أكّد خبراء جرائم الحرب في الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، أنّهم يحققون في عدة تقارير بشأن استخدام قنابل تحوي غاز الكلور المحظور ضد المدنيين في بلدتي سراقب في إدلب شمالي سورية، ودوما في الغوطة الشرقية بريف العاصمة دمشق.
وعبّرت اللجنة المستقلة للتحقیق بشأن سوریة، التي تعمل بتفویض من الأمم المتحدة، عن "انشغالھا العميق بشأن تنامي العنف في محافظة إدلب والغوطة الشرقیة"، مؤكدة أنه "خلال الیومین الماضیین ارتفعت وثیرة وحِدّة الھجمات بشكل مھول، مما أدى إلى ورود العدید من التقاریر بشأن سقوط ضحایا مدنیین ووقوع ضربات جویة من المحتمل أن تكون قد استھدفت ثلاثة مستشفیات على الأقل، بما في ذلك في معرة النعمان وكفر نبل ومردیخ".
وقال رئیس المستقلة للتحقیق بشأن سوریة باولو بینیرو، في بيان: "ھذه التقاریر مقلقة للغایة، وتعد استھزاء بما یسمى "مناطق خفض التصعید" التي تھدف إلى حمایة المدنیین من مثل ھذا القصف"، قبل أن یضیف: "إن أطراف النزاع لا تفي بالتزاماتھا بموجب القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك الالتزام المطلق من حیث الامتناع عن استھداف المرافق والكوادر الطبیة".
وشدد بینیرو على أن "مما یبعث على القلق الشدید أن اللجنة تتحقق الآن من العدید من التقاریر الواردة، والتي تفید أن قنابل تحتوي على غاز الكلور المستخدَم كسلاح قد استخدمت في مدینة سراقب بإدلب وفي الدومة بالغوطة الشرقیة".
وأشار إلى أن "تنامي الھجمات في إدلب يأتي في وقت أدت فيه أعمال العنف في الغوطة الشرقیة إلى تعاظم الأزمة الإنسانیة الطویلة الأمد في ھذه المنطقة المحاصرة شمال شرق ضاحیة دمشق"، مبرزاً أن "الضربات الجویة والقصف الذي تتعرض له المناطق التي تسیطر علیھا المعارضة أدّیا إلى تفاقم عواقب حصار یدوم منذ 3 سنوات، ویمنح فرصاً ضئیلة لحوالى 400 ألف مدني، بمن فیھم الأطفال، للنفاذ إلى الدعم الأساسي، بما في ذلك المواد الغذائیة والأدویة والمساعدة الطبیة التي تسمح بإنقاذ الأرواح".
وصرح بینیرو: "إن ما یحدث في الغوطة الشرقیة یعتبر أزمة إنسانیة، لیس فقط بسبب الحرمان من المساعدة، فالحصار ینطوي على جرائم دولیة من قبیل القصف العشوائي والتجویع المتعمد للسكان المدنیین"، وأضاف: "لقد حان الوقت بالنسبة لكل الأطراف المتحاربة لتجعل من حیاة المدنیین شُغلھا الشاغل"، قبل أن یختتم حدیثه: "یتطلب ذلك تأمین وصول المساعدة الإنسانیة للسكان المدنیین بدون عائق، ووضع حد للقصف العشوائي".
وتم سابقاً، في اجتماعات أستانة عاصمة كازاخستان، تحديد أربع مناطق لـ"خفض التصعيد" في سورية، وفق اتفاق الدول الضامنة: روسيا وتركيا وإيران.
وتشمل مناطق "خفض التصعيد" محافظة إدلب شمالاً، ومحافظات السويداء ودرعا والقنيطرة جنوباً، فضلاً عن محافظة حمص وسط سورية، والغوطة الشرقية بريف العاصمة دمشق، على أن يتم نشر قوات من الدول الضامنة لمراقبة وقف إطلاق النار، في تلك المناطق.
وعاشت محافظة إدلب، خلال الـ48 ساعة الماضية، يومين داميين، جراء القصف الجوي المكثف من الطيران الروسي، بينما يواصل طيران النظام ارتكاب مجازر جديدة في الغوطة الشرقية لدمشق.
وكان لافتاً أنّ الهجمات الجوية الروسية التي أسقطت قتلى وجرحى مدنيين في إدلب، عادت لتقصف المستشفيات الهامة والحيوية في هذه المحافظة، إذ خرج المستشفى الجراحي التخصصي في مدينة كفرنبل، أمس الإثنين، عن الخدمة جراء استهدافه بالغارات.
كما توقف جزئياً عمل المستشفى الوطني في معرة النعمان جنوبي المحافظة جراء تضرره بالغارات التي استهدفته، مساء الأحد، بالتزامن مع توثيق "الدفاع المدني السوري" لـ12 حالة اختناق، بقصف مروحيات النظام براميل متفجرة تحمل "الكلور" على سراقب شرقي محافظة إدلب.
وتحدّث الدفاع المدني السوري في ريف دمشق، عن إصابة العشرات من المدنيين، بينهم نساء وأطفال ومتطوع من الدفاع المدني، بحالات اختناق، نتيجة استهداف قوات النظام السوري لأطراف مدينة دوما، بصواريخ أرض-أرض "جولان"، محمّلة بغاز الكلور السام.
وكان النظام السوري قد استهدف أطراف دوما، بقصف مماثل، في 22 يناير/كانون الثاني الماضي، ما أدى إلى إصابة 13 مدنياً بحالات اختناق.
ويُذكر أنّ النظام السوري ارتكب مجزرة مروعة في الغوطة الشرقية بريف دمشق، في 21 أغسطس/آب 2013، جراء القصف بغاز السارين السام، على مدن وبلدات محاصرة منذ أكثر من أربعة أعوام.
(العربي الجديد)