الأزمة الاقتصادية في تونس تهدّد حقوق المتقاعدين

21 نوفمبر 2018
التونسيون يأملون في تحسن أوضاعهم المعيشية (Getty)
+ الخط -
يغطي زخم السياسة والأزمة الاقتصادية التي تمر بها تونس ملف إصلاح أنظمة التقاعد، فيما يواصل المحالون إلى المعاش وحدهم مواجهة مصير غامض نتيجة تعثر صناديق المعاشات وتأخر البرلمان في المصادقة على قانون التقاعد الجديد الذي يفترض أن ينهي هذه الأزمة.

ومع نهاية كل شهر واقتراب موعد صرف الرواتب يتكرر سيناريو الخوف ذاته لدى نحو 900 ألف متقاعد من تأخر صرف مستحقات عبر حساباتهم المصرفية لفترات تتراوح بين يومين و4 أيام في بعض الأحيان، حسب متقاعدين لـ"العربي الجديد".

وتزيد التصريحات الرسمية من خشية المتقاعدين أن تطاول الإصلاحات الحكومية مكتسباتهم، وأن تلجأ الدولة تحت هذا العنوان إلى التقليص من رواتبهم.

يؤكد عضو البرلمان حسونة الناصفي أن اصلاح أنظمة المعاشات يجب أن يتم في إطار شمولي ووفق حلول جذرية تؤمن حقوق المتقاعدين الحاليين ومن سيحالون مستقبلا إلى المعاش.

وأشار الناصفي في تصريح لـ "العربي الجديد" إلى أن الإصلاح يبقى ممكناً متى توفرت الإرادة، مشدداً على ألا تكون الحلول المقدمة على حساب المنخرطين في الصناديق الاجتماعية بما تثقل كاهل الأجراء والمتقاعدين دون تقديم مكاسب جديدة.
واعتبر النائب بالبرلمان رفع سن التقاعد حلاً غير متكامل، مشيراً إلى ضعف الحلول التي أتى بها مشروع القانون الحكومي المحال على مجلس نواب الشعب، مشدداً على رفضه المساس بالحقوق المكتسبة للمتقاعدين لما يمثله من خرق واضح للدستور والمعاهدات الدولية والقوانين والأعراف الجاري بها العمل، حسب قوله.

واقترح الناصفي تنويع مصادر تمويل الصناديق الاجتماعية دون أن تبقى موارد الصناديق مقتصرة فقط على المساهمات الاجتماعية.

وطالب بتفعيل إجراءات الرقابة على المؤسسات التي لا تدفع مساهمات عمالها. واعتبر ما وصفه بمعركة صناديق المعاشات معركة تهم المجتمع التونسي بكافة شرائحه العمرية وليس المتقاعدين فقط.

وفي الأسبوع الماضي، قال وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي أمام البرلمان إن عجز الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية (صندوق معاشات القطاع الحكومي) يصل شهرياً إلى حدود 100 مليون دينار أي نحو 35 مليون دولار.

وأفاد أن الدولة تساهم بصفة استثنائية وبقيمة تتراوح بين 80 و100 مليون دينار شهريا، لضمان سداد أجور المتقاعدين في آجالها. وأشار إلى أن معدل مخصصات المتقاعدين في تونس يناهز شهريا 1200 مليون دينار ما يعادل 428 مليون دولار، في حين أن استخلاص مستحقات الصناديق الاجتماعية لدى المؤسسات العمومية أقل بكثير، داعيا البرلمان إلى الإسراع في المصادقة على قانون التقاعد الجديد.
وتوقع الوزير أن تمكن المصادقة على مشروع قانون اصلاح أنظمة التقاعد من حل نسبة 60 % من العجز المسجل في موازنات الصناديق، مشددا على ضرورة الدخول عقب ذلك في جولة أخرى من المشاورات مع اتحاد الصناعة والتجارة واتحاد الشغل.

وتقترح الحكومة ضمن مشروع قانون التقاعد الذي يناقشه البرلمان رفع سن التقاعد من 60 إلى 62 عاما، إلى جانب زيادة قيمة المساهمات لتوفير موارد جديدة تؤمن تغطية عجز الصناديق.

وتريد الدولة توظيف المساهمات الجديدة المقتطعة من الأجور على أساس الضريبة على الدخل المقدرة بـ1% لمواجهة أزمة هذه الصناديق التي تشكو عجزاً مالياً يفوق حالياً 1.9 مليار دينار (791 مليون دولار)، وفق البيانات الرسمية.

وتصطدم مقترحات الحكومة برفض جزء مهم من أعضاء البرلمان ممن يعتبرون الزيادة في المساهمات مساساً بالحقوق المكتسبة للمتقاعدين.
وتعد أزمة الصناديق الاجتماعية من الملفات العالقة منذ أكثر من 12 سنة، حيث تنبهت الحكومة إلى هذا الوضع المالي الحرج منذ سنة 2005، غير أن تأخر الحكومة والأطراف الاجتماعية في بحث الحلول أدى إلى تأزم وضعيتها، ما جعل وزارة الشؤون الاجتماعية تقرع أجراس الخطر.

وخلال الأشهر الماضية قاد المتقاعدون في العاصمة تونس ومحافظات عديدة من البلاد تحركات احتجاجية للتعبير عن رفضهم المساس بمكتسبات أمّنوها بمجهوداتهم ومدخراتهم طوال سنوات العمل.

ويحتاج 41% من المتقاعدين التونسيين إلى المساعدات العائلية لتأمين نفقاتهم المعيشية، وفقاً لبيانات رسمية كشف عنها مركز الإحصائيات الديمغرافية بمعهد الإحصاء الحكومي.
المساهمون