أكد مسؤول أردني رفيع المستوى، أنه لا توجد لدى الحكومة نية لتمديد المهلة الممنوحة للعمالة الوافدة المخالفة لمغادرة البلاد، مشيرا إلى أنه من المقرر أن تنتهي في 16 أغسطس/آب الجاري، وبعدها سيتم إلزامهم بدفع غرامات مالية، بالإضافة إلى المبالغ المترتبة عليهم نظير رسوم تصاريح العمل عن السنوات السابقة.
وقال المسؤول، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إنه "بانقضاء المهلة سيتم ترحيل العمال المخالفين إلى بلادهم من قبل الجهات المختصة"، لافتا إلى أن عدداً من العمال استفادوا من الإعفاءات التي منحتها الحكومة خلال الأشهر القليلة الماضية، وغادروا المملكة في إطار خطة لخفض أعداد الوافدين، بهدف توفير فرص عمل للأردنيين، في ظل ارتفاع نسبة البطالة المتوقع أن تتجاوز 25% نتيجة التداعيات السلبية لجائحة فيروس كورونا.
ولا توجد إحصائيات رسمية بعدد العمال الوافدين في الأردن، إلا أن تقديرات تشير إلى بلوغهم نحو مليون عامل من جنسيات مختلفة، غالبيتهم من المصريين، يعملون في العديد من القطاعات، خاصة الزراعة والإنشاءات والخدمات.
وتشمل الحوافز الممنوحة للعمال الأجانب الإعفاء من غرامات الإقامة أو أي مبالغ تترتب عليها تتعلق برسوم تصاريح العمل، إضافة إلى تسهيل وتسريع حصولها على أي مستحقات مالية ترتبط بمؤسسة الضمان الاجتماعي وغيرها.
وقال رئيس المرصد العمالي الأردني، أحمد عوض، لـ"العربي الجديد" إن البطالة في الأردن مرشحة للارتفاع إلى مستويات قياسية نتيجة للآثار السلبية التي لحقت بمعظم القطاعات.
وأضاف عوض "من المرجح أن تعود أعداد كبيرة من الأردنيين إلى المملكة قريباً، حيث تفيد المعلومات المؤكدة تسريحهم من العمل خاصة في دول الخليج في ظل أزمة كورونا وانخفاض أسعار النفط".
واعتبر أن خفض أعداد العمالة الوافدة أحد الخيارات الرئيسية المتاحة للحكومة للحد من البطالة، في الوقت الذي يشهد فيه سوق العمل تنافسا شديدا على الوظائف من قبل المواطنين والوافدين واللاجئين السوريين.
ولفت إلى أهمية أن تقدم الحكومة على خطوات إضافية لتحفير الأردنيين للعمل في الفرص المتاحة، وذلك بتحسين الأجور وإلزام منشآت القطاع الخاص بتوفير التأمينات الاجتماعية اللازمة للعمال، مثل التأمين الصحي والضمان الاجتماعي وبيئة عمل مناسبة.
وكانت الحكومة قد قررت وقف التعيينات في الجهاز الحكومي العام الحالي، في إطار خطة الاحتواء المالي لأزمة كورونا، حيث تظهر البيانات الرسمية ضغوطا مالية كبيرة.
وبحسب أحدث بيانات حكومية، فقد ارتفعت مديونية الأردن إلى 44.3 مليار دولار بنهاية إبريل/نيسان الماضي، بما يعادل 101.7% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 96.7% مع نهاية العام الماضي 2019.
وتوقع البنك الدولي، في تقرير حديث، أن يتجاوز الدين العام في الأردن 107% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام الحالي بسبب تأثيرات جائحة كورونا، وأن يستمر نمو الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وصولاً إلى 108.5% خلال العام المقبل 2021.
ويرى خبراء اقتصاد أن الارتفاع المضطرد للمديونية العامة يلقي بأعباء ثقيلة على الاقتصاد لسنوات طويلة، حيث سترتفع أعباء أقساط القروض وفوائدها وتعذّر تنفيذ العديد من المشاريع والبرامج التنموية ذات الأولوية التي تحتاجها البلاد في هذه المرحلة.
يقول الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ"العربي الجديد" إن الدين العام تخطى منذ أكثر من 10 سنوات النسبة المستهدفة في قانون إدارة الدين العام الذي أصدرته الحكومة لإلزام نفسها بعدم التوسع في الاقتراض من الداخل والخارج، لكنها تجاوزت القانون ولم تطبقه نهائيا.
ويضيف عايش أن "القانون نص على عدم جواز تخطي المديونية ما نسبته 60% من الناتج المحلي الإجمالي، لكن اليوم نتحدث عن مستويات زادت عن الناتج المحلي وتجاوزت الناتج بكثير، وبإجماع الخبراء والمؤسسات المالية الدولية فإن حجم الدين سيواصل ارتفاعه خلال السنوات القلية المقبلة".
ويتابع أن الضغوط المالية الناتجة عن المديونية ستضيف تحديات كبيرة إلى الموازنة العامة التي ستبقى تعاني من ارتفاع العجز، لا سيما مع ارتفاع أقساط وفوائد الدين العام، مشيرا إلى أن الانكماش الاقتصادي الناتج عن أزمة كورونا قد يحد من قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها تجاه الجهات الدائنة، ما يدفعها إلى استبدال دين بدين.
واعتبرت الحكومة في وقت سابق تجاوز المديونية قانون إدارة الدين العام بالأمر المقبول ولا يعد ذلك مخالفة، حيث تم تجميد العمل بهذا التشريع ضمانا لعدم قدرة الحكومات المتعاقبة على الإبقاء على النسب المستهدفة في القانون.
ووفق البنك الدولي، فإن أزمة كورونا تشكل مخاطر سلبية كبيرة على الانتعاش الاقتصادي في الأردن، بالإضافة إلى عدم اليقين الإقليمي المتزايد الذي يشكل تحدياً إضافياً. كما توقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد الأردني بنسبة 3.5% خلال العام الحالي، على أن يعاود الاقتصاد نموه العام المقبل بنسبة 2%.
ويقول المحلل الاقتصادي مازن مرجي لـ "العربي الجديد" إن ضعف الأداء الاقتصادي وفشل السياسات الاقتصادية على مدى أكثر من 15 عاماً أدى إلى تفاقم مشكلة المديونية، لدرجة أصبحت لأول مرة أكبر من الناتج المحلي الإجمالي.
ويضيف مرجي أن استمرار الحكومة في الاعتماد على الاقتراض لسد عجز الموازنة يعد مؤشرا خطيرا ويعكس عدم قدرة الاقتصاد على تلبية الاحتياجات التنموية، والأخطر من ذلك أن نصل إلى مرحلة لا تستطيع فيها الدولة الوفاء بالتزامات الدين العام التي تشهد ارتفاعا كل عام، سواء أقساط القروض أو الفوائد المرتبة عليها.