اقرأ أيضاً: البراميل المتفجرة تتساقط على المناطق المكتظة في حلب
واستنفر النظام مختلف قواته البرية والجوية ضدّ التظاهرات السلمية منذ اندلاعها في منتصف مارس/آذار 2011، ثم ضدّ المعارضة المسلّحة بعد تحول الحراك السلمي نحو القتال، ولم يتورع عن استخدام كافة أنواع الأسلحة، الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، وأيضاً تلك المحرمة دولياً كغازي "كلور" و"سارين". وبرز في النصف الثاني لعام 2012، استخدام النظام لما يُعرف بالبراميل المتفجرة، وهو سلاح فتاك، يوصف بالأعمى، كونه لا يفرق بين مدنيين وعسكريين، وتنعدم فيه خاصية إصابة الهدف.
لكن يبدو أن مختلف أنواع القذائف والصواريخ لم يعُد يفي بالغرض بالنسبة للنظام، مع توالي تحرير المعارضة لمزيدٍ من المناطق، الأمر الذي دفعه إلى استخراج سلاح جديد، من مخازنه القديمة المغلقة، يوقع المزيد من الضحايا المدنيين، دون تحقيق فائدة استراتيجية مهمة.
اقرأ أيضاً سورية: مجزرة للنظام في إدلب... وحقوقيون يؤكدون استخدامه غازات كيماوية
خاصية تدميرية
يملك النظام الآلاف من الألغام البحرية، التي يُعتقد أنها لم تستخدم يوماً، لكن بدأ بعض الناشطين بتوثيق استخدامها في عدة مناطق منذ نحو شهر، خصوصاً في ريفي حلب وإدلب، مشيرين إلى أن قوتها التدميرية أكبر مما كانت تحدثه، البراميل المتفجرة.
ويُفند المحلل العسكري والاستراتيجي والقائد السابق في البحرية السورية العميد أحمد رحال لـ"العربي الجديد" أنواع هذه الألغام وكيفية استخدامها، ويقول إنه "في الحديث عن الألغام البحرية نميز بين قسمين: الأول حسب طريقة الزرع، والثاني حسب طريقة التدمير". ويشير إلى أنه "حسب طريقة الزرع يوجد ثلاثة أنواع: قاعية، وتوضع على أرض البحر في المناطق السطحية. معلًقة، ويكون اللغم فيها داخل عربة ويتم إلقاء العربة للماء، وبمجرد اصطدامها بالقاع يفلت اللغم من العربة ويكون معلقاً بسلك فيطفو لما دون سطح الماء بعدة أمتار، بحيث ينفجر بمجرد ارتطام غاطس السفينة به. وطافية، توضع على سطح الماء مباشرة".
وبالنسبة للشق الثاني من الألغام وهو حسب طريقة التدمير، يشير رحال، الذي بقي قائداً لسرب زوارق صاروخية في سورية لأكثر من عشرين عاماً إلى أنه "يوجد أيضاً ثلاثة أنواع: لغم كهراطيسي، وينفجر بتشكيل حقل مغناطيسي ناجم عن التفاعل بين جسم السفينة وماء البحر. تماسي، وينفجر تحت الماء بعد ارتطام جسم السفينة به ويمكن أن يكون أيضاً بالتفاعل الكهراطيسي. طرقي، وينفجر من خلال اصطدامه بجسم السفينة مباشرة".
ويؤكد العميد رحال أن "النظام قام بتحويل جميع الألغام التي يملكها لألغام طرقية ليتمكن من استخدامها بغير مكانها (الماء) بحيث تنفجر بعد إلقائها من المروحيات عند ارتطامها بالأرض".
وحول الخاصية التدميرية لهذا السلاح، يؤكد الخبير العسكري في حديثه أن "وزن اللغم الواحد يكون بين 1000 و1300 كيلوغرام"، ما يعني أنه "ذات قدرة تدميرية عالية جداً" لأنه مُعد بالأساس لـ"تدمير السفن العسكرية المصفحة".
ويؤكد رحال أن سلاح البحرية السوري، يملك "بين 6000 و7000 لغم بحري روسي الصنع"، موضحاً أن النظام "يخزن هذه الكميات منذ أكثر من ثلاثين عاماً" في مخازن عسكرية خاصة بسلاح البحرية، وهي "مستودعات تقع في هرميل، داخل الجبال المقابلة لطرطوس من جهة الساحل" والمستودع الثاني قرب قرية " سقوبين شمال اللاذقية بـ 10 كيلومترات".
إرضاء الحاضنة
وفي حين يفتش النظام عن أي حبل نجاة يخفف من حجم خسائره عسكريا وشعبياً، يجد ضالته في الألغام البحرية، علها تُرمّمُ حصونه المتهاوية تباعاً.
ويرى المحلل العسكري أحمد رحال أن "النظام استنفد كل المخزون الاستراتيجي من السلاح الذي يُمكن إلقاؤه من المروحيات"، مضيفاً أن "حكومة (بشار) الأسد تعاني من أزمة اقتصادية حادة"، ما دفع النظام لاستخدام سلاح البراميل المتفجرة ، خصوصاً أنه لا يحتاج لصناعة متطورة وثقيلة" ولا تكلفه سوى "نحو 200 دولار أميركي للبرميل الواحد".
غير أن النظام و"في الأشهر الثلاثة الماضية، بات يحتاج لقتل أكبر عدد من الطرف المعارض كي يرضي حاضنته الشعبية"، جراء الهزائم المتوالية التي مني بها، و"بالتالي لجأ إلى استخدام الألغام البحرية كونها ذات قدرة تدميرية عالية، فضلاً عن كونها لا تحتاج إلى موارد مالية حالياً بما أنها مكدسة في المخازن منذ سنوات".
ويدلل رحال على كلامه حول لجوء النظام لهذا السلاح لإيقاع اكبر عدد من الضحايا، بالإشارة إلى أن "القصف بالبراميل سابقاً كان يوقع ضحايا بالعشرات، بينما ارتفع العدد أخيراً لأكثر من ذلك" خصوصاً في مناطق "ريف حلب الشرقي وبعض مناطق إدلب".
المعارك السابقة
وبخصوص القوة البحرية التي يمتلكها النظام، وخوضها في معارك سابقة أو حالية، يؤكد الخبير الاستراتيجي أحمد رحال، أن قوات البحرية السورية، تملك عشرات السفن الحربية، وعشرات الزوارق الخاصة بالدوريات وكسح الألغام، وزوارق صاروخية ورباعية الدفع، روسية وإيرانية الصنع، ولوائين صاروخيين يختصان بالقصف من الساحل لعمق الماء وفوج مدفعية بحرية. ويراوح تعداد عناصر هذه القوة ما بين 4000 و5000 جندي.
ويقول رحال إن قوات البحرية السورية شاركت سابقاً "أثناء الحرب الأهلية اللبنانية في حصار قوات (قائد الجيش الأسبق) ميشال عون ونفذت إنزالاً في طرابلس لحصار ياسر عرفات".
عن مشاركتها في قمع المعارضة السورية، يقول رحال الذي خدم في البحرية السورية لأكثر من عقدين، إن "النظام زجّ بقواته البحرية أول مرة خلال الثورة أثناء حصار وقصف مخيم الرمل بمدينة اللاذقية"، والذي اقتحمته قوات النظام البرية في أغسطس/آب عام 2011، واستخدمها مجدداً أثناء "معركة الأنفال بريف اللاذقية" في مارس/آذار عام 2014، والتي أفضت لسيطرة المعارضة حينها على مدينة كسب ومعبرها الحدودي مع تركيا، قبل ان يسترجع النظام تلك المناطق في يونيو/حزيرن من العام نفسه.
وذكر أن النظام استخدم هذه القوات "خلال معارك أخرى بريف اللاذقية كمعركة دورين الأخيرة قبل أشهر".