وبينما خسرت الأسهم الصينية أمس 1.27% من قيمتها السوقية، بدأت هيئة إجراءات البورصة الصينية تحقيقات واسعة أمس حول التلاعب في السوق، حيث أخضعت خمس شركات وساطة لتحقيقات بتهم إخفاء هويات متعاملين وعدم التقيّد بقوانين البورصة.
وهذه الشركات هي "هيتونغ سيكيورتز" و"جي إف سيكيورتز" و"هيوتاي سيكيورتز" و"فاوندر سيكيورتز".
وجميع هذه الشركات أصدرت بيانات أمس، أكدت فيها أنها تخضع لتحقيقات من قبل السلطات المنظمة لعمل البورصة وأنها تتجاوب وتتعاون مع السلطات في هذه التحريات. وتتركز التهم حول فشل هذه الشركات في الإعلان عن هوية عملائها بما يتماشي مع قوانين سوق المال.
وفي تحقيقات منفصلة، تجري سلطات البورصة تحقيقات مع ثمانية مستثمرين يتعاملون مع شركة "سيتيك سكيوريتز "، كبرى شركات الوساطة في الأسهم الصينية، بتهم "المتاجرة غير القانونية" في الأسهم.
وذلك حسب وكالة شينخوا شبه الرسمية. وتثار مخاوف واسعة من حدوث أزمة مالية جديدة تضرب أسعار السلع في أعقاب بيانات ظهرت أمس، وأظهرت تراجعاً كبيراً في حجم التجارة العالمية.
وحسب الأرقام التي نشرتها مؤسسة "ويرلد تريد مونتور"، فإن حجم التجارة العالمية انخفض بنسبة 0.5% في الربع الثاني من العام. وبهذا الانخفاض تكون التجارة العالمية سجلت أسوأ تراجعاتها منذ العام 2009.
وكانت منظمة التجارة العالمية قد توقعت نمو التجارة خلال العام الجاري بنسبة 3.3%، ولكنها ستضطر إلى مراجعة توقعاتها وسط أزمة الصين وما تمثله من تحديات لحجم الاستهلاك السلعي في العالم.
وحسب وكالة الأنباء الرسمية، واصلت البورصة الصينية تراجعها أمس، ولكن بمعدل أقل من التراجعات السابقة، حيث سجلت الأسهم الصينية انخفاضاً عند الإقفال، أمس الأربعاء.
وانخفض مؤشر "شانغهاي المركّب" بنسبة 1.27% ليصل إلى 2927.29 نقطة عند الإقفال. كما تراجع مؤشر "شنتشن المركب" بنسبة 2.92% ليصل عند الإقفال إلى 9899.72 نقطة.
اقرأ أيضاً: البورصات تلتقط الأنفاس وتجدُّد الانهيارات قائم
وفقد مؤشر "تشينكست" المماثل لمؤشر ناسداك 5.06 نقاط ليصل إلى 1890.04 نقطة عند الإقفال.
ولكن يلاحظ أن كبرى أسواق المال الآسيوية بدأت تأخذ منحى مغايراً للصين، حيث تعافت الأسهم اليابانية في ختام التعاملات، أمس الأربعاء، لتنهي موجة خسائر استمرت ستة أيام مع هدوء الأسواق الصينية وإقبال صائدي الصفقات الرابحة على الأسهم الكبرى مثل أسهم البنوك وشركات التصدير الكبيرة.
وصعد مؤشر "نيكاي القياسي" للأسهم اليابانية 3.2% ليغلق عند 18376.83 نقطة، مسجلاً أكبر مكاسبه اليومية منذ 31 أكتوبر/ تشرين الأول.
وهبط المؤشر 13.6% أو ما يعادل 2813 نقطة في الجلسات الست السابقة حتى يوم الثلاثاء، ما يهدّد بتبديد مكاسبه التي حققها منذ بداية العام في ظل مخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي بقيادة الصين دفعت المستثمرين إلى بيع الأصول المحفوفة بالمخاطر. غير أن التقلّبات الصباحية المبكرة مهّدت الطريق أمام عمليات شراء مطردة مع نزول أسعار الأسهم الكبرى إلى مستويات مغرية.
وفي أوروبا، انخفضت الأسهم الأوروبية في مستهل التعاملات، أمس، مقتفية أثر خسائر مماثلة في الأسواق العالمية الأخرى بسبب استمرار المخاوف بشأن الاقتصاد الصيني مع ضعف أداء أسهم البنوك وشركات التعدين.
ونزل المؤشر "يوروفرست 300" لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى بنسبة 2.6% بعدما صعد 4.3% يوم الثلاثاء، بينما سجل المؤشر "يورو ستوكس 50" للأسهم القيادية في منطقة اليورو الخسارة نفسها.
وكان المؤشر "يوروفرست 300" تكبّد أكبر خسائره اليومية منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2008 يوم الاثنين، لكنه صعد يوم الثلاثاء بعد أن أدى خفض أسعار الفائدة الصينية إلى توقف هبوط سوق الأسهم المحلية لفترة وجيزة. غير أن بعض المستثمرين قالوا إنهم لا يزالون قلقين من علامات على تباطؤ الاقتصاد الصيني وعلى ضغوط انكماش الأسعار الناجمة عن خفض بكين قيمة عملاتها اليوان في وقت سابق هذا الشهر.
الدولار والين ملاذات آمنة.
يعد الدولار والين إلى جانب الفرنك السويسري، ملاذات آمنة يضخ فيها المستثمرون أموالهم. وبالتالي يلاحظ ارتفاع الدولار بدرجة أزعجت السلطات النقدية في أميركا، ولكن العملة الأميركية قلّصت مكاسبها أمام الين واليورو، أمس الأربعاء، بعد نزول أسواق الأسهم الصينية والأوروبية رغم إجراءات التيسير التي اتخذتها بكين مع قلق معظم المستثمرين بشأن توقعات الاقتصاد العالمي.
وقال محللون إن موجة البيع التي شهدتها الأسواق العالمية في الآونة الأخيرة ساهمت في ارتفاع حدة التقلبات كثيراً، ولم يتضح بعد ما إن كان مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) سيقدم على تشديد سياسته النقدية. علاوة على ذلك تزداد ضبابية توقعات الاقتصاد الصيني أكثر من أي وقت مضى.
وارتفع اليورو لفترة وجيزة مسجلاً 1.1515 دولار في تعاملات لندن، بينما جرى تداول الدولار عند 119.35 يناً بعدما بلغ 119.83 يناً في التعاملات الأوروبية المبكرة.
وتلقى اليورو والين دعماً بعدما أدت الاضطرابات الحالية في الأسواق إلى تصفية المراكز في عمليات يبيع المستثمرون فيها العملة ذات العائد المنخفض لشراء أصول أو عملات عالية المخاطر لجني عوائد أعلى. لكن حين تزيد التقلبات وتتعرض الأسواق المالية لضغوط تتم تصفية هذه الصفقات.
ولكن إلى أين ستنتهي العاصفة الصينية بالاقتصاد العالمي الذي يعيش مرحلة من النمو الهش، سؤال مهم بات يقلق المستثمرين في أنحاء العالم، لأن الاقتصاد الصيني الذي يبلغ حجمه 10 ترليونات دولار، يؤثر بشكل مباشر في نمو الاقتصاد العالمي وأسعار النفط والسلع الأولية.
اقرأ أيضاً: اضطراب الصين.. مكاسب العرب وخسائرهم