الأمن والفساد والفوضى تضرب صحة الأفغان

17 أكتوبر 2016
الأدوية لا تتوفّر دائماً (نور الله شيرزاده/ فرانس برس)
+ الخط -

لا يمكن الحديث عن فشل أيّ قطاع في أفغانستان منذ عام 2001 حتى اليوم، إلّا إذا تطرقنا إلى جوانب ثلاثة، هي الفلتان الأمني والأزمات الاقتصادية والفساد. هذه حال قطاع الصحة الحكومي الأساسي في حياة المواطنين.

قطاع الصحة الحكومي في أفغانستان مثل غيره من القطاعات يواجه الكثير من المشاكل. القطاع لم يشهد تقدماً كبيراً خلال العقود الماضية بالرغم من إنفاق الأموال الباهظة عليه، وادعاء المجتمع الدولي بذل جهود حثيثة لتطوير هذا القطاع. وهو ما يعني أنّ الجهود المذكورة مبالغ فيها، أو أنها لم تعط ثمارها نتيجة الفساد الموجود المستشري في جميع الجوانب.

قطاع الصحة وإن تقدم إلى حد ما في المدن الرئيسية، خصوصاً في العاصمة الأفغانية كابول، لكنّ المناطق النائية تفتقر إلى الكثير من العمل والجهود. وبينما تعاني بعض المناطق البعيدة من عدم وجود المستشفيات والمراكز الصحية، تفتقر المستشفيات الموجودة في مناطق أخرى، على قلتها، إلى الأدوية والكوادر الطبية والمختبرات وغيرها من أبسط ما يحتاج إليه المريض.
تقول إدارة الخدمات الطبية الأفغانية إنّ مناطق نائية في شرق أفغانستان تحتاج إلى الرعاية الصحية وسكانها باتوا محرومين منها. كذلك، فإنّ المستشفيات في تلك المناطق ليست إلّا مجرد أبنية خالية من الكوادر الطبية ومن جميع أنواع الرعاية الصحية.

من جهته، يلفت الدكتور شفيق الله شفق، إلى أن المناطق البعيدة في إقليم ننجرهار، شرق أفغانستان، في وضع صحي صعب للغاية، ولا خطوات في هذا الشأن لتغيير الوضع. مع ذلك، فالمستشفيات والمراكز الصحية المتهالكة هناك هي الخيار الوحيد في مناطق تدهورت أوضاعها بسبب الفلتان الأمني والفقر وغيرهما من مشاكل. فالسكان هناك يحتاجون إلى الرعاية الصحية ولو بشكل بسيط. يضيف شفق أنّ تعاون وزارة الصحة مع إدارة الخدمات الطبية، لو تحقق، سينتج عنه إنشاء 17 مركزاً طبياً في المناطق النائية بإقليم ننجرهار، وتحسين وتطوير 12 مركزاً آخر. لكنّ ذلك يحتاج إلى دعم مالي ولوجستي، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة.

بدوره، يقول رئيس مجلس التنسيق القبلي في شرق أفغانستان، جهانزيب جهاني، إنّ معظم المراكز الصحية في الشرق، خصوصاً في المناطق النائية، ليست أكثر من أبنية لا شيء داخلها، فلا طبيب، ولا صيدلية ولا مختبر أو أي نوع من الخدمات الصحية.

المراكز الصحية التي تقدم الخدمات للمواطنين الأفغان قليلة وفي مناطق بعيدة عن الكثير من القرى والأرياف، كما يقول جهاني. يضيف أنّه من الصعب جداً أن يتمكن المواطنون من إيصال مرضاهم إلى تلك المستشفيات القليلة في الإقليم. والحلّ الوحيد، على حد قوله، هو زيادة عدد المراكز. يشير إلى أنّ الوضع الأمني والفقر وقلة وسائل النقل لا تسمح للمواطن بنقل المرضى إلى المستشفيات بسهولة.

الحكومة المحلية في الإقليم تعترف بمشاكل القطاع الصحي، لكنّها تعزو ذلك إلى ضعف الميزانية الخاصة بالقطاع، وليس تباطؤ الحكومة أو عدم اهتمامها بالقضية.



يقول نائب رئيس إدارة الصحة في الإقليم، مقدس معراج، إنّ 50 في المائة من المناطق النائية في الإقليم تواجه صعوبات كثيرة في قطاع الصحة، وتسعى الإدارة المحلية عبر وسائلها المتاحة إلى أن تنهي كلّ المشاكل العام المقبل، لكنّ ضعف الميزانية هو السبب الأكبر، بالإضافة إلى الوضع الأمني الهش.

بالفعل، فإنّ الوضع الأمني هو من أهم أسباب عرقلة الجهود التي تبذل لتطوير قطاع الصحة في أفغانستان. على سبيل المثال، أدى سوء الأوضاع الأمنية إلى إغلاق 5 مراكز طبية في الحزام القبلي مع باكستان، في شرق أفغانستان. تقول إدارة الصحة الإقليمية في ننجرهار إنّ مناطق هسكه مينه، وأتشين، وكوت، وبتي كوت أضحت محرومة من الرعاية الصحية بعد إغلاق المستشفيات أبوابها بسبب الوضع الأمني وتعرضها لهجمات بصورة متواترة.

في هذا الشأن، يقول جاويد خان، وهو أحد سكان مديرية هسكه مينه، إنّ سكان المناطق البعيدة يعيشون أوضاعاً صعبة للغاية بعد إغلاق المراكز الصحية كلها بسبب الوضع الأمني. يؤكد: "نأخذ مرضانا إلى مدينة جلال آباد، رغم مشاكلنا المعيشية، فمعظمنا لا يعمل".

ليس الوضع الأمني وضعف الميزانية وحدهما السبب في فشل القطاع الصحي بل عدم اهتمام الحكومة والفساد وسوء التنظيم في هذا القطاع. ففي بعض الحالات تتوفر الميزانية المطلوبة لكنّ الكثير من المراكز الصحية تبقى محرومة من الأدوية والكوادر الطبية وغيرها من الاحتياجات الأساسية. على سبيل المثال، فإنّ المركز الصحي في مديرية خوجياني بإقليم ننجرهار يضم العديد من الأطباء لكن ليس فيه أيّ أدوية أو مختبر.

فقدان الأدوية لا يقتصر على المراكز الصحية في الأقاليم بل يمتد إلى العاصمة كابول، حيث لا توجد أنواع من الأدوية التي يحتاج إليها المرضى في المراكز والمستشفيات الحكومية. لذلك، يفضل السكان مراجعة المستشفيات الخاصة بدلاً من المستشفيات الحكومية.

المساهمون