توقع خبراء أن تشهد مديونية الأفراد في الأردن ارتفاعا كبيرا خلال العام الحالي بسبب الانعكاسات السلبية لجائحة كورونا على مستويات المعيشة، وخاصة مع توقف غالبية القطاعات الاقتصادية عن العمل لعدة أشهر وتعطل النشاط السياحي الداخلي والخارجي.
وقال خبراء اقتصاد لـ"العربي الجديد" إن الجائحة أدت إلى تراجع واضح في النشاط الاقتصادي وتباطؤ النمو وفقدان عشرات الآلاف فرص عملهم في مختلف القطاعات المتضررة من الأزمة، ما انعكس مباشرة على مستويات المعيشة وتراجع القدرات الشرائية للأفراد.
وأضافوا أن غالبية الأفراد لم يعودوا قادرين على تسديد التزاماتهم المالية وخاصة للبنوك والجهات المقرضة لهم من مؤسسات مالية وغيرها، في الوقت الذي ترتفع فيه المطالبات بالاستمرار بتأجيل استيفاء الأقساط الشهرية عن المقترضين.
وقال الخبير الاقتصادي، مازن مرجي، لـ"العربي الجديد" إن البنوك ورغم تشددها في منح التسهيلات فإنها باتت وجهة غالبية المواطنين للحصول على القروض لتغطية التزامات مالية أخرى، برغم ارتفاع أسعار الفائدة وخاصة القروض الشخصية وتغطية الشيكات والكمبيالات المحررة للغير.
وأضاف مرجي أن مديونية الأفراد تلامس 20 مليار دولار، وتشمل التسهيلات الممنوحة لهم من قبل البنوك والمؤسسات التمويلية الأخرى وكذلك القروض من أشخاص آخرين.
وتصاعدت الآثار السلبية لفيروس كورونا على معيشة الأردنيين، وسط توقع 64.7 في المائة من المستطلعين الأردنيين في دراسة مركز الفينيق الاقتصادي أن مستوى إنفاقهم وإنفاق أسرهم سيتراجع خلال الفترة المتبقية من عام 2020.
وحسب آخر بيانات أصدرها البنك المركزي حول مديونية الأفراد، فقد ارتفعت مديونيتهم في الأردن لدى البنوك والمؤسسات المالية غير المصرفية من 14.7 مليار دولار عام 2017 إلى 15.3 مليار دولار في نهاية عام 2018 وبنسبة زيادة بلغت حوالي 3.7%. ومن المتوقع أن ترتفع مديونية الأفراد لأكثر من ذلك خلال العام الحالي، حسب مراقبين.
ووفق تقديرات غير رسمية، فإن عدد المطلوبين للقضاء من الأردنيين بسبب قضايا مالية يتجاوز 300 ألف شخص، ومن المرجح ارتفاعهم بشكل كبير هذا العام، وخاصة إذا ما أضيفت قيمة الإيجارات المتراكمة على المستأجرين من شهر مارس/ آذار الماضي وحتى الآن بسبب أزمة كورونا.
وأعلنت دراسة غير حكومية أجريت أخيرا، أن 57 في المائة من العاملين في الأردن لحسابهم الخاص توقفت أعمالهم بالكامل، و29 في المائة توقفت أعمالهم بشكل جزئي.
وحسب نتائج الدراسة، فإن 40 في المائة فقدوا أعمالهم أو وظائفهم بشكل كامل خلال الفترة الواقعة بين منتصف مارس/ آذار ومنتصف مايو/ أيار 2020، حيث استهدفت الدراسة التعرف على تأثيرات أزمة فيروس كورونا على الأوضاع الاقتصادية للأسر في الأردن.
وأوضحت الدراسة أن الغالبية الكبيرة ممن لم تتأثر أعمالهم أو وظائفهم كانوا من العاملين في القطاع العام (المدني والعسكري).
وحسب بيانات البنك المركزي، فقد انخفض الدخل السياحي للأردن بنسبة 10.3%، فيما تراجعت تحويلات المغتربين الأردنيين بنسبة 5.4% خلال الربع الأول من العام الحالي.
ووفقا لبيانات دائرة الإحصاءات العامة، فقد بلغت نسبة البطالة في الأردن 19.3% خلال الربع الأول من العام الحالي، ويتوقع أن تقفز لأكثر من 25% خلال الفترة المتبقية من العام، فيما يرجح ارتفاع معدل الفقر عن النسبة المعلنة بشكل غير رسمي والبالغة 15.7%.
وقال الخبير الاقتصادي، حسام عايش، إن قروض الأفراد من المؤكد أنها ستشهد ارتفاعا بنسبة كبيرة خلال العام الحالي، ومرد ذلك إلى تعثر الغالبية عن تسديد القروض الشهرية للبنوك وما يترتب عليها من رسوم وفوائد إضافية، وكذلك لجوء آخرين للاقتراض من البنوك والمؤسسات المالية وتوقيع شيكات بسبب ضعف الحركة الاقتصادية وانكماش مختلف القطاعات.
وأضاف أنه قد لوحظ أخيرا ارتفاع في عدد القضايا المقامة ضد المتعثرين عن السداد، وكذلك زيادة في حالات الحجز على العقارات وخاصة الشقق السكنية لعدم مقدرة أصحابها على التسديد للبنوك.
وتابع عايش أن ذلك سيدفع الأفراد لمزيد من الاقتراض أو جدولة التسهيلات الحاصلين عليها أصلا بكلف عالية مالية مرتفعة، وخاصة مع توقف بعض البنوك عن تأجيل الأقساط الشهرية اعتبارا من نهاية يونيو/ حزيران الحالي فيما لم تلتزم بنوك أخرى بعدم تحميل المقترضين فوائد على تأجيل استيفاء القروض عن الثلاثة أشهر الماضية بسبب أزمة كورونا.
وحسب بيانات رسمية، بلغ عدد الشيكات المعادة لعدم كفاية الرصيد، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الحالي، ما يزيد على 197 ألف شيك قيمتها مقابل 74 ألف شيك للفترة نفسها من العام الماضي.
وبلغت قيمة الشيكات المعادة لعدم كفاية الرصيد خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الحالي نحو 850 مليون دولار، وبزيادة نسبتها 108% عن ذات الفترة من العام الماضي.
وكانت قيمة الشيكات المرتجعة في الأردن تراجعت العام الماضي بنسبة 7.6%، مقارنة بـ2018 وبلغت 2.21 مليار دولار.
ووجه البنك المركزي الأردني البنوك لإمكانية تأجيل أقساط شهر يونيو/ حزيران الحالي، بناء على مطالب المقترضين، وذلك بموجب طلبات تقدم من قبل العملاء إلى كل بنك.
وكانت البنوك أجلت أقساط قروض الأفراد عن الثلاثة أشهر الماضية بسبب تداعيات أزمة كورونا، لكن غالبية البنوك رتبت رسوما وفوائد إضافية رغم تأكيدات جمعية البنوك بعدم تحميل المقترضين أية أعباء مقابل عمليات التأجيل.