واصلت الأجهزة الأمنية الأردنية حملة الاعتقالات التي بدأتها مساء الخميس الماضي، إذ أفادت مصادر أمنية بأن عدد المعتقلين بلغ حتى صباح السبت الماضي 18 ناشطاً.
وتأتي هذه الحملة، والتي استهدفت ناشطين، بينهم متقاعدون عسكريون، وعضو سابق في مجلس النواب الأردني، عشية قرار حكومي مرتقب برفع الأسعار، إضافة إلى فرض ضرائب جديدة على المشتقات النفطية.
ولم يعلن حتى الساعة عن أسباب هذه الاعتقالات ولم توجه أي تهم للمعتقلين، لكن مصادر متطابقة أكدت أن اعتقالهم جاء على خلفية موقفهم الرافض توجّه الحكومة نحو رفع الأسعار، وتغريدهم في مواقع التواصل الاجتماعي ضد هذه القرارات. كذلك اعتقل آخرون في أعقاب اجتماع عقدوه لتدارس عودة الاحتجاجات.
ومن بين المعتقلين النائب السابق في البرلمان الأردني، وصفي الرواشدة، والذي أعلن عن اعتقاله بعد مراجعته دائرة المخابرات عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك". وكان الرواشدة قد وجّه، من حسابه في "فيسبوك"، نداء إلى العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، للتدخّل.
كذلك طاولت الاعتقالات اللواء المتقاعد من جهاز المخابرات، محمد العتوم، والعميد المتقاعد عمر العسوفي، إضافة إلى عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين، عبد الرحمن الدويري، وناشطين في الحراك الاحتجاجي الذي انطلق في المملكة مطلع عام 2011 واستمر حتى مطلع عام 2013، للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية ومحاربة الفساد.
وقد دعا حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، الحكومة إلى الإفراج فوراً عن جميع المعتقلين السياسيين والتوقف عن سياسة تكميم الأفواه والتضييق على الحريات، على حد قوله.
وأرجع الحزب، في بيان وصلت "العربي الجديد" نسخة منه، حملة الاعتقالات إلى "مواقف المعتقلين السياسية وتعبيرهم عن آرائهم في ظل فشل حكومي في جميع الملفات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وحالة غضب واحتقان شعبي في الشارع على خلفية قرارات رفع الأسعار".
وأضاف: "هذه الممارسات الأمنية لن تُرهب المواطنين في التعبير عن آرائهم والدفاع عن حقوقهم المشروعة والمطالبة بإصلاح ومحاربة الفاسدين".
كذلك انتقد تيار التجديد، والذي تنضوي تحته ستة أحزاب وسطية، سياسة الاعتقالات، مطالباً بالإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي.
وأكد التيار، في بيان وصلت "العربي الجديد" نسخة منه، أن حرية الرأي والتعبير مفتاح للأمن وليست نقيضاً له، معبراً عن رفضه أنه "يلجأ بعض صناع القرار إلى تكميم الأفواه، ومنع الأحرار من التعبير عن رأيهم، معتقدين أنهم بذلك يحسنون صنعاً مع أنهم يهددون الأمن والنظام".
وفي أعقاب الاعتقالات، أصدر متقاعدون عسكريون بياناً شديد اللهجة حملوا فيه الملك شخصياً مسؤولية سلامة المتقاعدين العتوم والعسوفي، لكن مجموعة من المتقاعدين أصدرت بعد ذلك بياناً رفضت فيه ما جاء في البيان الأول، مجددين في الوقت نفسه ولاءهم للقيادة الهاشمية.
وعبّر الناشطون الأردنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن رفضهم الاعتقالات، مطالبين بالإفراج عن المعتقلين ووقف النهج الأمني، كذلك أطلق ناشطون حملة تهكّم على مواقع التواصل الاجتماعي تتحدّث عن فوائد الأعشاب الطبية، تعبيراً عن رفضهم مطاردة واعتقال من يتحدّثون في القضايا السياسية والاقتصادية.
وتزامنت حملة الاعتقالات مع توجّه حكومي لتشريع قانون جديد للتواصل الاجتماعي، حذّر خبراء وقانونيون من أن يساهم في خنق حرية التعبير المنصوص عليها في الدستور.