الاتحاد الأوروبي في ورطة بسبب "بريكست"

13 مارس 2019
تطلب بروكسل توضيحات لاعتماد خيار التمديد(Getty)
+ الخط -
"لقد بذل الاتحاد الأوروبي كل ما في وسعه لضمان إمكانية اعتماد اتفاقية انسحاب بريطانيا. لا يمكن حل المشكلة الآن سوى في المملكة المتحدة، واستعداداتنا لخروج بدون اتفاق أصبحت أكبر من أي وقت مضى".

بهذه العبارات، علّق ميشيل بارنييه، كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي لملف "بريكست" عبر موقع "تويتر" بعد فترة وجيزة من التصويت في مجلس العموم البريطاني، أمس الثلاثاء، على رفض اتفاقية خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وذلك رغم تقديم بروكسل مجموعة من الضمانات القانونية.

فحتى اللحظة الأخيرة، حاول الاتحاد الأوروبي، من وجهة نظره، مساعدة رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، وتزويدها بالحجج، حتى تتمكن من الحصول على هذه الموافقة من البرلمان البريطاني، لكنها فشلت.

رغم ذلك، لا يزال الاتحاد الأوروبي يبدي انفتاحاً على إيجاد حلّ للأزمة، وتجلى ذلك عبر المسارعة الى التأكيد على لسان متحدّثة باسم رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، بعد رفض البرلمان البريطاني الاتفاقية، أنه "إذا قدّمت المملكة المتحدة طلباً مبرراً للتمديد، فإن الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي، على استعداد للنظر فيه واتّخاذ قرار بالإجماع".  

لكن الاتحاد الأوروبي، لا يخفي، في الوقت ذاته، استياءه مما يقوم به النواب البريطانيون، وهو ما انعكس خلال الجلسة الاستثنائية التي عقدت في البرلمان الأوروبي اليوم الأربعاء، لمناقشة رفض البرلمان البريطاني لاتفاقية "بريكست".

وفي هذا الإطار، شدد النواب الأوروبيون على وجوب أن توضح المملكة المتحدة ما تريده. وقد عبّر غي فيرهوفستادت، عن الكتلة الليبرالية، وهو مسؤول البرلمان عن ملف "بريكست"، عن رفضه لأي تمديد، إذا لم يكن يستند إلى رأي واضح من قبل مجلس العموم البريطاني. وموجهاً كلامه إلى لندن، قال فيرهوفستادت "الرجاء اتخاذ قرار، فلا يمكن أن يستمر عدم اليقين هذا بالنسبة لنا ولبريطانيا ولمواطنينا".

من جهته، اعتبر مانفريد ويبر، عن كتلة حزب "الشعب"، أن ما يجري كارثة، مشدداً على أن "جيلاً كاملاً سيعاني، ولا يمكن للاتحاد الأوروبي إنقاذ الممكلة المتحدة، فالأمر متروك لها لاتخاذ قرار"، مختتماً بتأكيده أنه "لا يوجد خيار لأي تمديد إذا لم نحصل على توضيح من الجانب البريطاني". وساند ويبر في هذا الموقف فرانز تيمرمان، النائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية.

وفي هذا الصدد، رأى الخبير في الشؤون الأوروبية، فيليب رينييه، أن "حالة الفوضى في حال الخروج من دون اتفاق التي يتكهن بها الجميع، قد تكون كافية لإقناع أغلبية كبيرة من النواب البريطانيين المنتخبين بقبول إعلان ماي رسمياً طلب تمديد مهلة الخروج"، موضحاً أن "المعاهدة الأوروبية تنصّ أنه بإمكان المجلس الأوروبي، أي رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي، تمديد هذا الموعد النهائي بالاتفاق مع الدولة العضو المعنية"، ولافتاً إلى أن "اتخاذ القرار يتطلب إجماع الـدول الـ27، ويمكن اتخاذه في قمتهم المقبلة، يومي 21 و22 مارس/آذار الحالي. لكن طلب لندن، إذا تمّ التعبير عنه، يجب أن يكون مبرراً، كما تشدد العديد من العواصم".

وأشار رينييه، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن "مدة التمديد ستكون حاسمة". وبحسب المكتب القانوني للمجلس الأوروبي، فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يمكن تأجيله حتى نهاية يونيو/حزيران دون التعرض لخطر قانوني، وهو ما يدعمه العديد من المسؤولين الأوروبيين، الذين يعتقدون أن الخروج بدون اتفاق أصبح أقل كارثية من التمديد إلى أجل غير مسمى.

وكان رئيس المفوضية الأوروبية أكد أن التمديد إن تمّ، لن يتجاوز موعد الانتخابات الأوروبية التي ستجري من 23 إلى 26 مايو/آيار المقبل، وإلا فإن المملكة المتحدة ستكون ملزمة بتنظيم هذه الانتخابات.

وفي هذا السياق، تساءل رينيه "ما الذي يمكن أن يتغير إذاً خلال فترة قصيرة من شهرين؟"، من دون أن يستبعد "اعتماد خيار تمديد أطول، مع الاستعداد لفترة طويلة من المشاكل للطرفين، والتي لم تتوقعها المعاهدات".

وتساءل الخبير الأوروبي أيضاً حول "سبب تأجيل الموعد النهائي، إذا كان الاتفاق على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يبدو مهمة مستحيلة، على الأقل بالنظر إلى إرادة لندن لتفادي البقاء في السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي".

ولم تكن الضمانات التي نالتها ماي خلال الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في بروكسل يوم الإثنين الماضي كافية للحصول على موافقة النواب على اتفاق "بريكست"، إذ نصّ البروتوكول الإضافي لاتفاقية الانسحاب على أن المملكة المتحدة ستبقى في منطقة جمركية مشتركة مع الاتحاد الأوروبي حتى نهاية الفترة الانتقالية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد، بعد عام 2020، في حال لم تسفر المفاوضات بين الطرفين حول العلاقة المستقبلية عن حلٍّ بديل لمشكلة الحدود الأيرلندية.

والوثيقة الأولى الإضافية للاتفاق هي عبارة عن "إعلان سياسي" مشترك، يعبر عن إرادة الطرفين في بذل كل الجهود الممكنة لبدء مفاوضات إطار علاقتهما المستقبلية خلا الأشهر الـ21 من الفترة الانتقالية، بهدف تفادي استمرار شبكة الأمان إلى ما لا نهاية.

أما الوثيقة الثانية، فهي عبارة عن "دليل قانوني"، يكرر ما يقوله البروتوكول، ويصر على أن المفاوضات ستتم بحسن نية، ولأجل إيجاد حل نهائي. كما تحدد الشروط التي تسمح للمملكة المتحدة بتعليق الاتفاقية. إذ سيكون من الضروري الالتجاء إلى محكمة التحكيم، التي تضم أربعة قضاة أوروبيين وبريطانيين وخامس يختاره هؤلاء، والتي ستقرر في أن أحد الطرفين لا يفي بالتزاماته لإيجاد بديل للشبكة.

لكن الوثيقتين لا تحددان موعداً نهائياً لشبكة الأمان، ولا تسمحان للندن بتركها من جانب واحد. باختصار، هما لا تغيران شيئاً من اتفاقية الانسحاب. وهذا هو أيضاً استنتاج المحامي العام البريطاني، جيفري كوكس، الذي عبر عنه في "الرأي القانوني" الذي قدمه ظهر أمس الثلاثاء للحكومة البريطانية.

المساهمون