلفة تجاه الجارة الغربية، لكن دستوريا وسياسيا تبقى الرئاسة هي المؤسسة الأقوى التي ترسم معالم السياسة الخارجية وتصنع المحاور الأساسية تجاه المسائل الإقليمية والدولية.


البرقية الأخيرة تؤكد تمسك الجزائر بالاتحاد المغاربي كخيار استراتيجي لا مفر منه ولا بديل عنه من باقي المحاور التي تحاول الدول المغاربية رسمها والانضمام إليها؛ فالمغرب وموريتانيا يتجهان نحو المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا -سيدوا- بينما الجزائر وتونس تتجهان إلى خيار إقامة تحالف مع السوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا كوميسا. كما أن خيار الاعتماد على الاتحاد الأفريقي يبقى مرهونا بتشكيل قطب مغاربي داخل الهيكل الأفريقي في وجود مجموعات ومحاور جيوسياسية داخل الاتحاد. لذلك عكست رسالة الرئيس مخاوف من تفكك الاتحاد المغاربي على حساب تموقعات جيوسياسية أخرى، وحملت البرقية توصيات للنهوض بمؤسسات الاتحاد المغاربي وتنشيط هياكله..

إن ما يجمع الفرقاء في المغرب العربي اليوم أكثر مما يفرقها، إن المخاطر الأمنية المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية والهجرة غير الشرعية وتجارة المخدرات والتهريب هي تحديات بالغة التعقيد، تفرض مستوى رفيعا من التقارب السياسي والدبلوماسي، وعليها العمل على تقريب وجهات النظر والعمل سويا ميدانيا وعملياتيا في التصدي للجريمة المنظمة العابرة للحدود، وتقليص فجوات الخلافات السياسية والعمل على تحقيق التنمية المستدامة لشعوب المنطقة والقضاء على بؤر التوتر التي تصنعها البطالة والفقر الاجتماعي. إن الأرضية التاريخية موجودة بدءاً من النجم الشمال أفريقي في الكفاح المشترك وتوصيات مؤتمر طنجة سنة 1958 الذي انعقد بين الثلاثي حزب الاستقلال المغربي والحزب الدستوري التونسي وجبهة التحرير الوطني. وهي توصيات شكلت التوافق السياسي المبدئي في الكفاح المغاربي ضد الاستعمار الفرنسي وأرضية مستقبلية ترسم التعاون المشترك، زيادة على الروابط الثقافية والاجتماعية والإمكانيات البشرية والطبيعية.

الرئيس بوتفليقة سياسيا ومؤسساتيا وبما يحمل من ثقل تاريخي كونه ينتمي إلى جيل التحرير الوطني، هو القادر على تفكيك حالة الجمود مع المغرب من إعادة فتح الحدود ورسم علاقات متوازنة ومصالح متبادلة بعيدا عن الخلافات السياسية وحل المسائل التقنية المشتركة، إن التحدي الذي يهدد كيانات الدولة القُطرية عبر العولمة والتعولم يفرض إعادة النظر في مفهوم الدولة الجيوبوليتيكية والانتقال إلى التجمعات والتكتلات الاستراتيجية والمحاور الاقتصادية مفتوحة الحدود والآفاق وبناء قطب إقليمي قوي يقف حاجزا أمام الاحتواء الأوروبي، وفرض خياراته الاقتصادية والعسكرية، في الأخير لا بد من تجاوز كل العقبات الدبلوماسية وطرح المسائل المشتركة ضمن رؤية شاملة متكاملة وفق توازنات إقليمية ودولية.