الاتحاد العام للشغل... مفتاح نجاح أي حكومة تونسية

20 يناير 2015
الاتحاد الفاعل الأبرز منذ الثورة (أمين الأندلسي/الأناضول)
+ الخط -
يعود الاتحاد العام للشغل التونسي إلى الواجهة، مع حالة الشلل التي تعيشها العاصمة وبعض المحافظات بسبب إضراب قطاع النقل، الذي أُعلن لثلاثة أيام، ولتُطرح تساؤلات حول أدواره الوطنية وقوته، وإن كان الفاعل الرئيسي في الحياة العامة التونسية بما يمتلكه من ثقل اجتماعي وسياسي، يتمثل في قاعدة عضوية يبلغ تعدادها ما يناهز 800 ألف شخص، فإن حالة الاستقرار السياسي التي عاشتها تونس طيلة السنوات الأربع الماضية، أبرزته بمكانة القادر الوحيد، ربما، على جمع الفرقاء السياسيين، وهو ما تبين في الحوار الوطني.

تساؤلات دفعت بالأمين العام للاتحاد حسين العباسي إلى التأكيد من جديد أن "الاتحاد ليس معنياً بالحكم، لكنه لن يقبل بحشره في مربع المطلبية الضيقة؛ فالسياسة تعنينا كما الاقتصاد والثقافة. وسوف نكون إلى جانب أية حكومة، نساندها، ونعاضدها، طالما سارت في طريق إحياء المسألة الاجتماعية، باعتبارها المسألة الجامعة لجملة أهداف الثورة وللاستحقاقات التي نادت بها جماهير شعبنا المنتفضة ضدّ الاستبداد والحيف والفقر". 

مع ذلك يبقى الاتحاد، رغم ما يقدمه من رسائل طمأنة، بحسب المراقبين، البوابة الرئيسة لنجاح أية حكومة مقبلة. حقيقة يدركها حزب "نداء تونس"، المعني بتشكيل الحكومة، والرئيس المكلّف الحبيب الصيد، الذي استشار الاتحاد في خيارات حكومته المقبلة من خلال لقائه بأمينه العام.

وأكد النائب عن "نداء تونس" في مجلس نواب الشعب، منجي الحرباوي، لـ "العربي الجديد"، أنّه "لا يمكن لأي طرف سياسي أن يتجاوز الاتحاد العام التونسي للشغل، نظراً لما يمثله من عامل استقرار برز في عدة مناسبات، ومنها الدور الذي لعبه في المشهد السياسي التونسي ما بعد الثورة، ولذلك قمنا في "نداء تونس" باستشارة الاتحاد العام التونسي عند اختيارنا لرئيس الحكومة المكلّف الحبيب الصيد كما نقوم الآن باستشارته في تشكيلها".

ويرجع النائب الحرباوي أهمية الاتحاد العام التونسي للشغل إلى "الدور الذي قام به في الثورة التونسية؛ فقد كان الاتحاد الحاضن للثورة من خلال مكاتبه الجهوية والمحلية في المحافظات التونسية، ولولا هذا الدور لما عرفت ربما الثورة التونسية النجاح الذي عرفته".

وحاولت الحكومات المتعاقبة ما بعد الثورة تقزيم دور الاتحاد العام للشغل من خلال السماح بالتعددية النقابية وبروز هياكل موازية جديدة مثل "الجامعة العامة التونسية للشغل" و"المنظمة التونسية للشغل". لكن رغم وجود هذه النقابات بقي الاتحاد المنظمة الأقوى، ولعل سلسلة الإضرابات المتتالية والناجحة التي قام بها، والتي يتوقع أن تزيد وتيرتها بعد إعلان هياكله النقابية عن سلسلة من الإضرابات  في الأيام المقبلة منها إضراب عمال المناجم وإضراب أساتذة التعليم الثانوي وإضراب النقل، تجعل من الاتحاد العام التونسي للشغل رقماً صعباً في المعادلة التونسية ، وتقدم رسائل واضحة للحكومة المقبلة.

غير أنّ المستشار الإعلامي للأمين العام للاتحاد غسان القصيبي، ينفي لـ "العربي الجديد" وجود أي رسائل، قائلاً إنّ "الاتحاد غير معني بتوجيه أي رسالة لأي طرف، وهو يقوم بدوره فى الدفاع عن مكتسبات الطبقة العاملة ضماناً للسلم الاجتماعي؛ فالاتحاد يؤدي رسالته منذ أن تم تأسيسه، وهي بالأساس الدفاع عن حقوق العمال والوقوف جبهة صدّ ضدّ تفقيرهم في هذا الوضع الاقتصادي الصعب".

في المقابل، يتعرّض الاتحاد، بحسب أمينه العام، لـ"حملة متعمدة من بعض الأطراف". يأتي في هذا الإطار ما خرج عن المتحدث الرسمي باسم الحكومة الحالية الوزير نضال الورفلي، بتحميله المسؤولية عن توتر العلاقة بين الاتحاد وحكومة مهدي جمعة. ويشير الورفلي إلى أن الاتحاد وجّه رسالة طمأنة مشروطة للحكومة القادمة، تتمثل فى سعيه إلى استقرار تونس خلال السنتين القادمتين، لكن مقابل أن تقوم هذه الحكومة بإصلاحات جبائية من شأنها تخفيف العبء عن الطبقة العاملة، وتحميل أصحاب رؤوس الأموال دورهم في الدفع بالعجلة الاقتصادية.

من جهته، لا ينفي الحزب الثاني فى البرلمان التونسي، حركة "النهضة"، الدور المحوري الذي يلعبه الاتحاد في المشهد السياسي التونسي. وقد تجلّى ذلك في اللقاءات المتكررة بين قيادات الحركة وقيادات "الاتحاد العام التونسي للشغل" في عدّة مناسبات، وخاصة أثناء فترة تولي الحركة الحكم في تونس. ويذهب قيادي في الحركة، فضل عدم نشر اسمه، للقول إلى "العربي الجديد"، إن التعامل مع الاتحاد يعدّ بمثابة "جزء من إكراهات الواقع السياسي التونسي".
المساهمون