27 سبتمبر 2018
الأزمات المعيشية أساس الثورات
يبدو أن الفشل يدفع إلى تشويه الحقائق. لهذا، تصبح الأزمات المعيشية سلاح الثورة المضادة. هناك من لا يريد أن يرى الحقائق، فيغرق في الأوهام، ويعمل على قلب الحقائق ذاتها. فالشعوب لم تثر لأنها تريد تياراً بعينه، أو حزباً محدَّداً. ثارت وهي لا ترى الأحزاب أصلاً. وثارت ليس من أجل "قيم عليا" لا تعرفها، نتيجة الاستبداد الطويل والتجهيل المقصود، بل ثارت، لأنها لم تعد تستطيع العيش.
هذا ملخص الثورات التي حدثت في البلدان العربية، والتي ستحدث فيها وفي غيرها من البلدان العربية، وستصل إلى بلدان كثيرة أخرى في القارات الخمس، حيث تتفاقم أزمة الرأسمالية وتتعمق وتتوسع، وباتت تقود إلى انهياراتٍ متتاليةٍ، من دون مقدرة على وقف هذه الصيرورة. لهذا، تعمل الدول الرأسمالية على التخفيف من آثار الانهيارات، أو تأخير حدوثها فقط. وهي انهياراتٌ تؤدي إلى تفاقم مديونية الدول، وبالتالي، محاولة حلّ الأزمة عبر "التقشف" وزيادة الأعباء على المواطن، حتى في الدول التي ثار الشعب فيها، لأنه لم يعد يستطيع العيش، مثل تونس ومصر واليمن.
لهذا تزيد الاحتقانات، وتتصاعد الأزمة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى الثورات، مرة وأخرى وثالثة، ما دامت المطالب لم تتحقق، والفقر يتزايد، وكذلك البطالة. لم يُسقَط "الإخوان المسلمون" من السلطة في مصر، لأن هناك من افتعل أزمات، بل، بالضبط، لأن الأزمات العميقة التي قادت إلى ثورة 25 يناير لم تحل، حيث بقي هؤلاء يكررون سياسة حسني مبارك الاقتصادية، وأكد أكثر من قيادي لديهم، أنهم لم يختلفوا مع مبارك في سياسته الاقتصادية، وهو أمر كان يظهر في دعم الخصخصة وإدانة التأميم، كما في قرار مبارك سنة 1997 بإعادة الأرض إلى "ملاّكها القدامى" (الإقطاعيون)، وهو أمر كان يعني أنهم مصممون على عدم حلّ مشكلات البطالة والأجر المتدني (حتى وفق الحد الأدنى الذي أقرته هيئة قضائية)، ولم يفكروا في تحسين البنية التحتية والصحة والتعليم. وما فعلوه محاولة إحلال مافيات بدل أخرى، مافيات إخوانية بدل مافيات حسني مبارك.
لهذا، كانت الثورة ضرورة من شعبٍ لم يعد قادراً على تحمّل الوضع الذي بات فيه، بغض النظر عمن يحكم، وكيف وصل إلى الحكم. فالشرعية منذ 25 يناير باتت للشعب وليس لصندوق الاقتراع، وباتت للشارع وليس للنظام "الديمقراطي". وما جرى في مصر أوضح مسألة حاسمة، هي أن الشعب لم يعد قادراً على الانتظار، بعد أن بات عاجزاً عن الاستمرار في الوضع الذي هو فيه، فلن ينتظر انتخاباتٍ بعد أخرى، على أمل أن يأتي "الحاكم العادل"، بل سوف يتمرّد كلما لمس أن السلطة الجديدة لم تبدأ، مباشرةً، في حلّ مشكلاته واحدة بعد أخرى. هذا سيكون وضع تونس واليمن، وكل البلدان التي حدثت فيها ثورات، والتي لم تحدث فيها ثورات. وهذا ينطبق على مصر الآن.
الأزمات المعيشية هي محرّك الثورات، وستبقى كذلك ما دامت النظم الجديدة لا تحلّ مشكلات البطالة والفقر الشديد والبنية التحتية والتعليم والصحة والسكن، قبل أيّ شيء آخر. وهذه مشكلاتٌ لا تخضع لانتظار طويل، ولا حتى متوسط، بل يجب أن تكون من القرارات الأولى لأي حكومةٍ تصل إلى السلطة بعد الثورة، ومن ثم يمكن أن تجري إعادة بناء الاقتصاد، بما يسمح لها أن تنجح عبر تغيير كلية النمط الاقتصادي، وليس الاستمرار في السياسات نفسها التي كانت سبب الثورات. بالتالي، يفترض انتصار الثورات تغيير الطبقة المسيطرة ومنظورها، وهو أمرٌ يعني أن كل الأحزاب المعارضة عاجزة عن تحقيق ذلك، وأن التغييرات ظلت في إطار "النظام القديم".
الأزمات المعيشية أساس الثورات، هكذا بالضبط. وهي أساس هزيمة "الثورات المضادة"، لأن الشعب يريد التغيير الجذري.
هذا ملخص الثورات التي حدثت في البلدان العربية، والتي ستحدث فيها وفي غيرها من البلدان العربية، وستصل إلى بلدان كثيرة أخرى في القارات الخمس، حيث تتفاقم أزمة الرأسمالية وتتعمق وتتوسع، وباتت تقود إلى انهياراتٍ متتاليةٍ، من دون مقدرة على وقف هذه الصيرورة. لهذا، تعمل الدول الرأسمالية على التخفيف من آثار الانهيارات، أو تأخير حدوثها فقط. وهي انهياراتٌ تؤدي إلى تفاقم مديونية الدول، وبالتالي، محاولة حلّ الأزمة عبر "التقشف" وزيادة الأعباء على المواطن، حتى في الدول التي ثار الشعب فيها، لأنه لم يعد يستطيع العيش، مثل تونس ومصر واليمن.
لهذا تزيد الاحتقانات، وتتصاعد الأزمة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى الثورات، مرة وأخرى وثالثة، ما دامت المطالب لم تتحقق، والفقر يتزايد، وكذلك البطالة. لم يُسقَط "الإخوان المسلمون" من السلطة في مصر، لأن هناك من افتعل أزمات، بل، بالضبط، لأن الأزمات العميقة التي قادت إلى ثورة 25 يناير لم تحل، حيث بقي هؤلاء يكررون سياسة حسني مبارك الاقتصادية، وأكد أكثر من قيادي لديهم، أنهم لم يختلفوا مع مبارك في سياسته الاقتصادية، وهو أمر كان يظهر في دعم الخصخصة وإدانة التأميم، كما في قرار مبارك سنة 1997 بإعادة الأرض إلى "ملاّكها القدامى" (الإقطاعيون)، وهو أمر كان يعني أنهم مصممون على عدم حلّ مشكلات البطالة والأجر المتدني (حتى وفق الحد الأدنى الذي أقرته هيئة قضائية)، ولم يفكروا في تحسين البنية التحتية والصحة والتعليم. وما فعلوه محاولة إحلال مافيات بدل أخرى، مافيات إخوانية بدل مافيات حسني مبارك.
لهذا، كانت الثورة ضرورة من شعبٍ لم يعد قادراً على تحمّل الوضع الذي بات فيه، بغض النظر عمن يحكم، وكيف وصل إلى الحكم. فالشرعية منذ 25 يناير باتت للشعب وليس لصندوق الاقتراع، وباتت للشارع وليس للنظام "الديمقراطي". وما جرى في مصر أوضح مسألة حاسمة، هي أن الشعب لم يعد قادراً على الانتظار، بعد أن بات عاجزاً عن الاستمرار في الوضع الذي هو فيه، فلن ينتظر انتخاباتٍ بعد أخرى، على أمل أن يأتي "الحاكم العادل"، بل سوف يتمرّد كلما لمس أن السلطة الجديدة لم تبدأ، مباشرةً، في حلّ مشكلاته واحدة بعد أخرى. هذا سيكون وضع تونس واليمن، وكل البلدان التي حدثت فيها ثورات، والتي لم تحدث فيها ثورات. وهذا ينطبق على مصر الآن.
الأزمات المعيشية هي محرّك الثورات، وستبقى كذلك ما دامت النظم الجديدة لا تحلّ مشكلات البطالة والفقر الشديد والبنية التحتية والتعليم والصحة والسكن، قبل أيّ شيء آخر. وهذه مشكلاتٌ لا تخضع لانتظار طويل، ولا حتى متوسط، بل يجب أن تكون من القرارات الأولى لأي حكومةٍ تصل إلى السلطة بعد الثورة، ومن ثم يمكن أن تجري إعادة بناء الاقتصاد، بما يسمح لها أن تنجح عبر تغيير كلية النمط الاقتصادي، وليس الاستمرار في السياسات نفسها التي كانت سبب الثورات. بالتالي، يفترض انتصار الثورات تغيير الطبقة المسيطرة ومنظورها، وهو أمرٌ يعني أن كل الأحزاب المعارضة عاجزة عن تحقيق ذلك، وأن التغييرات ظلت في إطار "النظام القديم".
الأزمات المعيشية أساس الثورات، هكذا بالضبط. وهي أساس هزيمة "الثورات المضادة"، لأن الشعب يريد التغيير الجذري.