الأزمة المالية: تداعيات وأخطاء

19 أكتوبر 2014
+ الخط -

 
ربما تكون الحكومات الغربية، قد نجحت في إنقاذ المصارف الكبرى والنظام المالي العالمي من الانهيار، إبان الأزمة المالية العالمية التي بدأت عام 2008، ولكنها لم تفلح في إنقاذ الاقتصاد العالمي من الإفلاس.

وظل الضعف الشديد كامناً في الاقتصاد العالمي طوال السنوات الست الأخيرة، يظهر تارة في أزمة الديون، التي ضربت منطقة اليورو في 2011، وتارة في الاضطرابات المتكررة، التي تضرب أسواق الصرف العالمية، وأخرى في أسواق الأسهم والسلع.

وحسب اقتصاديين، فإن المعالجات التي أجرتها المصارف المركزية للأزمة المالية، أضافت جرثومة جديدة إلى أمراض الاقتصاد العالمي.

واقتصرت المعالجات على ضخ تريليونات الدولارات في محافظ المصارف الاستثمارية الكبرى، مثل "جي بي مورجان" و"سيتي جروب" الأميركيين و"لويدز بانك" و"سوسيته جنرال" البريطانيين، ولكنها لم تضخها في قطاعات الإنتاج والبنى الأساسية، التي تخلق فرص العمل الحقيقية.

وضخت المصارف المركزية العالمية أكثر من عشرة تريليونات دولار بشكل مباشر في المصارف الاستثمارية، وبدلاً من خلق فرص وظيفية في الأسواق الأميركية والأوروبية، ذهبت هذه الأموال للمضاربة في السلع وأدوات المال الأخرى لتحقق المصارف أرباحاً هائلة، في فترة وجيزة بعد أزمة المال.

كما أن سياسات التحفيز الكمي، التي نفذها مصرف الاحتياط الفدرالي الأميركي والمصارف المركزية الغربية خلال السنوات الست الأخيرة، هي عبارة عن ضخ لأوراق نقدية مطبوعة، وليست أموالاً تم الحصول عليها من خلال الوسائل الإنتاجية، وفق المحللين الاقتصاديين.

ويقول البروفسور جوزيف ستيجلتز، أستاذ الاقتصاد في جامعة كولومبيا الأميركية والحائز على جائزة نوبل للاقتصاد، إن الحكومات الغربية لم تتعلم من أزمة المال، وفشلت في خلق فرص وظيفية حقيقية تساهم في ردم الفجوة بين الفقراء والأثرياء.

ولاحظ ستيجلتز، الذي كان كبير مستشاري البنك الدولي، أن مستويات الدخول في أميركا تراجعت بمعدلات كبيرة، لتنخفض إلى مستوياتها في 1989، وكادت الطبقة الوسطى تختفي من السلم الاجتماعي.

وقد اضطر الرئيس الأميركي باراك أوباما، بعد عامين من أزمة المال، لإنشاء وزارة خاصة لخلق الوظائف في الشركات الصغيرة والمتوسطة، في أعقاب ارتفاع البطالة، ورفض المصارف إقراض الأعمال التجارية الصغيرة.

ويلاحظ أن تمويل الإنفاق في الاقتصادات الرأسمالية، يعتمد على دافع الضرائب، كما أن نظام دولة الرفاه المتبع في الدول الغربية، يدفع معاشات للعاطلين عن العمل، وبالتالي، فإن خلق الوظائف يعد العمود الفقري في هذه الاقتصادات وتحقيق معدلات نمو.
المساهمون