الإيدز يواصل صعوده في روسيا

01 ديسمبر 2017
التوعية أساسية (كيريل كودريافيتسيف/ فرانس برس)
+ الخط -
ما زال استمرار صعود حالات الإصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) يثير قلق الجهات المعنية بالصحة في روسيا، في ظل ارتفاع عدد المصابين بنسبة 20 في المائة سنوياً، خلال آخر خمس سنوات، لتأتي البلاد في المرتبة الأولى أوروبياً في أعداد المرضى ومعدلات الانتشار.

خلال السنوات الخمس الماضية، رصدت وزارة الصحة الروسية نحو نصف مليون حالة جديدة للإصابة، مع زيادة حالات انتقال المرض أثناء العلاقات الجنسية، ليتجاوز المرض حدود الفئات المهمشة من مدمني المخدرات ومثليي الجنس.

بحسب آخر الإحصاءات، يبلغ عدد المصابين بالإيدز في روسيا نحو 1.2 مليون حالة، من بينها نحو نصف مليون حالة جديدة تم تسجيلها خلال الفترة من عام 2012 إلى عام 2017، بالإضافة إلى وفاة نحو 260 ألفاً من مرضى الإيدز خلال تلك الفترة. تبدو أرقام عام 2017 مخيفة أيضاً، إذ جرى تسجيل نحو 53 ألف حالة جديدة خلال النصف الأول من العام، أي بزيادة نسبتها 3.3 في المائة، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، في ما يُعتبر من أعلى معدلات انتشار المرض على مستوى العالم.

مع ذلك، تشير المشرفة الطبية في صندوق "إيدز سنتر" المعني برعاية المصابين، يلينا أورلوفا- موروزوفا إلى أنّ مدمني المخدرات يشكلون الفئة الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالإيدز في روسيا، على عكس الدول الغربية، إذ تحدث أغلب حالات الإصابة نتيجة للعلاقات الجنسية بين المثليين. تقول أورلوفا- موروزوفا، في حديثها إلى "العربي الجديد": "نشأ جيل جديد من الشباب، وانتشر بينه تناول ما يعرف بمخدرات الملاهي الليلية. تتراوح نسبة الإصابة وسط مدمني المخدرات بين 40 و80 في المائة، مقابل 15 في المائة فقط بين المثليين في
مختلف أنحاء روسيا".



وحول فاعلية الإجراءات المتخذة للتوعية ودعم المرضى، تضيف: "صحيح أنّ هناك إجراءات تُتخذ، لكنّها لن تؤدي إلى الانتصار على الإيدز ما لم يجرِ تعزيز العمل مع المدمنين بواسطة المنظمات غير الربحية وبرامج تقليص الأضرار الناجمة عن تعاطي المخدرات".

ولمّا كانت روسيا تُعرف بقوانين صارمة في كلّ ما يتعلق بالمخدرات، يخشى المدمنون في أحيان كثيرة من اللجوء إلى المستشفيات خوفاً من الملاحقة، مما يؤدي إلى تفاقم المرض وعدم التعامل معه في مراحل مبكرة من الإصابة. تقول أورلوفا- موروزوفا في هذا السياق: "تناول المخدرات في روسيا مجرَّم بموجب القانون، إلاّ أنّ التجارب الأوروبية للسماح بتناول المخدرات، وفي مقدمتها التجربة الهولندية، تؤكد أنّ معدلات الإدمان في أمستردام لا تزيد عنها في دول ومناطق أخرى. وبتقنينها تناول المخدرات، تمكنت البرتغال من تقليص نسبة المدمنين إلى أدنى مستوى في أوروبا".

مع تطور الطب واختراع أنواع جديدة من الأدوية، خلال العقدين الماضيين، تحول الإيدز من مرض قاتل إلى مزمن، ويمكن للمصاب به أن يواصل حياته بشكل طبيعي ويتزوج وينجب أطفالاً غير مصابين ويعيش حتى الشيخوخة. في هذا السياق، تؤكد أورلوفا- موروزوفا أنّ "الأدوية الحديثة تخفض مستوى الفيروس إلى المستوى الذي لا تستشعره نظم الاختبار، ولا يشكل خطورة حتى في حال ممارسة الجنس بلا واقٍ ذكري، كما تسمح بإنجاب أطفال سالمين 100 في المائة من الحالات تقريباً".

حول مدى توفر الأدوية على نفقة الدولة واستيعاب المرضى في روسيا، تتابع: "للأسف، فإنّ 30 في المائة فقط من المصابين يحصلون على العلاج، لأنّ أغلبهم غير مسجل في مراكز الإيدز، ويعتبر مدمنو المخدرات فئة يصعب استيعابها. مع ذلك، هناك تحسن في ما يتعلق بتوفر الأدوية". تضرب أورلوفا- موروزوفا، التي تعمل أيضاً في مستشفى حكومي في موسكو، مثلاً على هذا التحسن: "قبل خمس سنوات، كانت هناك معايير محددة لمستوى الفيروس لدى المريض حتى نصرف له الدواء. أما الآن، فيمكننا علاج الجميع، ولو أنّ الوضع خارج العاصمة والمدن الكبرى أسوأ".

وبما أنّ التصدي الفعال لانتشار الإيدز يعتمد على الوقاية والتشخيص المبكر، تسعى الجهات الروسية المعنية بالصحة والتعليم إلى إجراء أكبر عدد من التحاليل المجانية، مع ضمان سرية المعلومات، كما تسعى إلى توسيع نطاق التوعية بين الشباب بدءاً من المدارس.

دلالات
المساهمون