01 يونيو 2017
الإسلاميون السعوديون إلى "النخبوية"
الحركات الإسلامية شعبوية، وهذا على سبيل الوصف، لا الانتقاد. ولأنها شعبوية، كان خطابها بسيطا ومباشرا.
لم يكن الإسلاميون السعوديون مختلفين عن نظرائهم في العالمين، العربي والإسلامي، على الرغم من إعلان الدولة السعودية تبنّيها قوانين إسلامية، واعتبار حكمها إسلاميا. وكما أن "الصحوة" الإسلامية، كما تُعرف، انتشرت في العالم الإسلامي، فإنها اجتاحت السعودية أيضا وأثّرت فيها بعمق، فكانت عناوين السعودية الرئيسية في السبعينيات هي "الطفرة"، أي خطط التنمية الكبرى التي جاءت انعكاساً لارتفاع أسعار النفط بعد 1973، و"الصحوة"، وهي تنامي خطاب إسلامي حركي، غير تقليدي، مشتبك مع السياسة، وإن كان يتراوح بين المعارضة والموالاة، بحسب الظروف.
تطور خطاب "الصحوة" في السعودية ببطء منذ منتصف السبعينيات، وتنوّعت الحركات الإسلامية غير التقليدية، فمع صعود سلفياتٍ مختلفة، رسّخ حضور الإخوان المسلمين من جهة، والسروريون من جهة أخرى (نسبة إلى محمد سرور زين العابدين). ومن المعروف أن السرورية تيار وتنظيم يدمج ما بين السلفية المحلية (الوهابية) وأفكار اليمين الإخواني (إن صح الوصف) متمثلةً في رؤية سيد قطب المتشدّدة. هذا بالإضافة إلى حضور واسع لجماعة التبليغ الوعظية.
كانت هذه التيارات ابنة لحظتها، خصوصاً في طريقة تواصلها مع الجماهير، قبل القنوات الفضائية والإنترنت. كانت وسائل التواصل تعتمد على الدعاة واستحواذهم على المساجد والحراك الديني ككل، فكانت الخطب وأشرطة الكاسيت الوسيلة الأساسية، والتي لم يستفد منها أحد غيرهم.
كانت الوسيلة الثانية "المطويات"، وهي صفحة أو اثنتان، تتضمن خطابا واضحا ومباشرا عن قضيةٍ ما، مثل حكم الاستماع إلى الأغاني، أو السفر إلى "بلاد الكفار"، أو وجود "تقصير الثياب".. إلى غيرها من القضايا التي كانت تهتم بها الحركات الإسلامية آنذاك.
بعد حرب الخليج الثانية، وعلى خلفية استعانة السعودية بالقوات الأجنبية لتحرير الكويت، دخلت التيارات الإسلامية في السعودية في صدامٍ مع الدولة، أدّت إلى ضعف همينتها على الفضاء العام بصورة كبيرة، وبعد ضعف حضورها الاجتماعي، ضرب حضورها الإعلامي بقوةٍ بعد أحداث سبتمبر/ أيلول 2001، والتفجيرات التي شهدتها الرياض في 2003، حيث بدأ خطاب الإسلاميين بالانحدار من ناحية الحضور المجتمعي.
العامل الآخر الذي أدى إلى تضاؤل حضور الخطاب الإسلامي الحركي في السعودية هو الانفتاح الإعلامي الذي عزّز تهميشهم، بعد مصادمتهم السياسية للدولة.
ساهمت عدة متغيرات في تغيير طرق تواصل الإسلاميين مع قاعدتهم الاجتماعية، فاستقطاب الشباب في حراكٍ على الأرض انهار، على خلفية التضييق على الحركيين في المدارس والجامعات. ومع الإنترنت، تشتت خطاب الإسلاميين بشكل واضح.
أصبح الخطاب الإسلامي "الشعبوي" اليوم في السعودية يعتمد على القنوات الفضائية، مثل المجد وبداية وغيرهما. ومع انتهاء عصر "الكاسيتات والمطويات"، لم تعد هناك وسائل لنشر خطاب شعبوي مؤثر، باستثناء محاولات التعاطي مع وسائل التواصل الاجتماعي، الخطوة التي لم تنجح بصورة كافية، بسبب عدم إمكانية هيمنة خطابٍ واحد على تلك الوسائل.
هنا، يأتي أهم تحول في خطاب الإسلاميين على الصعيد المحلي، والمتمثل في محاولات صياغة خطاب نخبوي (من ناحية الصياغة أكثر من المضامين التي تغيرت بصورة محدودة). فنشأت دور نشر ومراكز دراسات للإسلاميين، مثل مراكز صناعة الفكر للدراسات والأبحاث، والتأصيل للدراسات والبحوث، والبيان للدراسات والبحوث، وتكوين للدراسات والأبحاث، التي تحاول أن تصدر كتبا تتناول المستجدات الثقافية والفكرية في السعودية والعالم الإسلامي، بعيدا عن الوسائل الشعبوية المعتادة، لكن من وجهة نظر تيارات الإسلام السياسي.
كان هذا التغير نتيجة عدم فاعلية الخطاب الشعبوي اليوم، لكن هذا لا يعني أن الخطاب الديني لم يعد حاضرا في السعودية، لكنه لم يعد الوحيد والمكتسح.
لم يكن الإسلاميون السعوديون مختلفين عن نظرائهم في العالمين، العربي والإسلامي، على الرغم من إعلان الدولة السعودية تبنّيها قوانين إسلامية، واعتبار حكمها إسلاميا. وكما أن "الصحوة" الإسلامية، كما تُعرف، انتشرت في العالم الإسلامي، فإنها اجتاحت السعودية أيضا وأثّرت فيها بعمق، فكانت عناوين السعودية الرئيسية في السبعينيات هي "الطفرة"، أي خطط التنمية الكبرى التي جاءت انعكاساً لارتفاع أسعار النفط بعد 1973، و"الصحوة"، وهي تنامي خطاب إسلامي حركي، غير تقليدي، مشتبك مع السياسة، وإن كان يتراوح بين المعارضة والموالاة، بحسب الظروف.
تطور خطاب "الصحوة" في السعودية ببطء منذ منتصف السبعينيات، وتنوّعت الحركات الإسلامية غير التقليدية، فمع صعود سلفياتٍ مختلفة، رسّخ حضور الإخوان المسلمين من جهة، والسروريون من جهة أخرى (نسبة إلى محمد سرور زين العابدين). ومن المعروف أن السرورية تيار وتنظيم يدمج ما بين السلفية المحلية (الوهابية) وأفكار اليمين الإخواني (إن صح الوصف) متمثلةً في رؤية سيد قطب المتشدّدة. هذا بالإضافة إلى حضور واسع لجماعة التبليغ الوعظية.
كانت هذه التيارات ابنة لحظتها، خصوصاً في طريقة تواصلها مع الجماهير، قبل القنوات الفضائية والإنترنت. كانت وسائل التواصل تعتمد على الدعاة واستحواذهم على المساجد والحراك الديني ككل، فكانت الخطب وأشرطة الكاسيت الوسيلة الأساسية، والتي لم يستفد منها أحد غيرهم.
كانت الوسيلة الثانية "المطويات"، وهي صفحة أو اثنتان، تتضمن خطابا واضحا ومباشرا عن قضيةٍ ما، مثل حكم الاستماع إلى الأغاني، أو السفر إلى "بلاد الكفار"، أو وجود "تقصير الثياب".. إلى غيرها من القضايا التي كانت تهتم بها الحركات الإسلامية آنذاك.
بعد حرب الخليج الثانية، وعلى خلفية استعانة السعودية بالقوات الأجنبية لتحرير الكويت، دخلت التيارات الإسلامية في السعودية في صدامٍ مع الدولة، أدّت إلى ضعف همينتها على الفضاء العام بصورة كبيرة، وبعد ضعف حضورها الاجتماعي، ضرب حضورها الإعلامي بقوةٍ بعد أحداث سبتمبر/ أيلول 2001، والتفجيرات التي شهدتها الرياض في 2003، حيث بدأ خطاب الإسلاميين بالانحدار من ناحية الحضور المجتمعي.
العامل الآخر الذي أدى إلى تضاؤل حضور الخطاب الإسلامي الحركي في السعودية هو الانفتاح الإعلامي الذي عزّز تهميشهم، بعد مصادمتهم السياسية للدولة.
ساهمت عدة متغيرات في تغيير طرق تواصل الإسلاميين مع قاعدتهم الاجتماعية، فاستقطاب الشباب في حراكٍ على الأرض انهار، على خلفية التضييق على الحركيين في المدارس والجامعات. ومع الإنترنت، تشتت خطاب الإسلاميين بشكل واضح.
أصبح الخطاب الإسلامي "الشعبوي" اليوم في السعودية يعتمد على القنوات الفضائية، مثل المجد وبداية وغيرهما. ومع انتهاء عصر "الكاسيتات والمطويات"، لم تعد هناك وسائل لنشر خطاب شعبوي مؤثر، باستثناء محاولات التعاطي مع وسائل التواصل الاجتماعي، الخطوة التي لم تنجح بصورة كافية، بسبب عدم إمكانية هيمنة خطابٍ واحد على تلك الوسائل.
هنا، يأتي أهم تحول في خطاب الإسلاميين على الصعيد المحلي، والمتمثل في محاولات صياغة خطاب نخبوي (من ناحية الصياغة أكثر من المضامين التي تغيرت بصورة محدودة). فنشأت دور نشر ومراكز دراسات للإسلاميين، مثل مراكز صناعة الفكر للدراسات والأبحاث، والتأصيل للدراسات والبحوث، والبيان للدراسات والبحوث، وتكوين للدراسات والأبحاث، التي تحاول أن تصدر كتبا تتناول المستجدات الثقافية والفكرية في السعودية والعالم الإسلامي، بعيدا عن الوسائل الشعبوية المعتادة، لكن من وجهة نظر تيارات الإسلام السياسي.
كان هذا التغير نتيجة عدم فاعلية الخطاب الشعبوي اليوم، لكن هذا لا يعني أن الخطاب الديني لم يعد حاضرا في السعودية، لكنه لم يعد الوحيد والمكتسح.