عبّر ثلاثة أساتذة بكليات الطب والصيدلة في المغرب عن صدمتهم من قرار وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي، الأربعاء، بتوقيفهم عن العمل وووقف أجورهم، باستثناء التعويضات العائلية، وذلك على خلفية تضامنهم مع طلبة كليات الطب والصيدلة المقاطعين للامتحانات والدروس منذ 25 مارس/آذار الماضي.
وبررت وزارة التربية الوطنية قرار توقيف الأساتذة بـ"إخلالهم بالتزاماتهم المهنية"، دون توضيحات إضافية. وشمل القرار كلا من أحمد بالحوس، الأستاذ بكلية الطب بالدار البيضاء، وإسماعيل رموز، الأستاذ بكلية الطب والصيدلة بأكادير، وسعيد أمال، الأستاذ بكلية الطب والصيدلة بمراكش.
وأكد بالحوس لـ"العربي الجديد"، رفضه واستنكاره لقرار توقيفه عن العمل، وإحالته على المجلس التأديبي، لما فيه "من اعتداء وتعسف وظلم تحت ذريعة الإخلال بالالتزامات المهنية"، وأوضح: "بحكم عضويتي في مجلس كلية الطب والصيدلة في الدار البيضاء، ومجلس الجامعة، فمن مهامي القانونية، بل من مسؤولياتي، إبداء الرأي وتحمل مسؤولية المساهمة في صناعة القرار في القضايا المتعلقة بالطلاب، ومن واجبي بصفتي كاتبا عاما لمكتب النقابة الوطنية للتعليم العالي بالدار البيضاء، أن أعبر عن رأي الجموع العامة للأساتذة في كل القضايا التي تهم الكلية".
وتابع: "عندما قررنا عدم المشاركة في الامتحانات التي انطلقت يوم 10 يونيو/حزيران الجاري، استندنا إلى غياب الشروط البيداغوجية لإنجاحها، على اعتبار أنه لم يتم إتمام الدروس النظرية والأشغال التطبيقية، كما تحملت مع زملاء آخرين مسؤولية تدبير وساطة في هذا الملف بين الطلبة والحكومة، والأمر لم يكن سريا، لكن وزارتي التربية والصحة كانتا تريدانها وساطة في اتجاه واحد هدفها الضغط على الطلاب، إذ كلما نقترب من حل الملف تصدر الوزارة بيانا يساهم في تأجيج الأوضاع، والحل ما زال ممكنا شريطة توفر إرادة حقيقية".
Facebook Post |
ولم يخف الأستاذ بكلية الطب والصيدلة بأكادير، إسماعيل رموز، أنه ما زال تحت تأثير الصدمة من قرار الوزارة توقيفه، قائلا لـ"العربي الجديد: "لم أكن أتخيل أن مجرد كتابة تضامن مع الطلاب يؤدي إلى توقيف الأجرة والتوقيف عن العمل والإحالة على المجلس التأديبي. سألجأ إلى القضاء، وإلى الطرق الإدارية من أجل استرجاع حقي الذي يشهد به الأساتذة والطلاب، فخلال مسيرتي الطويلة في فاس، وفي أكادير، لم أقصّر يوما في واجبي المهني، ولم تسجل في حقي مخالفات".
ولمّح إلى أن "قرار الوزارة صدر في حق أساتذة عرفوا بدفاعهم المستمر عن الطلاب، وعن الجامعة العمومية، ورفضهم للخوصصة".
Facebook Post |
وعلقَ سعيد أمال، الأستاذ بكلية الطب والصيدلة بمراكش، على قرار الوازة قائلا لـ"العربي الجديد": "كنت مشاركا في مؤتمر عالمي لأمراض الجلد في إيطاليا، فإذا بي أفاجأ بقرار توقيفي. لم أفهم بعد الخلفيات الحقيقية للقرار، وسألت عميد الكلية، فقال إنه وصلته رسالة من وزارة التعليم العالي، وأحتاج لمطالعة القرار حتى تتضح الصورة لدي".
واستدرك: "إذا كانت مهامي النقابية، بحكم عضويتي في النقابة الوطنية للتعليم العالي، تتعارض مع تصورات الوزارة، فهذا شأن ثان، أما كتاباتي على وسائل التواصل الاجتماعي التي تظهر تعاطفي مع الطلاب المقاطعين للدروس والامتحانات، ففيها إبداء للرأي دون أي تحريض".
وأثار توقيف الأساتذة الثلاثة جدلا واسعا، وعبر الطلاب عن تضامنهم مع الأساتذة الموقوفين من خلال إطلاق وسمي #أساتذتنا_خط_أحمر و#متقيسش أستاذي (لا تلمس أستاذي)، ونددت بيانات من مختلف الهيئات والنقابات بخطوة وزارة التربية والتعليم واعتبرتها بمثابة تأجيج للأوضاع وعرقلة لملف الطلاب.
وأكدت النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر، في بيان وصل "العربي الجديد"، "مساندتها المطلقة وغير المشروطة للأساتذة الموقوفين، ولجميع القرارات التي ستتخذها نقابة الأساتذة الأطباء للدفاع عنهم"، كما نددت بما سمّته "محاولة إسكات الأصوات وتكميم الأفواه التي تعارض التوجه الذي تبنته الحكومة بخوصصة القطاع الصحي والتكوين الطبي"، مطالبة رئيس الحكومة بالتدخل العاجل "لرفع هذا الحيف الكبير الذي تعرض له الزملاء الموقوفون عن العمل".
كما أكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن "قرار التوقيف بالشكل الذي تم به مخالف للإجراءات القانونية، حيث اتخذ دون معرفة رد الأساتذة في استفسار يوجه إليهم، ودون استشارة اللجان الجامعية المختصة. هذا القرار سلوك انتقامي مشوب بالتعسف"، داعية الوزارة إلى التراجع عنه، والعمل على معالجة ملف كليات الطب بالحوار، والاستجابة الفورية للمطالب العادلة للطلاب، واحترام اختيارات الأساتذة ومواقفهم من الأزمة.
من جهتها، سجلت النقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي قلقها الكبير مما آلت إليه الأوضاع بعد "فشل السلطات في تدبير ملف الطلاب وحل المشاكل العالقة"، واعتبرت النقابة أن "ما أقدمت عليه وزارة التربية من إجراءات توقيف أساتذة كليات الطب خارج القوانين، وغير محسوبة العواقب، وسابقة ترجع بالمنظومة إلى الخلف، وتؤشر على انحدار الممارسات الإدارية بالتعليم العالي".