الأردن: تهاوي النفط يُحبط استثمارات الصخر الزيتي

26 ديسمبر 2015
الأردن يعاني من أزمة وقود (Getty)
+ الخط -
يقف الأردن اليوم على طرفي نقيض تجاه انخفاض أسعار النفط التي هوت إلى أقل من 37 دولارا للبرميل؛ وهي أدنى مستوياتها منذ عام 2008، وسط توقعات أن تواصل هبوطها خلال الفترة المقبلة.
وتبلغ تكلفة استخراج النفط من الصخور الزيتية بحد أدنى 25 دولارا للبرميل، وترتفع التكلفة في بعض الأحوال إلى أكثر من 60 دولارا للبرميل، ما يجعل في استخراجه في ظل تهاوي أسعار النفط عالميا خسائر بالغة.
وبحسب خبراء ومسؤولين التقتهم "العربي الجديد"، فإن انخفاض أسعار النفط يشكل دعامة أساسية للاقتصاد الأردني في هذه الفترة، من حيث تراجع قيمة فاتورة البلاط النفطية التي تبلغ حوالي 6.5 مليارات دولار سنويا، بحكم أن الأردن يستورد كامل احتياجاته من المشتقات النفطية والنفط الخام من الخارج بالأسعار العالمية ما يريح الموازنة العامة التي تعاني من عجز مالي يبلغ أكثر من مليار دولار كل عام.
وعلى الجهة الأخرى، يرى مراقبون أن انخفاض أسعار النفط له انعكاسات سلبية وخطيرة على الأردن، وتحديدا على مشروعات الصخر الزيتي والاستثمارات الضخمة المنتظر ضخها، حيث إن هناك أربع شركات عالمية تجري الآن دراسات جدوى للمباشرة بتنفيذ مشاريعها.
وكانت الحكومة وقعت اتفاقيات مع شركات إستونية وسعودية وبريطانية لاستغلال الصخر الزيتي.
وقال خبراء إن أسعار النفط المنخفضة شكلت إحباطا للمستثمرين بمشاريع الصخر الزيتي في الأردن التي لن تعد مجدية إن بقيت عند مستوياتها الحالية.
وأشاروا إلى أن واحدة من خيارات الطاقة التي يتطلع اليها الأردن باتت في مهب الريح والاستثمارات أقرب إلى التوقف في حال استقرت أسعار النفط الخام على هذا الانخفاض.
وقال وكيل وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية غالب معابرة، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن أسعار النفط العالمية يحكمها العرض والطلب وكذلك العوامل السياسية والتطورات الدولية، مشيرا إلى أنه من غير المتوقع أن تبقى أسعار النفط على انخفاض عند المستويات الحالية.
وأضاف أن القرار الاستثماري في مشاريع الصخر الزيتي سيكون مبنيا على دراسات معمقة تجريها الشركات العالمية التي وقعت اتفاقيات مع الحكومة لاستغلال الصخر الزيتي، مشيرا إلى أن أي قرار سيأخذ بعين الاعتبار الجدوى الاقتصادية والأسعار.

وقال معابرة إن مشاريع الصخر الزيتي والاتفاقيات الموقعة بين أربع شركات عالمية والحكومة الأردنية تقوم على أساس استثمارات طويلة الأمد تصل إلى 40 عاما، وهي ستتم على أساس المشاركة بحيث تحصل تلك الشركات والحكومة على نسبة من العائد بعد بدء عمليات إنتاج النفط من الصخر الزيتي.
لكن مع انخفاض أسعار النفط إلى مستوياتها الحالية، قال معابرة: "لذلك بلا شك أثر كبير على استثمارات الأردن في الصخر الزيتي وعلى الأقل من الناحية النفسية، وبالتالي قد تطول عمليات استخلاص النفط من الصخر الزيتي الأردني إلى ما بعد 2022".
وقال ماهر حجازين، مدير عام الشركة السعودية العربية، وهي إحدى الشركات المستثمرة بالصخر الزيتي في الأردن: "انخفاض أسعار النفط سيؤدي إلى هروب المستثمرين من المملكة لعدم جدوى إقامة مشاريع في هذا المجال حاليا". وانخفضت أسعار النفط من 115 دولار للبرميل في يونيو/حزيران 2014 إلى أقل من 38 دولار.
وأضاف حجازين في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن أزمة النفط شكّلت حالة إحباط للشركات المستثمرة في مشاريع الصخر الزيتي التي لا تزال في طور إجراء الدراسات الاقتصادية، وإجراء العمليات الاستكشافية في مناطق الامتياز الممنوحة لكل منها.
واعتبر حجازين، أن السعر المشجع للاستثمار في مشاريع الصخر الزيتي يجب ألا يقل عن 60 دولارا للبرميل، "وإن انخفض عن ذلك فلا جدوى له"، متمنيا أن تعاود الأسعار الارتفاع مجددا لتحفيز المستثمرين والشركات للاستمرار في أعمالها.
وقدر رئيس هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن فاروق الحياري، في تصريح لـ "العربي الجديد"، احتياطي الأردن المؤكد من الصخر الزيتي السطحي والعميق بحوالى 70 مليار طن خام، وهي تقديرات مشجعة على الاستثمار لكن تستلزم أسعار نفط معقولة بما يكفل أرباحا للمستثمرين.
وقال الخبير في قطاع الطاقة والنائب البرلماني، جمال قموه، لـ "العربي الجديد": "استثمارات الصخر الزيتي طويلة الأمد، والأصل ألا تتأثر بما يجري حاليا من تغيرات متسارعة على أسعار النفط الخام لكن التبعات والآثار النفسية كبيرة".
وأضاف أن المشكلة التي قد تواجه الشركات صاحبة عقود الامتياز في الأردن لاستخلاص الصخر الزيتي تكمن في احتمال مواجهة عقبات توفير التمويل لتنفيذ مشروعاتهم ما قد يؤخر إنجازها.
وقال قموه، إن مشاريع الصخر الزيتي يعول عليها كثيراً في الأردن للتغلب على مشكلة الطاقة التي كلفت الخزينة مبالغ طائلة خلال السنوات القليلة الماضية وبخسائر منيت بها شركة الكهرباء الحكومية بأكثر من 9 مليارات دولار بسبب انقطاع الغاز المصري والتحول لتوليد الكهرباء باستخدام الوقود الثقيل، ما دفع الأردن إلى البحث عن بدائل لتوفير الغاز.

اقرأ أيضا: الأردن يتجه لزيادة الضرائب والأسعار لتخفيض العجز
المساهمون