الأردنيون يرتحلون من بيتٍ إلى آخر بسبب ارتفاع الإيجارات

27 أكتوبر 2014
السكن في الأردن أصبح أزمة (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
لم تخفِ السيدة عريفة (أم محمد)، حزنها وغضبها ممّا آلت إليه الأمور. فقد انتقلت أخيراً الى البيت الذي تقطنه حالياً مع زوجها وأطفالها الصغار، في منطقة ماركا الجنوبية بالعاصمة الأردنية عمان. وذلك، بعدما غادرت منزلها الاول مكرهة مع عائلتها، بسبب غلاء أجرته السنوية. أما الآن، فتواجه أزمة انتقالها من البيت من جديد، بعدما قرر المالك رفع أجرته السنوية بنسبة 50% مع بداية العام المقبل. 
التحدي الذي تواجهه عريفة اليوم، كما تقول لـ"العربي الجديد"، هو إمكان التوفيق بين دخل زوجها الشهري الذي يقدّر بـ 350 ديناراً، وبين إيجار المسكن البالغة قيمته شهرياً 190 ديناراً، إضافة الى الفواتير والنفقات اليومية. وتعتبر أم محمد، واحدة من بين عدد كبير من المواطنين الأردنيين الذين يعانون من زيادة كلفة استئجار المساكن، والذين ينتقلون من بيت إلى آخر هرباً من زيادة الإيجار.
يقول الخبير العقاري، محمد الخطيب، لـ"العربي الجديد"، إن انتعاش قطاع الشقق الفارغة ذات الإيجار الطويل، مردّه الطلب المتزايد عليها من قبل العائلات السورية. أما الشقق المفروشة ذات الإيجار القصير، فمرد ارتفاع كلفتها تدفّق العائلات الخليجية، التي وجدت في الاردن بيئة مستقرة لقضاء فرصها السنوية خلال الأشهر الماضية.
ويؤكد الخطيب أن "30% من الباحثين عن مساكن للإيجار هم من السوريين. وزيادة الطلب رفعت كلفة الإيجار بين 60 الى 100%، بحسب قرب المناطق من العاصمة".
كما شهدت مختلف مراكز المحافظات إقبالاً على السكن تركّز معظمه شمالاً، في أربد والمفرق والرمثا، نتيجة قرب هذه المناطق من الحدود. ولذا، ارتفعت الإيجارات في هذه المناطق تحديداً بشكل مذهل، لتقترب من تلك المعتمدة في العاصمة الأردنية.
وتنتج السوق العقارية الاردنية نحو 40 ألف شقة سنوياً تقريباً، حيث أظهرت الأرقام التي صدرت عن دائرة الأراضي والمساحة بيع 6275 شقة، تقل مساحتها عن 120 متراً، خلال الاشهر السبعة الاولى من العام الحالي. فيما بلغ عدد الشقق المباعة في الفترة ذاتها من العام الماضي 5407 شقق.
كما شهد الطلب على الشقق ذات المساحة المتوسطة، نمواً ملحوظاً، وبلغ عدد الشقق المباعة، وفق المصدر نفسه، 7341 شقة هذا العام، قابلها 5923 شقة العام الماضي.
ويتضح من خلال المؤشرات والبيانات المعلنة، تواصل ازدياد الطلب على شراء المساكن، بالرغم من ارتفاع أسعارها.
وقد قدّر تقرير الاستقرار المالي للبنك المركزي الاردني، الذي نشر أخيراً، متوسط سعر المتر المربع في عمان بنحو 909 دنانير، ومع أنه أقل كلفة من مثيله في الامارات ولبنان، حيث بلغ في الاولى 3571 ديناراً وفي الثاني 2618 ديناراً، إلا أن ضعف القدرة الشرائية في الأردن، جعل من الصعب سداد ثمن هذه المساكن.
رأي الشارع الأردني يتفاوت في تفسير ظاهرة ارتفاع كلفة السكن. ففيما يعتبر عدد كبير من الأردنيين أن النزوح السوري أدى الى انفجار أسعار المساكن، يرى المواطن أحمد صالح، أن ارتفاع الأسعار مردّه إصرار أصحاب المشاريع السكنية على جني أرباح طائلة "إنهم يستغلّون ارتفاع الطلب لزيادة أسعار الإيجارات على السكان".
في حين يرجّح المواطن عبد الوهاب المعايطة أن يكون السبب ارتفاع أسعار الحديد والاسمنت ومواد البناء عالمياً، إضافة الى العوامل الداخلية. في حين يصر المواطن حسن الزعبي على عدم ربط ارتفاع إيجارات المساكن بالنزوح السوري. ويقول الأخير إن "المعلومات تفيد بأن تملُّك السوريين للعقارات يأتي في المرتبة السادسة، مقارنة بالجنسيات العربية الأخرى، كالسعودية والكويتية والعراقية، وبالتالي فإن السبب الأساسي زيادة عدد السياح".
الخبير الاقتصادي، خالد جبر، يفسر الارتفاع في أسعار المساكن، لـ"العربي الجديد"، ويشرح أن ارتفاع حجم التداول في سوق العقار يشكل مؤشراً قوياً على زيادة الطلب. ويلفت الى أن الطلب أثّر على ارتفاع الأسعار في كافة المبايعات والتعاقدات العقارية. وقد أسهمت المبايعات لغير الاردنيين في تنشيط السوق العقارية، كما أن الإقبال الخارجي على الشراء بهدف الإقامة الدائمة أو المؤقتة أو لأغراض السياحة أو العمل، يبرز، وفق جبر، كعامل مؤثر وهام على صعيد ارتفاع الأسعار.
ويضيف جبر: "علينا ألا نغفل الأوضاع التي تشهدها دول الجوار حين تحليل ما يحدث في الأردن. فالأحداث السياسية المحيطة بنا هي السبب الأول لارتفاع قيمة العقارات. والمسكن، في المحصّلة، هو الملاذ الآمن عندما يفتقد الناس للاستقرار السياسي في بلادهم".
المساهمون