الأيام الأصعب في فلسطين بعيد الأضحى

31 يوليو 2020
فرح بالعيد (يوسف مسعود/فرانس برس)
+ الخط -

لم يستعدّ الفلسطينيون لعيد الأضحى كما في السابق. كان الإقبال على شراء الأضاحي ضعيفاً جداً، فضلاً عن الإجراءات المفروضة من قبل الحكومة الفلسطينية لمواجهة كورونا والخوف من انتشاره. يضاف إلى ما سبق الوضع الاقتصادي الصعب. 
وجد مرعي نجار، من مدينة نابلس شماليّ الضفة الغربية، نفسه حائراً هذا العام بسبب عدم قدرته على شراء الأضحية وذبحها كما اعتاد منذ سنوات. فحالته المادية صعبة، في ظل عدم دفع الحكومة الفلسطينية الرواتب، وارتفاع أسعار اللحوم. على الرغم من ذلك، شارك في ما يعرف بـ"سُبع عجل" بدلاً من شراء خروف كأضحية كاملة. 
يقول نجار لـ"العربي الجديد": "هذه الأيام تُعَدّ الأصعب على الإطلاق". يعمل نجار موظفاً في وزارة التربية والتعليم العالي منذ سنوات طويلة، لكن أسوة بالموظفين الحكوميين، "لم أتلقّ سوى نصف راتب منذ ثلاثة أشهر تقريباً، ولا يبقى منه شيء على الإطلاق. متطلبات الأسرة كثيرة، لكنني ملتزم بالأضحية، وخصوصاً أنها سُنّة نبوية. لذلك، كان الحل المشاركة بسُبع العجل بمبلغ ألف شيكل (نحو 292 دولاراً)، وهو نصف المبلغ، إذا أردت التضحية بخروف". 
ويراوح سعر الخروف ما بين 420 ديناراً أردنياً (592 دولاراً) إلى 450 ديناراً أردنياً (634 دولاراً)، بوزن 65 كيلوغراماً. أما حصة سُبع العجل، فتراوح ما بين 200 دينار (282 دولاراً) إلى 220 ديناراً (نحو 310 دولارات)، على ألا يقلّ وزنه عن 500 كيلوغرام، وهي أسعار تفوق قدرة المواطنين في ظل الأزمة المالية الراهنة. 
أما الشاب محمد أبو عواد، فيؤكد لـ"العربي الجديد" أنه لم يستعد للعيد، وهو الذي كان معتاداً أن يضحي في كل عام. لكن حالياً لن يتمكن من تقديم أضحيته. الأوضاع الاقتصادية سيئة، وما يحصل عليه من عمله بائعاً على بسطة خضار بالكاد يكفيه لدفع العيدية.

ثياب العيد

من طقوس العيد الأساسية شراء ملابس جديدة، وخصوصاً للصغار. لكن ميسون أحمد، وهي ربة منزل من جنين شماليّ الضفة الغربية، لن تستطيع تلبية رغبة أطفالها الأربعة في شراء ملابس العيد، حيث يعمل زوجها في صالون للحلاقة. تقول أحمد لـ"العربي الجديد": "ما إن تظهر حالات إصابة بفيروس كورونا، حتى تتخذ الحكومة قراراً بإغلاق صالونات الحلاقة وقطاعات أخرى، وهذا يعني أن علينا التأقلم مع الواقع الذي نعيشه منذ مارس/ آذار الماضي". تتابع: "أطفالي لا يفهمون هذه المعادلة. العيد في أذهانهم مرتبط بإعداد الكعك وشراء الملابس والرحلات الترفيهية، لكنني قررت أن لا أحمّل زوجي فوق طاقته. سيرتدون الملابس التي اشتريتها لهم في عيد الفطر، فهي ما زالت جديدة". 

الأمر لن يقتصر على الملابس. "إذا ما التزمنا بيوتنا في عيد الأضحى كالعيد السابق، فهذا يعني عدم إجراء الزيارات والمعايدات. صحيح أنه لا طعم للعيد من دونها. لكن بكل صراحة، هذا سيدفعني إلى عدم شراء كعك العيد والمكسرات التي نقدمها للضيوف. سيوفر علينا مصروفاً ونحن في حاجة إليه". 
فكّر رياض عوني جدياً في أن تقتصر الزيارات والمعايدات على الأقارب من الدرجة الأولى فقط، في محاولة لتقليل المصاريف. ويقول لـ"العربي الجديد": "اعتدت في كل عيد زيارة بيوت أشقائي وشقيقاتي وبيوت الأعمام والعمّات والأخوال والخالات، وحتى الأقارب من الدرجة الثانية والأصهار والأنسباء، ولو كانوا في مدن أخرى. ففرحة العيد لا تكتمل إلا بصلة الأرحام والزيارات وتناول الكعك والقهوة. لكنني أعمل في مصنع لمواد التجميل، وقد تعطّل عملنا لفترة طويلة خلال الأشهر القليلة الماضية، من جراء الإغلاق ومنع الحركة". 
يتابع: "تقاضينا نصف راتب عن شهر مايو/ أيار الماضي، ومثله عن يونيو/ حزيران الماضي، وقد وعدنا صاحب المصنع بأن يجتهد لتوفير راتب كامل للعمال قبل العيد، لكن الأمر ليس مضموناً. لذلك، كان لا بد أن أعيد ترتيب أولوياتي خلال أيام العيد، لتقتصر على الضروريات لتخفيف النفقات، وتقليص المعايدات والزيارات".

استعداد نفسي

في كلّ عام، تعدّ عائلة أشرف شلطف من رام الله كعك العيد. بالنسبة إليه، "فإنّ كعك العيد أساسي مثل صلاة العيد"، لكن هذا العام لا يوجد استعداد نتيجة الظروف السائدة بسبب كورونا. ويقول لـ"العربي الجديد" إنه ما من راحة نفسية للاستعداد للعيد نتيجة إجراءات كورونا التي فرضتها الحكومة الفلسطينية لمكافحة الفيروس، وسياسة الإغلاق التي تتبعها". الأوضاع الاقتصادية سيئة، كما يوضح لـ"العربي الجديد"، ما أجبر الناس على عدم شراء الملابس.

قضايا وناس
التحديثات الحية

في مكان عمله في إحدى المحامص في مدينة رام الله، ينتظر عبد الرحيم عليان الزبائن الذين تراجع عددهم مقارنةً بالأعوام السابقة. يقول لـ"العربي الجديد": "ما من استعدادات كافية للعيد. الرواتب تأخرت. هذا العام، قلّت نسبة البيع. لا نبيع سوى 25 في المائة مقارنةً بالسابق". يتابع: "تمنينا أن يكون هناك رواتب، وأن تبدأ حركة البيع والشراء مع اقتراب العيد". في كل عام، كان عبد الرحيم عليان يقدم من حين لآخر أضحية في عيد الأضحى، لكن في الوقت الحالي لن يتمكن من ذلك، فالأوضاع الاقتصادية غير مشجعة. 

المساهمون