ورأى فيسك في مقاله أن القطيعة التي فرضتها السعودية وحلفاؤها المقربون على قطر، تحت ذريعة مواجهة "التطرف"، لا يمكن وصفها إلا من خلال النظر إليها كأحد الأعمال الكوميدية لشكسبير. وذكر في هذا الصدد أنه لو كان بعض المواطنين القطريين موجودين بصفوف تنظيم "داعش"، فإن المواطنين السعوديين يقاتلون أيضا في صفوف التنظيم.
وبالنسبة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، يشير فيسك، إلى أنه لم يكن يوجد على متن الطائرات التي نفذت الهجمات أي مواطن قطري، وأن أغلب من نفذوها كانوا يحملون الجنسية السعودية، وأن زعيم تنظيم "القاعدة" السابق، أسامة بن لادن، لم يكن مواطنا قطريا بل كان سعوديا.
كما توقف فيسك عند جملة من المفارقات المضحكة في حملة الحصار التي تقودها السعودية، وقال إن اليمن قررت غلق مجالها الجوي مع قطر، وهو ما يستدعي التساؤل حول طريقة تنفيذ ذلك، علماً بأن اليمن لا تمتلك طائرة واحدة في الخدمة لربط مجالها الجوي، ناهيك عن القيام بإغلاقه.
وذكر أيضا أن المالديف أعلنت قطع علاقاتها مع قطر، وتساءل إن كان ذلك مرتبطا بوعود سعودية بتقديم قرض يمتد لخمس سنوات بقيمة 300 مليون دولار للمالديف، واقتراح استثمارات سعودية أخرى بالبلاد. وأضاف أن عدداً كبيراً من الأشخاص الذين انضموا للقتال بصفوف تنظيم "داعش" بسورية والعراق قدموا من المالديف.
وتابع فيسك أن قطر ليس لديها من القوات العسكرية العدد الكافي للدفاع عن حدودها، في حال انجرت السعودية وحلفاؤها وراء التصعيد العسكري.
وبحسب مقال فيسك، فإن السعوديين يعتبرون أنهم هم من يقررون سياسة الخليج، وليس دولة قطر، متسائلا إن لم يكن هذا ما أثبتته زيارة ترامب للرياض.
في المقابل، لفت فيسك إلى أن السعوديين أمامهم معضلات أخرى ينبغي عليهم إيجاد حل لها.
فالكويت اختارت بدل الانجرار وراء الحصار السعودي، وقطع العلاقات مع قطر، لعب دور الوسيط لحل الأزمة بين قطر، والسعودية والإمارات. وأضاف أن إمارة دبي أقرب أكثر من إيران، ويوجد بها عشرات الآلاف من المواطنين الإيرانيين، ولا تساير لهجة أبوظبي المعادية لقطر.
وتابع أن سلطنة عمان احتضنت مناورات بحرية مشتركة مع إيران منذ بضعة أشهر، وأن باكستان رفضت إرسال جنودها لمساندة السعودية في عملياتها العسكرية باليمن، بعدما وضعت الرياض شرطاً غريباً يتمثل بقبول مشاركة الجنود الباكستانيين بعمليات اليمن بناء على انتمائهم الطائفي.
أما القصة الحقيقية وراء الحصار، في وجهة نظر فيسك، فهي وجود مخاوف بالخليج بشأن طموحات قطر الإقليمية، لا سيما لجهة تمويل إعادة إعمار سورية، ما قد يجعلها تحت السيطرة الاقتصادية القطرية على حد تعبير الكاتب البريطاني.
وبحسب فيسك، فإن ذلك سيمكن قطر من توسيع نفوذها بسورية، التي ترغب عدد من شركات النفط بأن تصبح أراضيها ممراً لخط أنابيب نفط من الخليج إلى أوروبا مروراً بتركيا، أو من ميناء اللاذقية على ضفاف البحر الأبيض المتوسط.