الأسد يريد قسم المعارضة اليمين أمامه

11 يناير 2016
+ الخط -
في خطوةٍ يمكن اعتبارها عملية جس للنبض، سرّبت وكالة الأسوشيتد برس ما قالت إنها وثيقة أميركية للحل في سورية، حيث عرضت الوثيقة الموقف الأميركي من رحيل بشار الأسد، مستبعدة أن يكون قبل الشهر الثالث من العام 2017، وهو ما يمكن اعتباره أول مرة يتم فيها الحديث صراحة عن موعد لرحيل الأسد. ولكن، بعد أن يتوصل المتفاوضون إلى اتفاق وترتيبات تضمن عدم حدوث فراغٍ، يؤدي إلى حل مؤسستي الأمن والجيش.
لا تبدو اجتماعات جنيف 3 مثل سابقاتها، فجميع الظروف باتت مهيأة لإنجاز تسوية رسمت خطوطها العريضة، فالنقاشات ستركز على آليات تنفيذ القرارات التي تم التوصل إليها في اجتماعات فيينا الثلاثة، ولاحقاً نيويورك، والتي توّجت بتشكيل هيئة تفاوض بقرار أممي مذل بحق السوريين، رفضته المعارضة، في بداية الأمر، لكنها، وبقدرة قادر، سرعان ما باتت تعتبره مرجعية للحل السياسي في سورية.
ستنتج مفاوضات الشهور الستة هيئة حكم انتقالية، تجمع بين نظام الأسد والمعارضة، ما يعني أنه لا مجال للحديث عن مسألة تنحي الأسد قبل الشهر الثالث، وربما الثامن من العام 2017، والذي من المفترض أن يشهد عملية صياغة دستور جديد مفصل على مقاس أسدي، تحددت ملامحه سلفاً في تصريحات الدول الكبرى، وقرار مجلس الأمن 2254، وسيجري التصويت عليه في نهاية العام 2017 ومن ثم إقراره.
لن نجد اليوم من هو أكثر سعادة من الأسد، كيف لا؟ وقد أتت الرياح بما تشتهي سفنه، فبقاؤه على سدة الحكم مضمون عامين مقبلين، مع إمكانية ترشحه، وحتى فوزه في الانتخابات الموعودة، ألسنا في دولة ديمقراطية ذات دستور صمم خصيصاً ليضمن حق الترشح والانتخاب لأي سوري توافق هيئة الحكم على ترشحه؟
لا تفوّت المعارضة، ممثلة بهيئة التفاوض، مناسبة إلا وتؤكد فيها على ثوابت العملية السياسية المتمثلة برحيل الأسد ونظامه، وإعادة هيكلة مؤسستي الأمن والجيش، وأنه لا تفاوض إلا على هذا الأساس، لكنها، في الوقت نفسه، ماضية في طريق التفاوض، وصولا إلى تقاسم السلطة مع النظام الذي تطالب برحيله صباح مساء.
من أولى الخطوات التي سيتم اتخاذها، وبحسب التسريبات، تشكيل لجنة أمنية وعسكرية، ستتولى مسألة حل الإشكالات القائمة بين النظام والمعارضة، خصوصاً فيما يتعلق بمسألة التنسيق المباشر في الحرب على الإرهاب، الذي سيوسم به كل من تسول له نفسه رفض التسوية السحرية.
تضمنت التسريبات بند إصدار عفو عام عن رموز نظام الأسد، والمعارضتين السياسية والعسكرية المنخرطتين في التسوية، أما معارضة الداخل، فإنها شريفة ووطنية، صنعها نظام المقاومة، لكنها ستحسب على معارضة الخارج. وبهذا، فإن نظام الأسد سيفاوض، ويتشارك الحكم مع نفسه، إضافة إلى بعض الكومبارس.
لو استثنينا حركة أحرار الشام وجيش الإسلام من هيئة المفاوضات، على الرغم من أن موقفهما لايزال غامضا من المشاركة، نجد أن ممثلي المعارضة لا يملكون أي ثقل يؤهلهم للحديث باسم الشعب السوري وتقاسم السلطة مع نظام الأسد الذي كان يجب أن يقدم لمحكمة جرائم الحرب. لكن، ومع ذلك، حتى مشاركة هذين الفصيلين لا يعطيهما الحق بالشرعنة لبقاء للأسد، ولا العفو عن أي شخصٍ، تلطخت يداه بدماء السوريين، فكيف بمن دمر وطنا وقتل وهجر شعبا بأكمله؟
التسوية السياسية بشكلها الحالي، ووفق القرار الأممي الجديد، وحتى مع الاعتماد على مقررات جنيف1 مرجعية للحل، لن تسهم في وقف مأساة الشعب السوري، لأن المراد منها تكريس بقاء نظام الأسد، ومنحه شرعية تشرعن للأجنبي حربه علينا، بحجة الحرب على الإرهاب، لتتحول المواجهات العسكرية، في مجملها، من قتال ضد نظام الأسد إلى القتال في صفه، وهو ما سيجعل من الإنسان السوري وقودا لحرب ليست حربه.
الحديث عن دستور جديد وانتخابات ديمقراطية بيع للوهم والسراب، فأي دستور ستتم صياغته في هذه المرحلة من نظام الأسد والمعارضة الحالية ناقص وغير شرعي، لأنه سيتم تفصيله على مقاس فئاتٍ بعينها، وسيهمل المطالب المحقة للسواد الأعظم من الشعب الذي ضحى بكل ما يملك في سبيل حريته وكرامته، فالعلمانية وحقوق الأقليات هما السلاح الذي سيتم من خلاله هضم حقوق الأكثرية. ومع ذلك، من هم السوريون الذين سيصوتون على هذا الدستور وأين؟
في الشهر الخامس من العام الحالي، سيتم حل البرلمان السوري، وسيعترف مجلس العهر الدولي بالسلطة الانتهازية التي سيتم تشكيلها بالتوافق ما بين الأسد ومعارضته، لتبدأ بعدها الهيئة بممارسة مهام عملها في حضن القائد وتحت خيمة الوطن، ولكن بعد أن تقسم يمين النزاهة والشرف أمام السفاح المختبئ في بطن قاسيون.
62DB24F5-C4D7-48B2-80AC-DE1B48B4B829
62DB24F5-C4D7-48B2-80AC-DE1B48B4B829
خليل المقداد (سورية)
خليل المقداد (سورية)