عامٍ 2018 سيكون مفصلياً بالنسبة لأوكرانيا وحرب روسيا من خلال انفصاليي المناطق الشرقية الموالية لموسكو. اعتاد الروس في حروبهم في عهد الرئيس فلاديمير بوتين، على الضرب قبل التفاوض، لتسير المفاوضات وفق شروطهم. واعتادوا أيضاً على رفع سقف شروط التفاوض إلى الحدّ الأقصى، بما يكفل لهم البقاء متقدمين بخطوة على الغرب. وفي هذا الصدد، جاءت تحرّكاتهم الأخيرة في الملف الأوكراني، في سياق استكمال الاستعدادات لكل الاحتمالات، بما فيها اجتياح أوكرانيا.
بعد اعتبار الملف السوري "شبه منتهٍ عسكرياً" بالنسبة لموسكو، وبدء المرحلة السياسية، انطلاقاً من مؤتمر سوتشي، باشر الكرملين عملية توجيه الأنظار إلى أوكرانيا. ففي يومي 5 و6 يناير/كانون الثاني الحالي، تعرّضت القاعدة الروسية في حميميم السورية، لهجمات بطائرات من دون طيار "الدرونز" مزوّدة ذخائر. على الأثر أفاد رئيس "إدارة صناعة وتطوير منظومة استخدام الطائرات المسيّرة" في هيئة الأركان العامة الروسية، اللواء ألكسندر نوفيكوف، أن "المادة المتفجرة في ذخائر الطائرات كانت تحتوي على مادة (تي اي إن)، التي تُصنع في عدد من البلدان بما في ذلك في أوكرانيا". فكان شبه اتهامٍ روسي لأوكرانيا.
وفي خطوة تستبق أي حلّ سياسي أو عسكري، دفعت روسيا بـ40 ألف جندي لها إلى منطقة روستوف، المحاذية لحوض دونباس، للمكوث فيها بشكل ثابت. مع العلم أنه في السابق، كان وجود هذا العدد الضخم من الجنود، يحصل فقط في مناورات عسكرية مرحلية.
فضلاً عن ذلك، فإن الخطوات السياسية غير مشجعة للوصول إلى حلّ سلمي حاسم في أوكرانيا. الوضع الاقتصادي في كييف بات أصعب من ذي قبل، خصوصاً مع ارتفاع الضريبة على السجائر، بنسبة 18 في المائة، "بغية دعم الخزينة والتخفيف من التضخّم الذي بلغ 0.7 في المائة في الشهر الأخير"، وفقاً لنائب رئيس المصرف الوطني الأوكراني، دميتري سولوغوب. ويفيد التاريخ بأنه سبق أن أدى ارتفاع أسعار الكحول في بولندا إلى بروز حركة "التضامن" في أواخر سبعينيات القرن الماضي، في مواجهة الحكومة المدعومة من الاتحاد السوفييتي في حينه، وهو أمر أفضى إلى اهتزاز المنظومة الشيوعية في الشرق الأوروبي. كما أن المبعوث الأميركي الخاص إلى أوكرانيا كورت فولكر، بدأ جولة سياسية في شرق أوكرانيا وكييف، ثم التقى فلاديسلاف سوركوف، مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لقاء قال عنه المتحدث الإعلامي باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إنه كان "لقاءً عادياً فقط".
الآن، إذا أراد الروس التحرّك، فسيكون ذلك بعد الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 مارس/آذار المقبل، وبعد الانتهاء من فعاليات كأس العالم لكرة القدم، المقررة بين 14 يونيو/حزيران و15 يوليو/تموز المقبلين. كما يريدون الانتهاء من الملف الأوكراني، استدراكاً لأي خطوة ممكنة في البلطيق مع ليتوانيا ولاتفيا واستونيا، أو ضد السويد، التي أطلقت "دليلاً إرشادياً حول ما يجب القيام به في حال وقوع الحرب مع روسيا"، وذلك في وقتٍ سابق من الشهر الحالي، وأيضاً ضد بريطانيا، التي اتهم وزير دفاعها، غافن وليامسون، روسيا بـ"التجسس على البنى الاستراتيجية البريطانية"، وهو ما وصفته موسكو بـ"اللاعقلانية". أمام أوكرانيا أيام صعبة.