على الرغم من أن دولاً خليجية أعلنت دعمها انقلاب الجيش المصري، الذي أطاح الرئيس المنتخب محمد مرسي، في 3 يوليو/تموز الماضي، إلا أن الإمارات كانت، وما زالت أكثرهم حماساً، وسخاءً في تقديم الدعم المالي للنظام الجديد، في مراحله المختلفة، قبل وبعد الانقلاب.
واستبقت الإمارات الإعلان النهائي لنتيجة الانتخابات الرئاسية في مصر، وعزمت على إلقاء طوق النجاة للاقتصاد المصري المتعثر، عقب نتائج غير رسمية، بفوز عبد الفتاح السيسي، وأكدت على لسان وزير خارجيتها، عبد الله بن زايد آل نهيان، بأن الإمارات لديها خطة دعم مالي لمصر.
لكن لم يحدد وزير الخارجية في تصريحاته أمس السبت، خلال مؤتمر صحافي بأبو ظبي على هامش زيارة نظيره الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، أي تفاصيل عن هذه الخطة الإسعافية التي تنوي بلاده تقديمها للاقتصاد المصري، الذي يواجه أزمات منذ الانقلاب العسكري.
وأعلنت النتائج غير الرسمية للانتخابات الرئاسية المصرية التي أجريت الأسبوع الماضي، في ظل إقبال ضعيف وانتهاكات جسيمة، حسب تقارير للإعلام المصري ومنظمات حقوقية.
وقدم المرشح المنافس حمدين صباحي، طعناً على نتائج الانتخابات بعد أن وجه اتهامات بعدم صحة الأرقام التي أعلنت، ووجود شبهات تزوير في العملية الانتخابية، إلا أنه اعترف بنتيجة الانتخابات.
الإمارات الأكثر دعماً
وعارضت دول خليجية، وهي الإمارات والسعودية والكويت، نظام مرسي وجماعة "الاخوان" المسلمين، التي نجحت في الوصول إلى السلطة عبر انتخابات الرئاسة ومجلسي الشعب والشورى.
وكانت الإمارات أكثر الدول الخليجية تحمساً، لإسقاط نظام أول رئيس مدني منتخب بعد ثورة يناير، محمد مرسي، ويبدو أن علاقتها الوطيدة بالرئيس المخلوع حسني مبارك، كانت سبباً رئيسياً في هذا الحماس، واستقبلت الإمارات الفريق أحمد شفيق، (آخر رئيس وزراء مبارك، والمرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية عام 2012)، الذي خاض مع مجموعة من المعارضين معركة موسعة انطلاقاً من أبوظبي، ضد نظام مرسي.
ثم قدمت الإمارات مساعدات سخية عقب انقلاب الجيش الذي أطاح الرئيس المنتخب في يوليو/تموز الماضي، تجاوزت 5 مليارات دولار مساعدات مالية ومواد بترولية، كما تعاقدت بشكل مبدئي شركة "أرابتك" الإمارتية مع الجيش المصري على مشروع إسكاني ضخم بتكلفة تقديرية 40 مليار دولار.
وقال وزير الخارجية الإماراتي أمس، حسب وكالة "رويترز": إن الإمارات تريد شركاء دوليين لدعم جهودها لإصلاح الاقتصاد المصري المتعثر.
وأشار الوزير الإماراتي إلى أن المرحلة السابقة كانت فترة انتقالية، لكن المرحلة التالية ستشهد المزيد من الاستقرار، وأن الإمارات ستواصل دعمها لمصر مالياً بعد فوز السيسي.
اقتصاد متأزم رغم المساعدات
ولم تفلح ضخ مساعدات، خليجية بلغت أكثر من 20 مليار دولار، عقب انقلاب الجيش في إنعاش الاقتصاد المصري المتأزم، وتراجعت معدلات النمو إلى 1.2% خلال الشهور الستة الأولى عقب الانقلاب العسكري في يوليو/تموز الماضي، مقارنة بنحو 2.5% في الفترة نفسها من عام 2012 في ظل حكم مرسي.
وعانى المصريون من أزمات معيشية طوال الشهور العشرة الماضية، وأظهرت بيانات للجهاز المركزي المصري للإحصاء، ارتفاع معدل البطالة في مصر خلال الربع الأول من العام الجاري إلى 13.4%، مقابل 13.2% خلال الفترة نفسها من عام 2013، نتيجة استمرار تباطؤ الاقتصاد.
كما أظهرت بيانات المركزي للإحصاء الحكومي في مصر، أن أسعار الطعام والشراب قفزت بنسبة 15.8% خلال شهر مارس/آذار، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي 2013.
وأضاف الجهاز، أن إجمالي معدل التضخم الذي يرصد التغير في الأسعار ويضم سلة من السلع ارتفع بنسبة 10.2% في مارس 2014، عن الشهر نفسه من العام الماضي.
السيسي يراهن على المنح
وأجرت مصر مباحثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار لدعم الاقتصاد المتعثر منذ ثورة يناير 2011 التي أطاحت الرئيس المخلوع حسني مبارك، وأثرت على السياحة والاستثمارات الاجنبية، وهما مصدران رئيسيان للعملة الصعبة، وأدى تدهور الأوضاع إلى تراجع الصندوق عن تقديم القرض لمصر بعد أن كانت حكومة رئيس الوزراء الأسبق هشام قنديل، قد اقتربت من الحصول عليه.
واعتمدت الدولة على المساعدات المالية المتدفقة من دول الخليج عقب الانقلاب العسكري لمواجهة الازمات الاقتصادية في مختلف القطاعات.
وكانت دبي قد صرحت في يناير/كانون الثاني الماضي على لسان حاكمها محمد بن راشد، بعدم رغبتها في أن يترشح عبد الفتاح السيسي، للانتخابات الرئاسية، وأن يبقى في منصبه وزيراً للدفاع وقائداً للجيش، لكن أبو ظبي تحفظت على هذه التصريحات.
ويرى محللون اقتصاديون أن السيسي، سيراهن على بعض دول الخليج ورجال أعمال بارزين في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، لتثبيت أقدامه في مصر.
وفي غضون ذلك، بدت السعودية أقل حماساً خلال الشهور الخمسة الماضية من الإمارات، في حين اختفت المساعدات الكويتية تماماً من خارطة المنح النفطية الخليجية التي وصلت مصر منذ بداية العام الجاري 2014.
وقال مصدر مسؤول في وزارة البترول المصرية في تصريحات لـ"العربي الجديد" قبل شهر أبريل/نيسان الماضي: إن الكويت التي أبدت دعمها الكامل للنظام المؤقت، لم تمدّ مصر حتى الآن بأية مساعدات نفطية خلال العام الحالي.