لم تفقد إيران قدرتها على المناورة، بالملف النووي وباستطالات نفوذها في الجوار، وتوقعاتها الاقتصادية في حال رفع العقوبات، خدمةً لاقتصادها الذي يراه المحللون يؤهلها لأن تصبح سوقاً دولية ناشئة.
ظلت تضغط بتصعيد التوتر في الجغرافيا القريبة وبالتصلب في المحادثات مع مجموعة 5+1 لكي تصل إلى رفع كامل للعقوبات، وهي تعرف أن هناك ضغوطاً داخلية من الأوساط البترولية الأميركية على الإدارة.
وفي الحقيقة، كان الإيرانيون ماضين في تجيير التوتر والنووي، والعامل الاقتصادي لخدمة السياسة التي تحركها طموحات إمبراطورية. في الأثناء، كانت إدارة الطاقة في الولايات المتحدة، حذرت من أن الحظر البترولي الذي فُرض على إيران، يرفع أسعار البترول، بسبب اتساع الفجوة بين العرض والطلب.
وقدر الأميركيون نسبة تخفيض سعر البترول الخام، في حال رفع العقوبات عن إيران، تصل إلى 10% ما يجعل الولايات المتحدة توفر على نفسها 76 مليار دولار سنوياً.
وقد لعب "المجلس القومي الأميركي الإيراني"؛ وهو منظمة غير ربحية معنية بتطوير المصالح الأميركية الإيرانية المشتركة؛ دوراً ضاغطاً ولافتاً في دفع الأمور إلى اتفاق.
وأكدت هذه المنظمة مراراً، أن العقوبات المفروضة على طهران، تكلف الولايات المتحدة خسارة تجارية قيمتها 175 مليار دولار سنوياً، مع فقدان 279 ألف فرصة عمل.
أما الأوروبيون فإن خسارتهم على صعيد المبادلات التجارية مع إيران، تُقدر بالضعف، وكان الألمان أكبر المتضررين، يتبعهم الفرنسيون ثم الطليان.
لقد أوصلت العقوبات، الاقتصاد الإيراني، في السنوات الأخيرة، إلى حال شديدة الصعوبة، إذ فقد الريال الإيراني (التومان) %60 من قيمته، متأثراً بتجميد 80 مليار دولار قيمة الاحتياطي النقدي الإيراني في الخارج، وهبط إنتاج وتصدير البترول نحو نصف حجمه، وهذا كله، جعل الاتفاق حول الملف النووي ضرورة قصوى ولا بديل عنها.
لكن طهران أدارت أزمتها برباطة جأش، ولعبت بالتوقعات الاقتصادية، في حال رفع العقوبات، وهي تغوي الغرب، فجعلت العامل الاقتصادي، والثروة تحديداً، معادلاً موضوعياً لضغوطها في ميادين التوتر في الجوار، الأمر الذي يحث العرب، المنطوين على ثروات ومقدرات، على جعل ما يمتلكون عاملاً ضاغطاً لنصرة قضاياهم العادلة. فالأمر سهل، إن كان الحاكمون يعلمون، أو يؤمنون بأن لهم قضايا عادلة يمكن أن تتلمس طريقها الى حلول عادلة، في حال أرفقوا الأداء الاقتصادي بالسياسة!
اقرأ أيضاً: توقعات بارتفاع نمو الاقتصاد الإيراني إلى 6%