الأردن.. عندما يمسي التطرّف "شمّاعة" للقمع

03 ديسمبر 2014
حالة البلاد ليست ذريعة للاعتداء على الحريات (العربي الجديد)
+ الخط -

تزامناً مع حرب الأردن الداخلية ضد المتعاطفين مع تنظيم "داعش"، والتي طالت نحو 30 متعاطفاً، أوقفت الأجهزة الأمنية 21 ناشطاً سياسياً ونقابياً، بعضهم لم توجه إليهم أي تهمة حتى الآن، وهو ما اعتبره ناشطون سياسيون وحقوقيون في الأردن "تضييقاً من الدولة على الحريات تذرّعاً بالحالة الأمنية".

وخلال سنوات الحراك الشعبي الثلاث في الأردن، ورغم توقيف عشرات الناشطين وتوجيه تهم لهم تتعلق بأمن الدولة، إلا أنه لم يسبق أن شهدت الساحة السياسية حملة توقيفات تشبه الأخيرة التي طالت قيادات الصف الأوّل في جماعة الإخوان المسلمين، حيث أقدمت الاجهزة الأمنية على توقيف نائب المراقب العام للجماعة، زكي بني إرشيد، بعد أن وجه له النائب العام في محكمة أمن الدولة تهمة "تعكير صفو العلاقات مع دولة صديقة"، وانتقد محامي بني إرشيد ونقيب المحامين الأسبق صالح العرموطي توقيف بني إرشيد، مؤكداً أن هذ التوقيف "غير قانوني".

البارز في حملة التوقيفات الأخيرة أن معظمها تمت على يد دائرة جهاز المخابرات العامة، الذي ما زال يوقف حتى الآن عدداً من الناشطين، بينهم الصحافي الشاب خالد الدعوم، الذي أوقف فور عودته من تركيا حيث كان يصور فيلماً عن الجماعات الجهادية في سورية مع شركة طيف للإنتاج الفني بالتعاون مع قناة الجزيرة، ولم توجه لخالد أي تهمة حتى الآن، وهو أيضاً ما تكرر مع الطالب الجامعي تامر الحاج، الذي أوقفه الجهاز من مكان عمله في محافظة إربد، شمال عمّان، نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي ولم توجه إليه أي تهمة حتى الآن، ولم يعرف سبب توقيفه، وينطبق هذا الحال على نحو 7 ناشطين أوقفهم جهاز المخابرات بينهم نقابيون مقربون من التيار الإسلامي الأردني.

أماكن الاحتجاز المؤقت في دائرة المخابرات العامة الأردنية "حصن منيع" على المحامين الذين يمنعون عادةً من زيارة الموقوفين والنزلاء، كما أنه "حصن منيع" حتى على المركز الوطني لحقوق الإنسان الأردني الذي أكد في تقريره لعام 2013 عن حقوق الإنسان في الأردن، أنه نفذ زيارة واحدة علنية لمركز احتجاز المخابرات، منتقداً عدم قدرته على تنفيذ زيارات مفاجئة لمراكز توقيف الدائرة، التي أكد تسجيل الملاحظات ذاتها عليها كـ"طول أمد التوقيف القضائي للنزلاء بالإضافة إلى حالة العزلة التي يعيشها الموقوفون انفرادياً"، وأشار المركز إلى تلقيه شكاوى ضد الدائرة تتعلق بحجز جوازات السفر والوثائق الثبوتية، وعدم إبلاغ أسر الموقوفين بمكان توقيفهم، والحرمان من الزيارة.

حملة التوقيفات الأخيرة دعت جماعة الإخوان المسلمين إلى وصفها بأنها "تصعيد خطير جداً"، بينما رأت فيها رئيسة لجنة الحريات في نقابة المحامين، نور الإمام، محاولة من الحكومة الأردنية لاستغلال الحالة الأمنية والتخوفات من التعرض لهجمات إرهابية لتقييد الحريات في البلاد، والتضييق على الناشطين السياسين، مؤكدةً عدم وجود أي مبرر للتضييق على الحريات في حالات التخوف الأمني، وأشارت الإمام إلى أهمية الفصل في التعاطي مع الملفات وضرورة عدم التعدي على الحريات وبخاصة مواقع التواصل الاجتماعي التي وصلتها عين الرقيب في الفترة الأخيرة.

العاهل الأردني عبد الله الثاني قال، خلال افتتاحه الدورة العادية لمجلس الأمة، أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إن الحرب ضد التطرف "هي حربنا"، لكنه أكد أن الحالة التي تمر فيها البلاد ليست ذريعة لوقف الإصلاحات أو الاعتداء على الحريات وكرامة المواطن. ومنذ أن أعلن الأردن بشكل رسمي مشاركته في الحرب ضد "التطرف" وضد "داعش"، شددت الأجهزة الأمنية رقابتها على مواقع التواصل الاجتماعي، كما شددت رقابتها على الأخبار التي تتعلق بالجيش، كما بات كل مَن ينتقد "دولة صديقة" مهدداً بالمثول أمام محكمة أمن الدولة العسكرية.

*الأردن

المساهمون