الإرهاب في السعودية... أكثر تنوعاً وانتشاراً

01 نوفمبر 2016
أصبحت التنظيمات الإرهابية في السعودية أكثر عدوانية (Getty)
+ الخط -

كشفت المعلومات التي نشرتها السعودية أخيراً، عن الخلايا الإرهابية المقبوض على أفرادها، وقوائم المطلوبين، وطبيعة الأهداف، عن تعقيدات أكبر تواجه السلطات الأمنية في المملكة، والتي بدت، على الرغم من النجاحات الأمنية، أنها تواجه خلايا أكثر تنوعاً وخطورة، وأقل عدداً، ومن خلفيات طائفية مختلفة. وقد أثنى المتحدث الأمني في وزارة الداخلية، اللواء منصور التركي، في المؤتمر الصحافي الذي عقده أول من أمس، على تعاون المجتمع مع السلطات الأمنية لمواجهة الإرهاب، لكن تنوع أسماء المتورطين، على المستويين الطائفي والفكري، وأيضاً بالنسبة إلى جنسياتهم وأماكن تواجدهم، يعني أن الإرهاب في السعودية بات أكثر تعقيداً.

التحول من لوم المجتمع على ظهور الإرهابيين، إلى الثناء عليه لتعاونه في مواجهة التطرف والعنف، جاء نتيجة عاملين، تمثل الأول في الخطاب المعادي للتطرف، والذي تصاعد بعد أحداث سبتمبر/أيلول ووصل ذروته بعد تفجيرات الرياض في 2003. والعامل الثاني، تمثل في طبيعة التنظيمات الإرهابية، وأهدافها، فأصبحت هذه التنظيمات أكثر عدوانية مما كانت عليه، وأصبحت تستهدف السعوديين بشكل مباشر، إن كان أفراد قوات الأمن، أو المساجد، والمدنيين بشكل مباشر، الأمر الذي قضى على أي تعاطف معها، مقارنة مع فترة التسعينيات، عندما كانت تلك التنظيمات ترفع شعار استهداف "الجنود الأميركيين" في المنطقة.

وجدد المؤتمر الصحافي، للواء التركي، تأكيد ما دأبت وزارة الداخلية على الإشارة إليه أخيراً، وهو ارتباط الإرهابيين في الداخل، بالخارج، خصوصاً سورية والعراق، والتواصل بين الجانبين عبر الإنترنت. وقال التركي، إن أفراد خلية شقرا وسط المملكة قاموا بـ"التواصل مع التنظيم الإرهابي عبر حساب المناصرين على الإنترنت، ما مكنهم من الوصول إلى وسيط في سورية، الذي تولى التواصل معه الموقوف، عبدالعزيز بن فيصل بن جفين الدعجاني العتيبي، من خلال الهاتف، للحصول على دعم التنظيم، ومن ثم تلقى التعليمات واختيار أهداف تتناسب مع إمكاناتهم وقدراتهم، فكان ذلك عام 2016 باتخاذ مهمة اغتيال رجال الأمن، لتكون المهمة الثابتة للخلية الإرهابية والمنوطة بتنفيذها".

النتيجة الطبيعية لهذه التأكيدات، إضفاء شرعية أكبر على أي جهود سعودية في الساحة السورية، باعتبار أن السعودية متضررة بشكل مباشر من وجود التنظيمات الإرهابية هناك، فالأوضاع في سورية لا ترتبط بالسياسة الخارجية السعودية و"الأمن العربي" فقط، بل تنعكس مباشرة على الأمن الداخلي للملكة. في هذا السياق، يأتي التشديد على الإنترنت، باعتباره وسيلة لتواصل الإرهابيين مع بعضهم بعضاً، لتبرير الخطوات التي تتخذها السعودية في مراقبة وحظر التطبيقات، باعتباره مسألة أمنية عليا، والتي تواجه عادة بانتقادات واسعة، خصوصاً من المواطنين السعوديين الذين يعتمدون بشكل متزايد في تواصلهم على مثل هذه التطبيقات، وتضرروا من الحظر، خاصة مع غلاء وسائل الاتصال التقليدية، مقارنة بالمعدلات العالمية.

وفسر التركي سبب اعتماد التنظيمات الإرهابية في السعودية على العمليات الانتحارية، باعتبارها تضمن أكثر من غيرها، عدم كشف بقية أعضاء خلايا التنظيم، بعد القيام بالعملية. وقال، في المؤتمر الصحافي، إن "التنظيمات الإرهابية لا تهتم بمن تجندهم عقب تنفيذ مخططاتهم الإجرامية، حتى وإن صورت لهم ذلك وأقنعتهم به"، مضيفاً أن حرص هذه التنظيمات على استخدام العمليات الانتحارية يأتي "لضمان هلاك المجنّد وانتهاء فرص الحصول على معلومات قد يدلي بها بعد القبض عليه، وتسهم في الكشف عن مخططات عمليات وتفاصيل أخرى".
وأشار إلى ارتباط تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بمليشيات الحوثي، والذي قد يكون غريباً في ظل إعلان "داعش" استهداف مساجد في صنعاء، مبرراً أن الحوثيين يتمركزون بها. واعتبر التركي، أنه يفترض ارتباط "داعش" بالحوثيين بسبب استهداف الجانبين ملعب الجوهرة في جدة بالتوقيت ذاته، إذ "أطلق الحوثيون صاروخاً بالستياً" في ذات التوقيت الذي كانت الخلية الإرهابية تنوي القيام بعملية إجرامية في ذات الموقع. وصور المؤتمر الصحافي، الخلايا الإرهابية التي تستهدف السعودية، باعتبارها منوعة، طائفياً وعقائدياً. فأسماء المطلوبين المتورطين في استهداف رجال الأمن، في الدمام والقطيف، شرق المملكة، كانوا من خلفية شيعية. بينما كانت خلية شقرا وسط المملكة، تتكون من سنة يعتنقون أفكار تنظيم "داعش"، في الوقت الذي كانت الخلية التي خططت لاستهداف ملعب الجوهرة، غرب البلاد، من غير السعوديين، إذ حملوا جنسيات باكستان وسورية والسودان، الأمر الذي اعتبره التركي دليلاً على "فشل التنظيم في تجنيد السعوديين" أخيراً.