الأوروبيون وأزمة اليونان

11 مايو 2015
رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس، في ورطة (أرشيف/الأناضول)
+ الخط -

ما زالت حكومة أنجيلا ميركل في ألمانيا، اليمينية بامتياز، ماضية في تضييق الخناق على اليونان، طلباً لاستسلام مأساوي، من حكومتها التي شكلها تحالف سيريزا اليساري بامتياز مضاد.

فقد تفشى التشدد الألماني حيال أزمة اليونان، في شمال أوروبا، وفي السياق، تغالظ الألمان مع اليونانيين، وخاض الطرفان، بمشاركة البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، مفاوضات أرهقت الجانب اليوناني وجعلته يشعر بإهانة كلما تفاقمت الضغوط، كان قد عللها الطرف الآخر بسوء الترجمة.

 فالألمان يقولون، إنهم معنيون بالرفاه في بلادهم وليس في اليونان. وعندما طرحت حكومة تحالف سيريزا، خطة أو مقاربة لإصلاح يقترب من تلبية شروط ألمانيا وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي؛ رد هؤلاء على اليونانيين بصوت واحد: لا معنى ولا فاعلية لما تتحدثون عنه. فالمطلوب هو استقطاعات كبرى في الدعم الحكومي، وفي مخصصات التقاعد، وخصخصة الأصول الحكومية، وصرف عدد معتبر من الموظفين، وإضعاف نظام الضمان الاجتماعي!

في السياق ذاته، تُكال الاتهامات للحكومة اليونانية باللامسوؤلية، وهذه بدورها صرخت متوجعة، متهمة ألمانيا بتدمير اقتصاد بلادها، وملوّحة باحتمال أن تخلع من حزام اليورو كله.

ومثلما هو الحال، عندما يضغط الأقوياء على الضعفاء أو المأزومين؛ تترافق الغلظة مع عبارات عاطفية جوفاء، كأن يقول الألمان، إنهم يأخذون المقتضى العقلاني في التعامل مع الأزمة ويستهدفون النظام الاقتصادي لليونان، وليس اليونان نفسها!

لعبة الرأسمالية المتوحشة هنا، تتبدى جلية في السياق الألماني، فقد وقعت اليونان في ورطتها، وبدأ نظامها الذي امتشق فكرة التحدي والدفاع عن سياسة الرفاه الاجتماعي في البلاد؛ يتراجع قليلاً. ولا يكتفي المهاجمون بتراجعه الجزئي. وبالنتيجة، استفادت ألمانيا اقتصادياً من الورطة التي وقعت فيها أثينا ودائنوها، إذ استفادت هي ودول شمال أوروبا من مأزق اليونان ومن سياسات التشدد معها، بل ومن أزمة اليورو نفسها، لأن هذه الأزمة، خفضت الفوائد على السندات في ألمانيا، وخفضت مستوى البطالة، ورفعت معدلات التصدير!

في هذا الخضم، تناولت الصحافة الأوروبية، بلسان عدد من الممولين وأثرياء شمال أوروبا، أنهم يرفضون إضاعة الأموال التي تُجبى منهم ومن غيرهم، للإنفاق على "أجانب كسالى، ليس لديهم أدنى إحساس اقتصادي سليم"!

الأوروبيون لا يزالون يشترطون على اليونان أن تتبنى برنامجهم "الإصلاحي". وفي ضغوطهم كمن يقولون للآخرين في منطقتنا، إن هذا هو أمركم معنا ومع الأمريكيين، بعد تأمين إسرائيل وتثبيت وضعية القهر السلطوي والإجهاز على التطرف.


اقرأ أيضاً: تحذيرات أوروبية من عدم وجود خطة بديلة لديون اليونان

المساهمون