يحق لكل مواطن عربي أن يتساءل: "إلى متى؟"، هل هنالك بارقة أمل أن تبدأ الأمور في السير نحو التهدئة، وأن تصل إلى مرحلةٍ يلمع فيها نور في نفق العتمة الذي تسير فيه؟ شهد الأسبوعان الماضيان كثيراً من الحراك والديناميكية، ما أعطى الانطباع أن الأمور بدأت تسير نحو الأفضل، أو أنها وصلت إلى أقصى درجات السوء، بحيث لم يبق لها فرصة إلا التحسّن.
توصل الطرفان، الأميركي والروسي، إلى تفاهم حول ضرورة ترسيخ وقف إطلاق النار في سورية. ويصرح مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسورية، ستيفان دي ميستورا، إن وقف إطلاق النار يجب أن يستمر، حتى يعطى الحل السياسي فرصة عادلة للاستمرار، وربما الوصول إلى حل. وقد وصلت الوفود المشاركة إلى جنيف، وبدأت التفاوض، ولو بخطىً متعثرة، ووسط اتهاماتٍ من المعارضة السورية لقوات النظام بانتهاك وقف إطلاق النار. وأخيراً، أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن خطة لسحب القوات المسلحة الروسية من سورية.
وكذلك توصلت الأطراف المتقاتلة في ليبيا إلى تشكيل حكومة وفاقٍ وطني، لم يصوّت لصالحها المجلس التشريعي حتى الآن. وهنالك من أقطاب المعارضة من لا يزال يشكو من تركيبة الحكومة وقدرتها على أداء المهام الثقيلة الملقاة على عاتقها، لكن الحكومة، حتى كتابة هذه السطور، ما تزال قائمةً، وتطلق تصريحاتٍ إيجابيةً حول ما تنوي تنفيذه من برامج لإعادة الأعمار، والإصلاح، وبناء المؤسسات، وإعادة الحياة إلى مسيرتها الطبيعية.
يُستشف كذلك من التصريحات لقيادة التحالف في اليمن أن انتصارها الكامل بات وشيكاً، وأن الحكومة الحالية التي يدعمها التحالف قد استعادت سيطرتها على أكثر من ثمانين في المائة من أراضي اليمن، وما تزال قوات الحوثي والرئيس السابق علي عبدالله صالح تسيطر على العاصمة صنعاء، ومناطق حولها.
إذا صحّت الروايات التي تتناقلها بعض وسائل الإعلام عن وجود وفدٍ من الحوثيين في المملكة العربية السعودية، منذ أسابيع، وأنه يجري محادثات سرية مع الحكومة السعودية، فهذا خبرٌ، إن صدق، يعطي بعض الأمل بإمكان الوصول إلى اتفاقٍ قريبٍ، ينهي هذه الأزمة الخانقة.
أما أخبار لبنان، فتؤكد أن الحكومة التي باتت على حافة الاستقالة تمكّنت، في الرمق الأخير، من الاتفاق على حل مشكلة القمامة، ونقل تلالها في أحياء بيروت إلى أماكن تدفن فيه وتعالج، ومنهيةً بذلك أزمةً خانقةً أزكمت الأنوف أشهر طويلة. ويشاع كذلك، عبر وسائل الإعلام اللبنانية، أن الاستحقاق الرئاسي بات قريب الإنجاز، ولربما يحصل قريباً في البرلمان اللبناني ما يمكّن من الاقتراع على المرشحين للرئاسة، واختيار واحد منهم.
لا شك أن الانفراج الأولي في وقف إطلاق النار السورية، وبدء محادثات جنيف، والاتفاق على حل مشكلات لبنان العالقة بين طرفيها الرئيسيين، وقرب الوصول، أكثر من أي وقت مضى، على حل في اليمن، يعني أن الأمور في منطقتنا تسير نحو التهدئة.
من مؤشرات التفاؤل بعض الشيء أن المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية يبديان بعض المرونة في القضايا العالقة بينهما، هو ذلك الارتفاع الذي شهده سعر النفط الخام، والذي ارتفع، في الأسبوعين الماضيين، بمعدل سبعة دولارات للبرميل الواحد.
وبالطبع، يجب أن نبقى حذرين من التفاؤل المفرط أن ايران والمملكة العربية السعودية قد توصلتا إلى تفاهمٍ، يرقى إلى حد أن نسميه تاريخياً، أو حاسماً، أو أيٍّ من هذه الصفات، فالشقة ما تزال واسعة بينهما، والقضايا الخلافية يصعب التفاهم حولها في أمد قريب، لكن المهم أن كلا من الطرفين وصل إلى القناعة، مع القوى الإقليمية والدولية، بأن استمرار الوضع الحالي لكليهما سيكلف كل جانب كثيراً. ولعل المخيب للأمل إطلاق إيران، في أثناء التمارين العسكرية للحلفاء في شمال السعودية (رعد الشمال)، صاروخاً بعيد المدى، دفع الإدارة الأميركية إلى طلب اجتماع طارئ لمجلس الأمن.
أما العراق، فمن الواضح أن الحكومة هنالك صارت أكثر ثقة بنفسها. ويبدو أن انتصاراتها العسكرية على المنظمات الإرهابية، وبخاصة داعش، قد دفعت بها نحو ذلك. وقد رأينا رئيس الحكومة، الدكتور حيدر العبادي، يسعى إلى تشكيل حكومة تكنوقراط، ويقوم وزير الطاقة بزيارة للأردن للاتفاق مع الأردن ومصر على بناء خط أنبوب النفط الخام من البصرة إلى العقبة، وتزويد مصر منه بالنفط، حيث تنوي مصر بناء مصفاة لتكرير البترول في أراضيها القريبة من جنوب الأردن.
لو وضعنا هذه الحقائق كلها في سياقٍ واحد، نلمح فوراً الصورة الإيجابية التي يمكن أن تظهر نتيجة هذه التطورات. وفي الوقت الذي تتحدث فيه الأطراف عن إمكانات الوصول إلى حلول، فإن الكل يسعى إلى إبراز دوره وإظهار قوته العسكرية.
الأردن دولة نجحت بامتياز، قيادة ومؤسسات أمنية وعسكرية، في احتواء أزمة الربيع العربي، وآثاره وتداعياته في الدول المجاورة. وحقق الأردن لنفسه مكانة خلقية رفيعة على المستوى الدولي. زار الملك عبدالله الثاني الولايات المتحدة، والتقى بالرئيس أوباما، والتقى برؤساء ثلاث دول وحكومات في العقبة، وزار دولة الإمارات حيث التقى بولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة فيها الشيخ محمد بن زايد. هذا الإضافة إلى كبار الزوار الذين أتوا إلى الأردن، مثل جون كيري، وجو بايدن نائب رئيس الولايات المتحدة، وغيرهما.
كذلك رأينا نشاطاً مكثفاً لرئيس الوزراء التركي، داود أوغلو، الذي زار إيران، وكان ينوي زيارة الأردن في اليومين الماضيين، لكن تفجيرات أنقرة نغّصت على تركيا، شعباً وقيادة، وأملت تأجيل تلك الزيارة...
تشهد إيران حركة دائبة هي الأخرى. والكل في حراكٍ دائبٍ، هل سيتمخض هذا كله عن حلولٍ سياسيةٍ، تريح النفوس، وتبعث الأمل أن سلاماً سيعم المنطقة؟
ويحصل هذا كله وإسرائيل تمعن في إجراءاتها العدوانية في القدس، وتتحكّم في رقاب الناس، وتعتدي على حرمات المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة وساحاتهما. وتستبد بالشباب والأطفال، وبالمساجين السياسيين المعتقلين في سجونها، من دون محاكماتٍ أو مراعاة لحقوقهم الإنسانية.
آن لنا أن نوقف هذا التطاول على أراضينا وحقوقنا، وأن يتعزّز موقف أصحاب الإرادة السلمية والداعين إلى حلول سياسية والمتصدّين للإرهاب البشع، المدمر لنا على كل صعيد.
اقرأ أيضا: هل تعلمنا مما جرى؟
توصل الطرفان، الأميركي والروسي، إلى تفاهم حول ضرورة ترسيخ وقف إطلاق النار في سورية. ويصرح مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسورية، ستيفان دي ميستورا، إن وقف إطلاق النار يجب أن يستمر، حتى يعطى الحل السياسي فرصة عادلة للاستمرار، وربما الوصول إلى حل. وقد وصلت الوفود المشاركة إلى جنيف، وبدأت التفاوض، ولو بخطىً متعثرة، ووسط اتهاماتٍ من المعارضة السورية لقوات النظام بانتهاك وقف إطلاق النار. وأخيراً، أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن خطة لسحب القوات المسلحة الروسية من سورية.
وكذلك توصلت الأطراف المتقاتلة في ليبيا إلى تشكيل حكومة وفاقٍ وطني، لم يصوّت لصالحها المجلس التشريعي حتى الآن. وهنالك من أقطاب المعارضة من لا يزال يشكو من تركيبة الحكومة وقدرتها على أداء المهام الثقيلة الملقاة على عاتقها، لكن الحكومة، حتى كتابة هذه السطور، ما تزال قائمةً، وتطلق تصريحاتٍ إيجابيةً حول ما تنوي تنفيذه من برامج لإعادة الأعمار، والإصلاح، وبناء المؤسسات، وإعادة الحياة إلى مسيرتها الطبيعية.
يُستشف كذلك من التصريحات لقيادة التحالف في اليمن أن انتصارها الكامل بات وشيكاً، وأن الحكومة الحالية التي يدعمها التحالف قد استعادت سيطرتها على أكثر من ثمانين في المائة من أراضي اليمن، وما تزال قوات الحوثي والرئيس السابق علي عبدالله صالح تسيطر على العاصمة صنعاء، ومناطق حولها.
إذا صحّت الروايات التي تتناقلها بعض وسائل الإعلام عن وجود وفدٍ من الحوثيين في المملكة العربية السعودية، منذ أسابيع، وأنه يجري محادثات سرية مع الحكومة السعودية، فهذا خبرٌ، إن صدق، يعطي بعض الأمل بإمكان الوصول إلى اتفاقٍ قريبٍ، ينهي هذه الأزمة الخانقة.
أما أخبار لبنان، فتؤكد أن الحكومة التي باتت على حافة الاستقالة تمكّنت، في الرمق الأخير، من الاتفاق على حل مشكلة القمامة، ونقل تلالها في أحياء بيروت إلى أماكن تدفن فيه وتعالج، ومنهيةً بذلك أزمةً خانقةً أزكمت الأنوف أشهر طويلة. ويشاع كذلك، عبر وسائل الإعلام اللبنانية، أن الاستحقاق الرئاسي بات قريب الإنجاز، ولربما يحصل قريباً في البرلمان اللبناني ما يمكّن من الاقتراع على المرشحين للرئاسة، واختيار واحد منهم.
لا شك أن الانفراج الأولي في وقف إطلاق النار السورية، وبدء محادثات جنيف، والاتفاق على حل مشكلات لبنان العالقة بين طرفيها الرئيسيين، وقرب الوصول، أكثر من أي وقت مضى، على حل في اليمن، يعني أن الأمور في منطقتنا تسير نحو التهدئة.
من مؤشرات التفاؤل بعض الشيء أن المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية يبديان بعض المرونة في القضايا العالقة بينهما، هو ذلك الارتفاع الذي شهده سعر النفط الخام، والذي ارتفع، في الأسبوعين الماضيين، بمعدل سبعة دولارات للبرميل الواحد.
وبالطبع، يجب أن نبقى حذرين من التفاؤل المفرط أن ايران والمملكة العربية السعودية قد توصلتا إلى تفاهمٍ، يرقى إلى حد أن نسميه تاريخياً، أو حاسماً، أو أيٍّ من هذه الصفات، فالشقة ما تزال واسعة بينهما، والقضايا الخلافية يصعب التفاهم حولها في أمد قريب، لكن المهم أن كلا من الطرفين وصل إلى القناعة، مع القوى الإقليمية والدولية، بأن استمرار الوضع الحالي لكليهما سيكلف كل جانب كثيراً. ولعل المخيب للأمل إطلاق إيران، في أثناء التمارين العسكرية للحلفاء في شمال السعودية (رعد الشمال)، صاروخاً بعيد المدى، دفع الإدارة الأميركية إلى طلب اجتماع طارئ لمجلس الأمن.
أما العراق، فمن الواضح أن الحكومة هنالك صارت أكثر ثقة بنفسها. ويبدو أن انتصاراتها العسكرية على المنظمات الإرهابية، وبخاصة داعش، قد دفعت بها نحو ذلك. وقد رأينا رئيس الحكومة، الدكتور حيدر العبادي، يسعى إلى تشكيل حكومة تكنوقراط، ويقوم وزير الطاقة بزيارة للأردن للاتفاق مع الأردن ومصر على بناء خط أنبوب النفط الخام من البصرة إلى العقبة، وتزويد مصر منه بالنفط، حيث تنوي مصر بناء مصفاة لتكرير البترول في أراضيها القريبة من جنوب الأردن.
لو وضعنا هذه الحقائق كلها في سياقٍ واحد، نلمح فوراً الصورة الإيجابية التي يمكن أن تظهر نتيجة هذه التطورات. وفي الوقت الذي تتحدث فيه الأطراف عن إمكانات الوصول إلى حلول، فإن الكل يسعى إلى إبراز دوره وإظهار قوته العسكرية.
الأردن دولة نجحت بامتياز، قيادة ومؤسسات أمنية وعسكرية، في احتواء أزمة الربيع العربي، وآثاره وتداعياته في الدول المجاورة. وحقق الأردن لنفسه مكانة خلقية رفيعة على المستوى الدولي. زار الملك عبدالله الثاني الولايات المتحدة، والتقى بالرئيس أوباما، والتقى برؤساء ثلاث دول وحكومات في العقبة، وزار دولة الإمارات حيث التقى بولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة فيها الشيخ محمد بن زايد. هذا الإضافة إلى كبار الزوار الذين أتوا إلى الأردن، مثل جون كيري، وجو بايدن نائب رئيس الولايات المتحدة، وغيرهما.
كذلك رأينا نشاطاً مكثفاً لرئيس الوزراء التركي، داود أوغلو، الذي زار إيران، وكان ينوي زيارة الأردن في اليومين الماضيين، لكن تفجيرات أنقرة نغّصت على تركيا، شعباً وقيادة، وأملت تأجيل تلك الزيارة...
تشهد إيران حركة دائبة هي الأخرى. والكل في حراكٍ دائبٍ، هل سيتمخض هذا كله عن حلولٍ سياسيةٍ، تريح النفوس، وتبعث الأمل أن سلاماً سيعم المنطقة؟
ويحصل هذا كله وإسرائيل تمعن في إجراءاتها العدوانية في القدس، وتتحكّم في رقاب الناس، وتعتدي على حرمات المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة وساحاتهما. وتستبد بالشباب والأطفال، وبالمساجين السياسيين المعتقلين في سجونها، من دون محاكماتٍ أو مراعاة لحقوقهم الإنسانية.
آن لنا أن نوقف هذا التطاول على أراضينا وحقوقنا، وأن يتعزّز موقف أصحاب الإرادة السلمية والداعين إلى حلول سياسية والمتصدّين للإرهاب البشع، المدمر لنا على كل صعيد.
اقرأ أيضا: هل تعلمنا مما جرى؟