الإنتاج الفني اللبناني... سوق واعد بعائدات مرتفعة

25 مارس 2015
ارتفاع كبير في الإنتاج الغنائي اللبناني (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -
يعدّ لبنان أرضاً خصبة للاستثمار الموسيقي، نظراً لانفتاحه على مختلف أنواع الموسيقى العربية منها أو الغربية. وساهم هذا الانفتاح وتقبّل مختلف الأنواع الموسيقية في ارتفاع الاهتمام بسوق الموسيقى في الآونة الأخيرة، ليس على نطاق لبنان فحسب، بل امتد إلى العالم العربي، خصوصاً بعد التجربة الأولى لبرامج النجوم والفنانين، والتي لاقت إقبالاً جماهيرياً قلّ نظيره، ما بشّر بسوق استثنائية تلوح في الأفق. 

يؤكد القيّمون على صناعة الموسيقى في لبنان، أن هذه الصناعة تشهد إقبالاً كبيراً، خاصة أن لبنان يعدّ بيئة حاضنة لانتشار الموسيقى، نظراً لوجود كوادر علمية متخصصة بالإنتاج الموسيقي، بالإضافة إلى التقنيات والتجهيزات المتطورة في مجال الإنتاج الموسيقي، بالإضافة إلى مواكبة التطور التكنولوجي الخاص بالموسيقى الرقمية، خاصة أن لبنان تميّز بإطلاق برمجات فنية رقمية، سرعان ما انتشرت في العالم.


في هذا الإطار، يقول مدير العلاقات العامة والتواصل الاجتماعي في شركة "أنغامي" نور الجمل إن التطور التكنولوجي في السنوات الماضية فرضَ نفسه على السوق الفني، خاصة أن الفنانين والمطربين، بدأوا بتغيير مسار توزيع أعمالهم الفنية نحو برامج التنزيل الخاصة على الهواتف النقالة، وأجهزة الآيباد وما شابه، وهذا بالطبع، ساهم في إنجاح الكثير من الشركات التي تقوم بتوزيع الموسيقى رقمياً، ومنها شركة "أنغامي".ويضيف لـ "العربي الجديد": "لم يعد الفنان كالسابق مهتماً بإحياء الحفلات الموسيقية، وبيع الأقراص المدمجة، بل يعمد الفنانون إلى تنزيل أعمالهم الفنية في العالم الافتراضي، لقاء مبالغ مالية معيّنة". ويشير الجمل إلى أن السوق الافتراضي للموسيقى يشهد نمواً هائلاً، إذ يزيد عدد التحميل والاستماع على "أنغامي" عن 11 مليون مستخدم شهرياً في العالم.

ويؤكد أن نظام "أنغامي" يستطيع استهداف العيّنة التي تناسب الأغنية، تماماً كما في سوق الإعلانات، إذ تستطيع أن توجه الأغنية إلى العينة المطلوبة بدقة تامة. هذه المغريات بالإضافة إلى البدلات المادية التي يربحها الفنان من خلال ارتفاع الطلب لتحميل أعماله الفنية أو الاستماع إليها، تضمنها الشركة في سوق الموسيقى في لبنان.

معايير مطلوبة

يشير مؤسس شركة "بير- فورت" للتوزيع الموسيقي محمد غبريس في حديث إلى "العربي الجديد"، أن السوق الموسيقية في لبنان واعد بشرط الالتزام بالمعايير المطلوبة، إذ يمكن للبنان أن يستفيد من التطور التكنولوجي، وأن يجذب شركات عديدة للاستثمار في هذا المجال، محققاً بذلك عوائد مالية ضخمة. ويضيف غبريس أن اختلاف الأذواق الموسيقية وسهولة إيصال الصوت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى التطور التكنولوجي في المعدّات والأجهزة المتطورة في مجالات هندسة الصوت، جعلت السوق مفتوحاً أمام الجميع.

ويشرح غبريس أن "إمكانية الاستثمار في عالم الموسيقى ليست في غاية الصعوبة، خاصة في لبنان، إذ يكفي أن يكون لدى المستثمر ألفا دولار فقط، ليبدأ بتجهيز "استديو" خاص للتوزيع الموسيقي، ويتعيّن على المستثمر العمل على تسويق الإنتاج في العالم الافتراضي، وما عيله سوى الانتظار لتحقيق أرباح هائلة".

بالرغم من غياب الأرقام الواضحة حول نسبة مساهمة الإنتاج الموسيقي في الناتج المحلي الإجمالي، إلا أنه وبحسب المخرج رولان وهبي، فإن "الاستثمار في الموسيقى يساهم في زيادة النمو بنسبة تراوح بين 1 و5%، في حال تقديم سلة حوافز للشركات الأجنبية، بالإضافة إلى تشجيع اللبنانيين على الاستثمار في مجال الإنتاج الفني عبر تخفيض الضرائب، والمساعدات في تقديم القروض المصرفية، إذ كلما ارتفع الإنتاج الفني في بلد ما، أدى ذلك إلى زيادة النمو في القطاع السياحي، ومن المعلوم أن لبنان يعتمد بشكل رئيسي على العائدات السياحية".

الأزمة السياسية

بحسب القيّمين على صناعة الموسيقى، فإن الأزمة السياسية في لبنان، والانعكاسات الأمنية، بالإضافة إلى الحرب في سورية، والتأزم في دول الخليج، حرمت لبنان فرصة النهوض بالقطاع الموسيقي بشكل لافت، إذ انخفض الإنتاج الفني خلال السنوات الأربع الماضية، الأمر الذي انعكس سلباً على السوق الفني، وفي هذا الإطار تؤكد الفنانة ميريام فارس في حديث إلى "العربي الجديد": "أنه بالرغم من التطور في القطاع التكنولوجي، وانتشار الأغنية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقنوات اليوتيوب، والتطبيقات على الهواتف النقالة، إلا أنه لا غنى عن وجود شركات إنتاج خاصة لعمل الفنانين، خاصة أن هذه الشركات تعمد إلى تسويق المنتجات الفنية بشكل لافت". وتشير إلى أن سوق الموسيقى في لبنان يعدّ سوقاً مكلفاً على الفنانين، حيث تصل كلفة إنتاج الألبوم الواحد إلى قرابة مئة ألف دولار أميركي، وبالتالي فلا غنى عن وجود شركات الإنتاج.

في هذا السياق، لا ينكر مدير شركة "جارودي ميديا" للإنتاج يوسف طرابلسي عوامل كثيرة أثّرت في سوق الموسيقي في لبنان، مشيراً إلى أن الأزمة السورية المندلعة منذ ما يقارب خمس سنوات والوضع الإقليمي والعربي المتأزم، ساهما في إضعاف الإنتاج.

ويشير طرابلسي إلى أن لبنان تمكّن خلال السنوات الماضية من ضم كبريات شركات الإنتاج إلى أراضيه، الأمر الذي ساهم في زيادة العائدات المالية بشكل لافت، والتي تجاوزت ملايين الدولارات، واستفادت بطبيعة الحال الخزينة اللبنانية من الضرائب، ورسوم تسجيل الشركات. وبحسب الطرابلسي، فإن لبنان يضم عشرات شركات الإنتاج، تقوم بتوظيف المئات من اللبنانيين.

ويوضح طرابلسي أن شركته على سبيل المثال، تمكّنت من إنتاج ما يزيد عن 40 أغنية و33 فيديو كليب، وهو ما يعدّ رقماً جيداً نسبة للأوضاع الأمنية والسياسية. وعن تكلفة الإنتاج، يقول طرابلسي: "ترتفع تكاليف الإنتاج، بسبب ارتفاع التكاليف الخاصة بالتسويق والقيام بحملات دعائية، ومؤتمرات صحافية، وبالتالي يمكن أن يصل إنتاج ألبوم غنائي إلى أكثر من مئة ألف دولار".

إقرأ أيضا: تحفيز الصناعة النفطية
المساهمون