الأردنيون قبيل رأس السنة... العيد ليس للجميع

28 ديسمبر 2015
الاحتفالات تعم شوارع معينة في الأردن (Getty)
+ الخط -
ما الذي أتى بي إلى هنا؟ ولماذا بقيت لساعات أحدّق في تلك الإعلانات الضخمة المنتشرة في الشوارع استعداداً لاستقبال العام الجديد؟ يقول المواطن عبد القادر الزعبي. ويضيف: "في هذه الشوارع والأحياء السكنية الراقية، يمكن للمواطنين الاحتفال بعيد رأس السنة، لأنهم يملكون القدرة المالية لشراء تذاكر الاحتفالات، والتي تبلغ قيمة البطاقة في المتوسط نحو 400 دولار، وهو مبلغ كاف لإطعام أسرة فقيرة مدة شهرين تقريباً"، أما في الحي الذي أقطنه، فلا إعلانات ولا مطربين. في أغلب الأحيان يقتصر الاحتفال على أفراد العائلة وبعض الأصدقاء، ويأوي كل منا إلى فراشه" وفق الزعبي.

خارج المشهد

تأملات الزعبي تختصر مشاعر طبقة كبيرة من الأردنيين ما زالت ترى نفسها خارج المشهد الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد. إذ إن مظاهر الفرح ليست متاحة لجميع المواطنين، فالأفراح مقتصرة على ثلاثة أحياء فقط "مكة" و"عبدالله غوشة" و"الوكالات".
بحسب إحصائية مشتركة لوزارة التخطيط والتعاون الدولي ودائرة الإحصاءات العامة، فإن الشوارع الثلاثة المذكورة تستقطب 8% من مجموع تعداد السكان، ما يعني أن 92% من الشعب الأردني خارج الاحتفالات التي ستقام ليلة رأس السنة. هذا التفاوت النسبي في مستوى الدخل والإنفاق بين الطبقة الغنية وغيرها من الطبقات، يفسر تراجع المستوى المعيشي لثلاث شرائح سكانية، إحداها الطبقة الوسطى، والتي تشكل 29%، تليها الطبقة دون الوسطى والتي تشكل 48%، فالطبقة الأقل دخلاً ونسبتها 14.3% وتشمل شريحة الفقراء والأكثر فقراً.
تشير رئيسة مركز تمكين للدعم والمساندة في الأردن ليندا كلش إلى أن ما يعيشه الشعب الأردني يكشف وجود تباين حاد، بين شريحة تعيش الترف والبذخ، وبين شرائح أخرى تسكن أحياء بعيدة عن العاصمة، وتتطلع فقط إلى الاكتفاء وتأمين لقمة العيش، بسبب قلة الدخل والمورد. وتقول لـ "العربي الجديد": "لقد ألحق التضخم وارتفاع الأسعار أضراراً بالغة بهذه الفئات، لأنها لا تملك أي هامش تستطيع من خلاله أن تتكيف مع الظروف الجديدة للمتغيرات الاقتصادية، فضلاً مما تعانيه من انخفاض في معدلات الاستهلاك". وبغياب العدالة الاجتماعية يتفشى الفقر، وتعاني هذه الطبقات من التهميش والإقصاء والاستبعاد على المستويين الاقتصادي والاجتماعي". وفق كلش
بدوره يعتقد الخبير الاجتماعي عمر عبد اللات "أنه لا يمكن إيجاد مقاربة بين تكاليف الاحتفال بمناسبة العام الجديد لدى أسرة غنية، تصرف مجتمعة خلال يوم واحد ما يفوق مصروف 10عائلات فقيرة خلال شهرين، وتكاليف أسر متوسطة أو فقيرة، تحاول ما أمكن أن تختصر من النفقات لتواصل الإنفاق حتى نهاية الشهر". ويشير عبد اللات إلى أن الأسر الفقيرة تجد نفسها ملتزمة أدبياً أمام أفرادها بتأمين الحد الأدنى من احتياجات الاحتفال برأس السنة، وهي بذلك تحاول تأمين كل مستلزمات العيد عن طريق تحضيرها منزلياً نظراً لارتفاع الأسعار في الأسواق".
وبغياب أي تعديلات على الأجور المعمول بها حالياً، سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، يواصل مستوى المعيشة لدى الطبقات الثلاث بالتدني، نظراً لعدم وجود توازن بين الدخل والإنفاق، وهو ما يحول دون انخراط الفقراء في الجانب الاجتماعي. وبحسب الخبير الاقتصادي سمير العيادي "فإن غياب سياسات اقتصادية واضحة، لمعالجة الفقر في البلاد، وتدني الأجور، وعدم اتباع سياسات تشجع الافراد على القيام بمشروعات صغيرة، حرمت العديد من الطبقات الاجتماعية الانخراط مع باقي شرائح المجتمع ومشاركتهم فرحة الأعياد، مشيراً إلى أنه من الضروري أن تحصل الطبقة الوسطى والطبقة الفقيرة على حصة عادلة من ثمار التنمية، وذلك عبر برامج الحماية الاجتماعية وتأمين فرص العمل، وإلا فإن الهوة ستزداد بين طبقات المجتمع أكثر.

اقرأ أيضاً:الأردنيون يحلمون بالسكن ولكن!


المساهمون