ليس ثمّة غزارة في الأدب المكتوب بالأمازيغية أو المترجَم إليها، في الجزائر. ومع ذلك، تغيبُ الأرقام حول ما يصدر بها، ما يُضفي مزيداً من الضبابية حول واقع التأليف والترجمة والإصدارات المتعلّقة بهذه اللغة.
من هنا، ربما، تأتي أهمية الندوة، التي أُقيمت، أوّل أمس في الجزائر العاصمة، ضمن فعاليات "مهرجان الربيع الثقافي" الذي احتضنته المدينة بين 21 و26 مارس/ آذار الجاري، وخُصّصت لمناقشة راهن الأدب الأمازيغي، بمشاركة كتّاب وناشرين.
في كلمته، استند الكاتب والناشر إبراهيم تازغارت إلى بعض الأرقام للتدليل على أن الأدب الأمازيغي يشهد حالياً "قفزةً نوعية"؛ ذاكراً أن ثمّة اليوم، في الجزائر، قرابة مائة رواية، وعشر ترجمات لروايات أجنبية، وخمسين قصّة قصيرة. مشيراً إلى أن "مركز الكتاب الأمازيغي"، الذي أسّسه العام الماضي، يتابع ما يصدر بالأمازيغية، بغية تقديم إحصاءات دقيقة عنها.
يؤكّد تازغارت أن أوّل رواية صدرت بالأمازيغية في التاريخ المعاصر؛ هي: "الوالي بوذرار" (ولي الجبل) لـ بلعيد آث علي (1909-1950)، والتي كُتب بالحروف اللاتينية وصدرت عام 1946، مضيفاً أن فترة أن الثمانينيات شهدت صعوداً لافتاً للأدب الأمازيغي، بظهور عدد من الروائيين الذين يكتبون بهذه اللغة.
يعتقد تازغارت أن "للأدب الأمازيغي تاريخاً عريقاً، لكنه مُعتَّمٌ عليه". لا يذكر، هنا، ما إذا كانت مسؤولية هذا "التعتيم" ملقاةً على عاتق الكتّاب أنفسهم أم على دور النشر أم على المؤسّسة الرسمية، لكنه يذهب إلى القول بأن "التراث الكبير الذي دُوّن بالأمازيغية تعرّض إلى الزوال مع الزمن"، مستشهداً بترجمة ابن تومرت للقرآن.
وفي المقابل، بقيت أعمال أخرى "كتبها أمازيغ باللاتينية، مثل رواية "الحمار الذهبي" لـ لوكيوس أبوليوس، التي تُعدّ أوّل رواية في التاريخ".
في خضّم الجدل المُثار حالياً حول الحرف الأنسب لكتابة اللغة الأمازيغية، بعد دسترتها كلغة رسمية في دستور 2016، يذهب تازغارت إلى ضرورة وجود دراسات أكاديمية وفكرية وسياسية حول الموضوع، معتبراً أنه لا يُمكن تقديم حلول للمشكلة، في غياب دراسات جادّة عنها.
في هذا السياق، يصف العلاقة بين اللغتين العربية والأمازيغية في الجزائر بأنها "علاقة تكامل"، مُضيفاً أن ما يصفه البعض بالـ "الصراع" بينهما يعود سببه إلى فترة الاحتلال الفرنسي الذي انتهج سياسة تمييزية بين المكوّنات الإثنية للجزائريين.
دائماً في سياق الحديث عن الحرف المستعمل لكتابة الأمازيغية، جاء رأيُ الممثّلة المسرحية نعيمة دلول موافقاً لسابقه؛ حيث رأت "أهمية استمرارية الدراسات الأكاديمية والفكرية" في المجال، لكنّها أكّدت أنه تنبغي "مواصلة الإنتاج الأدبي، سواء بالحرف العربي أو اللاتيني أو التيفيناغ"، مضيفةً أن المؤشّرات تذهب إلى أن "التيفيناغ" (الحروف الأمازيغية) هي التي ستُعتمد مستقبلاً".
تطرّقت دلول أيضاً إلى واقع الأدب بالشاوية (إحدى لهجات الأمازيغية)، قائلةً إنه يشهد "نهضة" في السنوات الأخيرة، مضيفةً أن ترسيم الأمازيغية من شأنه أن "يفتح أبواباً على هذا الأدب، خصوصاً مع تشجيع النشر بها واعتزام الدولة تعميم تدريسها".