الإدارة علم أم فن... حاجة أم ترف؟

23 نوفمبر 2015
المؤسسة الناجحة تحتاج إلى إدارة فاعلة (Getty)
+ الخط -
أُطلق على العصر الحالي العديد من الأوصاف منها: عصر الفضاء، المعرفة، المعلومات، كما عُرف أيضاً بعصر الإدارة والمنظمات. وبما أن الشكل المؤسسي السائد في مجتمعاتنا المعاصرة هو "المنظمات"، فهي تحيط بنا من كل جانب وتلازمنا منذ الولادة إلى الوفاة، بشكل يستحيل علينا تجنبها أو الفرار منها.
تمتد جذور الممارسة الإدارية إلى حضارات قديمة. فقد لازمت الإنسان في جهده الدؤوب نحو تأمين احتياجاته المعيشية. لم يشر إلى الإدارة كعلم إلا في مطلع القرن التاسع عشر، حيث تطورت النظريات والمبادئ والمفاهيم والممارسات الإدارية، بحيث أصبحت تشكل قاعدة معرفية كبيرة وغنية، وأصبحت الإدارة في عصرنا مفتاح نجاح أي مجهود بشري جماعي في أي مجال ونشاط.

اقرأ أيضاً:تعايش الإدارة والتكنولوجيا... سر النجاح

تعتبر المنظمات الوسيلة الرئيسية لإشباع مختلف الحاجات والخدمات والمطالب الإنسانية، من الغذاء والماء والملبس والسكن والمواصلات والاتصالات إلى الشؤون الاجتماعية والتسلية والترفيه والرياضة. والمنظمات تسيطر على الثروات، لذلك فهي تؤثر بشكل كبير على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث تتغلغل المنظمات في شتى جوانب ومجالات حياة الأفراد والمجتمعات.

عصر المنظمات 

توفر المنظمات مختلف سبل العيش ومقومات الحياة والبقاء والنمو والتطور، كما أنها توفر مختلف السلع والخدمات التي لا يمكن توفيرها من خلال الجهود الفردية. فالمنظمات تقوم باستخدام الموارد بشكل جماعي، وتستفيد من اقتصاديات تقسيم العمل والتخصص عبر استغلال الطاقات. وعرفت المنظمة بأنها نظام أو كيان اجتماعي مفتوح منسق بطريقة واعية راشدة، وله حدود شبه معروفة، ويعمل بصورة منتظمة ومستمرة إلى حد ما، لتحقيق هدف أو أهداف مشتركة.
حينما نتحدث عن المنظمة، فهناك جوانب وأمور أخرى، منها رسالة المنظمة وأهدافها، استراتيجياتها، هيكلها التنظيمي، اتخاذ القرارات والاتصالات، وتقنيات المنظمة وثقافتها، وعلاقاتها الخارجية. فهذه جميعها تكوّن المنظمة، وتتفاعل مع بعضها البعض.
إن نجاح أو فشل المنظمات في تلبية الحاجات وتحقيق متطلبات الأفراد يتوقف بشكل أساسي على كيفية إدارة هذه المنظمات، كما يتبين مستوى تطور المجتمع أو تخلفه من نمط الإدارة السائد. فالإدارة الناجحة هي مفتاح نجاح أي منظمة.
تستخدم كلمة "إدارة" أو "الإدارة "على نطاق واسع، واستخدامها ليس حكراً على المفكرين والباحثين في مجال التنظيم والإدارة، بل تستخدم في الحياة العامة أيضاً.
فالإدارة تستخدم بمعنى عملية (As a Process)، وهو التعريف الأكثر تداولاً، حيث نسمع دائماً بأن هذه المنظمة أو المؤسسة " تدار بصورة جيدة" أو أن "إدارتها غير جيدة". والمقصود هنا أن الإدارة تمثل عملاً أو نشاطاً أو مجموعة من الأنشطة التي تنجز بطريقة جيدة أو غير جيدة. وتأتي الإدارة في هذا المجال بأنها عملية تتضمن وظائف وأنشطة محددة (تخطيط، وتنظيم، وتوجيه، ورقابة). ويجب على المدير القيام بها مسترشداً بمبادئ وأسس معينة.
كما تستخدم الإدارة بمعنى علم (As a Discipline)، وهنا تشير الكلمة إلى معارف متراكمة من النظريات والمبادئ والأسس والمفاهيم التي يمكن تعلمها. والهدف من الدراسة تعلم وفهم النظريات والمبادئ الإدارية وتطبيقها في عملية الإدارة.
إما الإدارة كمهنة (As a Career)، تستخدم هنا بالنظر إلى الإدارة كمهنة. فقد كرس الفرد حياته لها، حيث يتدرج ويتقدم عبر سلسلة متتابعة من الأنشطة.
إن الإدارة علم وفن في آن واحد. فالإدارة هي نتيجة الدراسات والأبحاث العلمية المنهجية، وبفضل ما أسهمت به العلوم الأخرى، لا سيما علم السلوك، حيث تراكمت قاعدة معرفية من النظريات والمبادئ، والأسس والقواعد التي تتحكم بالعملية الإدارية. ومن خلال تطبيقها فستؤدي نتائج محددة يمكن التنبؤ بها إلى حد كبير، وإن كان ليس بدقة التنبؤ في العلوم الطبيعية. لذلك يمكن دراستها وتعلمها في الجامعات والمعاهد، ومن ثم تطبيقها في العمل.
كذلك يمكن القول بأن الإدارة فن، فالعملية الإدارية معقدة وديناميكية. وتتطلب البراعة، والبصيرة والابتكار من أجل تطبيق الأسس والمبادئ والنظريات بفاعلية وكفاءة.
وعليه، فإن العملية الإدارية تتكون من عناصر أربعة، هي، التخطيط والتنظيم والتوجيه، والرقابة. وتتغلغل وظيفة التوجيه في جميع الوظائف الثلاث الأخرى، وتعمل على الربط فيما بينها.
(باحث وأكاديمي لبناني)

اقرأ أيضاً:ماذا يعني غياب القائد عن فريق العمل؟
دلالات
المساهمون