قرر المغرب إحياء شعائر عيد الأضحى لهذا العام، وهو قرار يعزى، في جزء منه، إلى الرغبة في دعم مربّي المواشي في المملكة، الذين عانوا من الجفاف وارتفاع تكاليف العلف.
ويراهن المربّون على عيد الأضحى من أجل التخفيف من تأثيرات الحجر الصحي على نشاطهم، فالمعاملات التجارية المرتبطة بالأضاحي تتراوح بين 900 مليون دولار ومليار دولار، حيث يحول جزء مهم من تلك الإيرادات للأرياف.
وينتظر أن تساهم تلك الإيرادات في إنعاش مالية الأسر في الأرياف، خاصة في سنة جافة تأثر فيها المزارعون بانخفاض حاد لمحصول الحبوب، ما حرمهم من الحصول على إيرادات وادخار جزء منها من أجل مواجهة مصاريف الموسم المقبل.
وأثر نقص التساقطات المطرية على المراعي والزراعات العلفية اللازمة لتغطية الحاجيات الغذائية للقطيع، ما اضطر المربّين، خاصة الصغار منهم، إلى تحمل تكاليف إضافية من أجل تأمين الأعلاف.
ويرتقب أن يصل العرض من الأضاحي، بحسب بيانات الفيدرالية المهنية للحوم الحمراء والجمعية الوطنية للأغنام والماعز، إلى 8 ملايين رأس، وهو المستوى ذاته المسجل في العام الماضي. ويبلغ الطلب على الأضاحي بالمغرب حوالي خمسة ملايين ونصف مليون رأس، إذ تمثل الأغنام حوالي 95 في المائة من الطلب من قبل الأسر.
ويبلغ متوسط سعر الأضاحي ما بين 200 و300 دولار، غير أن سعر بعض الأصناف قد يصل إلى ما بين 400 و550 دولاراً. ويجمع مربّون في أسواق زارتها "العربي الجديد" على أن الأسر ستنتظر إلى غاية الخمسة أيام الأخيرة قبل العيد من أجل الإقبال على الشراء، حين يضطر المربّون للبيع بأسعار مخفضة.
ويعتبر محمد الإبراهيمي، المزارع بمنطقة الشاوية، أن الأسعار ستكون منخفضة في العام الحالي بسبب ضعف الطلب المرتبط بضعف القدرة الشرائية للأسر بسبب تأثير كورونا على أنشطتها.
ويشير إلى أن الأسعار في أسواق الشاوية، التي تعتبر الأكثر إغراء للأسر في المملكة، تصل إلى 4 دولارات للكيلوغرام في الفترة الحالية، علماً أن ذلك السعر كان يصل في الفترات العادية في الأعوام الماضية بمناسبة عيد الأضحى إلى 5 دولارات للكيلوغرام.
ويتوقع مهنيون أن تنخفض الأسعار في العام الحالي ما بين 10و15 في المائة، مقارنة بالعام الماضي. وإذا كان الطلب والسعر يتأثران بمستوى إيرادات الأسر، فإن هناك عاملاً آخر سيجعل الإقبال على الأسواق في العام الحالي مختلفاً عن الأعوام الماضية، ويتمثل في دور المغتربين المغاربة في تنشيط السوق. وكان المغرب قد أعلن في نهاية يونيو/ حزيران الماضي عن إلغاء عملية "مرحبا" لهذا العام، وهي العملية التي تنظم سنوياً لتدبير عبور المغتربين المغاربة نحو المملكة في الصيف، حيث تطاول حوالي ثلاثة ملايين شخص، وكان ينتظر أن تتزامن تلك العودة مع حلول عيد الأضحى.
ويلاحظ الإبراهيمي أن عدم حلول المغتربين المغاربة بالمملكة في الصيف الحالي، سيؤدي إلى انخفاض الطلب على الأضاحي، كما تتأثر تحويلاتهم بأوضاع بلدان الاغتراب، وهي التحويلات التي تتيح لأسرهم شراء الأضاحي.
ويؤكد عبد العالي رامو، عضو الفيدرالية المهنية للحوم الحمراء، أن العرض من الأضاحي في العام الحالي كبير، إذ تمت إضافة ما أنتج في العام الحالي لما تبقى لدى المربين من العام الماضي، مشدداً على أن المربين، خاصة الصغار منهم، يعانون بسبب ارتفاع تكاليف الأعلاف. ويشير إلى أن العرض الكبير في العام الحالي يجابهه بالمقابل تضرر القدرة الشرائية للأسر في ظل الأزمة الصحية وما أفضت إليه من انخفاض الإيرادات، بما لذلك من تأثير على قرار شراء الأضاحي بالنسبة لبعض الأسر.
ويرجح أن تعمد بعض الأسر في عيد الأضحى الحالي إلى الاكتفاء بشراء قطع من اللحوم من الجزارين، إذ قد تستغني عن الأضحية، خاصة في ظل التدابير الوقائية الواجب اتخاذها في ظل الأزمة الصحية الحالية.
وكانت دراسة أنجزتها المندوبية للتخطيط قد كشفت عن أن أضاحي العيد تستحوذ على 41 في المائة من مجمل استهلاك الأسر المغربية من اللحوم الحمراء، مؤكدة أن تلك النسبة ترتفع إلى 65 في المائة وسط 20 في المائة من الأسر الأكثر فقراً، بينما تنخفض إلى 31.1 في المائة بين 20 في المائة من الأسر الأكثر غنى.
وأشار التقرير إلى أن عيد الأضحى يستوعب في المتوسط 29 في المائة من الموازنة الشهرية للأسر، غير أن تلك النسبة يمكن أن تصل إلى 57 في المائة من موازنة 10 في المائة من الأسر الأكثر فقراً و15 في المائة لدى 10 في المائة من الأسر الأكثر ثراءً.