الأردن يتحرك لوقف نزيف اقتصاده: تعديلات بالموازنة

06 ابريل 2020
كورونا يفاقم معيشة الأردنيين (خليل مزراوي/فرانس برس)
+ الخط -

فيما تنشغل الحكومة الأردنية في مواجهة وباء فيروس كورونا والحد من انتشاره، ينتابها القلق على الوضع الاقتصادي المتهالك حيث تؤكد مؤشرات رسمية أن البلاد قد تدخل في أزمة اقتصادية حادة خلال الفترة المقبلة.

وكثّفت الحكومة تحركاتها، عبر اتخاذ عدة إجراءات من أجل إيقاف تدهور الاقتصاد، ومنها إجراء تعديلات على الموازنة العامة للإنفاق على متطلبات الحد من انتشار الفيروس وزيادة قدرات القطاع الصحي.

وقال مسؤول بارز في وزارة المالية لـ"العربي الجديد" إن الحكومة تعمل حاليا على إعادة النظر في موازنة العام الحالي والتي ستختلف معطياتها بالكامل نتيجة للأزمة التي تمر بها البلاد حاليا.

وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن وزارة المالية بدأت العمل لإصدار ملحق للموازنة يتضمن تغييرا في العديد من البنود بما يوفر مخصصات مالية عاجلة للحكومة للإنفاق على متطلبات مواجهة انتشار الفيروس.

وأكد أنه سيتم وقف تنفيذ بعض المشاريع المهمة وتحويل مخصصاتها لصالح إجراءات مواجهة المرض ومتطلبات فرض الأمن في البلاد.

وتبلغ موازنة الدولة للعام الحالي 13.83 مليار دولار بعجز مقدر بنحو 1.76 مليار دولار بعد احتساب المنح والمساعدات الخارجية، بينما يصل العجز إلى 2.9 مليار دولار قبل احتساب المنح مشكلاً ما نسبته 2.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووجه ملك الأردن، عبد الله الثاني، الحكومة للتخطيط لما بعد الفترة الحالية، ووضع جدول زمني واضح لحماية الاقتصاد واستدامته إضافة إلى وضع خطة لتخطي هذه الفترة الاستثنائية، وبذل أقصى الجهود للحفاظ على صحة المواطنين وسلامتهم باعتبارها أولوية. وأكد ضرورة تنسيق الحكومة مع القطاع الخاص واستشارته بشأن الخطط الاقتصادية والخطوات التي عليهما اتخاذها للحفاظ على الأمن الوظيفي للعاملين وضمان استدامة القطاع الخاص.

كما طلب من لجنة حماية الاقتصاد الوطني التي تم تشكيلها، أخيرا، اتخاذ سلسلة من الإجراءات المطلوبة ضمن خطة للمنعة الاقتصادية لدعم مؤسسات الأعمال وتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي وتحديد الفرص التي يمكن الاستفادة منها.

وقال نائب رئيس الوزراء الأسبق جواد العناني، لـ"العربي الجديد" إن الأردن سيواجه وضعا اقتصاديا صعبا خلال العام الحالي وربما الأعوام المقبلة، بسبب الانعكاسات السلبية لأزمة كورونا وتعطل مختلف الأنشطة الاقتصادية وتراجع الإيرادات المحلية المتأتية من الضرائب والرسوم إلى أدنى مستوى.

وحسب العناني فإن العجز المالي المقدر لهذا العام سيرتفع ربما إلى 2.6 مليار دولار، إضافة لوقف العمل بمشاريع استراتيجية وبنى تحتية وتحويل مخصصاتها لغايات تغطية متطلبات الإنفاق على مواجهة الوباء ومعالجة المصابين.

ولذا يؤكد العناني على ضرورة أن تتجه الحكومة إلى الاقتراض من الخارج بغض النظر عن نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي التي تبلغ حاليا حوالي 95%، ذلك أن الظروف الطارئة التي يعاني منها الاقتصاد تتطلب هذا الإجراء الاستثنائي.

وكانت الحكومة قد خصصت حوالي 700 مليون دولار تسهيلات مالية للشركات الصغيرة والمتوسطة لتمكينها من دفع رواتب العاملين لديها.

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، حسام عايش، لـ"العربي الجديد" إن الأردن سيكون من أكثر البلدان تأثراً بأزمة كورونا، إذ تسببت بشلل تام في الحياة العامة والاقتصاد بشكل خاص، حيث توقفت عجلة الإنتاج بشكل شبه كامل.

وأضاف أن القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية وغيرها متوقفة عن العمل حاليا وسط توقعات حكومية أن تمتد حالة التعطل عن العمل وفرض حظر التجول وإغلاق المحلات التجارية والأنشطة المختلفة لفترة طويلة لا سيما مع استمرار تسجيل إصابات بالفيروس يوميا.

وحسب تقديرات عايش فإن الأزمة ستُحدث اختلالات كبيرة في الموازنة العامة والتي تشكل الإيرادات المحلية المتأتية من الضرائب والرسوم جانبا كبيرا منها بخاصة حاصلات ضريبتي المبيعات والدخل والجمارك وغيرها.

وأشار إلى أنه نتيجة لذلك، ستخسر الموازنة جزءا كبيرا من إيراداتها حيث تقدر عائدات الضرائب سنوياً بحوالي 5 مليارات دينار.

ونبه عايش إلى خطورة عدم قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الجهات الدائنة حيث يتم حاليا تسديد حوالي 1.3 مليار دولار سنويا تمثل أقساط الديون والفوائد المترتبة عليها. وأكد أهمية قيام مؤسسات القطاع الخاص بدعم الجهود الحكومية لمواجهة الأزمة.

وتوقفت مختلف الأنشطة الاقتصادية بشكل تام منذ ثلاثة أسابيع تقريبا بعدما قررت الحكومة تعطيل القطاعين العام والخاص لمدة أسبوعين تم تمديدها لأسبوعين آخرين حتى منتصف الشهر الجاري مع احتمال إعادة التمديد مجددا. وتسمح الحكومة حاليا للمخابز والمحلات التجارية الصغيرة بمباشرة عملها لمدة 8 ساعات يوميا لتلبية احتياجات المواطنين من المواد التموينية.


أما المحلل الاقتصادي، سلامة الدرعاوي، فقال إن امتداد حالة توقف النشاط الاقتصادي وجمود حركة الاستهلاك يعني أن الدورة الاقتصادية ستشهد انعكاساً سلبياً خطيراً نتيجة توقف تحصيلات المالية للخزينة وهنا نتحدث بصراحة.. الخزينة بحاجة لحوالي 900 مليون دولار شهريا لضمان دفع رواتب العاملين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين والمبلغ يزيد على هذا الرقم بالنسبة للعاملين في القطاع الخاص الذين يناهز عددهم مليون عامل.

وأضاف: "وبالتالي توقف أو تراجع التحصيلات الضريبية وغيرها يعني أن الحكومة ستواجه عجزاً خطيراً في تلبية سداد رواتب العاملين إذا استمر هذا الوضع لفترات أطول."

وأعرب رئيس المرصد العمالي الأردني أحمد عوض، في تصريحه لـ" العربي الجديد" عن مخاوفه من حصول قفرة كبيرة في معدل البطالة الذي يبلغ حاليا 19% العام الماضي بحسب ما أعلنته دائرة الإحصاءات الحكومية، أخيرا. وقال إن آلاف الأردنيين فقدوا أعمالهم ووظائفهم من خلال إغلاق المحلات التجارية والمصانع والمقاهي والفنادق وغيرها.

المساهمون